إعدام العودة.. هل تجمع الديكتاتورية شتات الربيع العربي وتوحده؟

يؤكد المراقبون أن قضية الإسلاميين في قلب الربيع العربي مترابطة ومصيرهم مشترك، يضطهد الإسلامي في الرياض بجريرة هزيمة الإسلامي في القاهرة وبغداد ودمشق، وحدة المشانق يجب أن توعي الإسلاميين تجاه وحدة القضية، وذلك ما ظهر في محاكمة الداعية السعودي الدكتور سلمان العودة، ومطالبة محكمة سعودية بإعدامه، ما جعل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يحذر من أن معاداة العلماء وسجنهم لقول الحق، نذير شؤم وعقاب.

وندد الأمين العام المساعد لاتحاد العلماء المسلمين، باستمرار استخدام القبضة الأمنية لتصفية واعتقال المعارضين بمصر، مشيرا إلى أنَّ ثورات الربيع العربي اكتشفت الشعوب، بينما أعادت الثورة المضادة اكتشاف القبضة الأمنية، واعتبر أنّ التجربة الديمقراطية التي مرت بها مصر في 2012 وانتهت بانتخاب الرئيس محمد مرسي، كانت “فاضحة” لممارسات العسكر مما سوغ الانقلاب عليها، قائلا: “كان فاضحا أن يوجد رئيس عربي منتخب يعيش ويسكن ويتصرف مثل بقية الشعب!”.

وحذر الاتحاد من مغبة معاداة العلماء وسجنهم لأنهم قالوا الحق بالحكمة والموعظة الحسنة، أو أنهم دعوا للألفة والصلح بين الأشقاء، أو أنهم بكوا لفزع ما رأوه من مخالفات شرعية في بلاد الحرمين الشريفين، أو أنهم حذروا من العواقب الوخيمة للجهر بالمعاصي

الخليج يحارب الديمقراطية

ورفض الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين رفضاً قاطعا تصنيفه بالإرهاب من قبل بعض الدول، مؤكدا أنه هو الذي فضح الإرهاب الذي خرج من عباءة بعض الدول، يقول الناشط توفيق حميد:” الكلام والحديث عن الوعي لا يكفي وجزء كبير منه فات أوانه، الإسلاميين بدهم شخصية قادرة على توحيدهم أو واعية للمخاطرة السياسية وتدرك كيفية التعامل مع الأقطاب الموجودة وتعمل على تدارك ما يحصل بخطة إستراتيجية”.

وكان الربيع العربي، نقطة تحول بالنسبة للشيخ سلمان العودة، حيث أصبح واحدا من أهم الشخصيات الإسلامية المعروفة في المملكة العربية السعودية، فهو من روّج في ذلك الوقت للديمقراطية والتسامح الديني، ويتابع الشيخ سلمان حوالي 4.5 مليون على “تويتر”، إضافة إلى عدة ملايين متابعة على موقع “يوتيوب” وهذا جعله شوكة كبيرة في خصر النظام الملكي السعودي.

وأبدت الحكومة عن استيائها من صراحته، التي تعتبر وفقا للمعاير السعودية بأنها تصريحات خطيرة، وهذا أدى إلى منعه من السفر للخارج بالإضافة إلى إبعاده عن وسائل الإعلام المطبوعة والمرئية، وصرّح الشيخ سلمان في مقابلة له نشرت في صحيفة ” نيويورك تايمز” “أن الحكومات الخليجية تحارب الديمقراطية في العالم العربي؛ لأنها تخاف أن تسود البلاد، دعنا نننظر إلى مصر فقد تم إرسال مليارات الدولارات بعد ما حدث الصيف الماضي، حيث يعتبر هذا مشروعا خليجيا وليس مشروعا مصريا، كما أن السعودية الآن تخسر أصدقاءها لكنها إن استمرت في هذا النهج ستخسر شعبها أيضا وهنا الكارثة “

واستعاذ الشيخ سلمان من دور حكومته عندما طرح موضوع الحرب في سوريا، حيث تساءل بسخرية عن الموقف السعودي في سوريا قائلا: “إن الحكومة السعودية تكره بشار الأسد و تكره تنظيم القاعدة وتكره الجماعات السلفية و تكره الجماعات المتحالفة مع قطر و تركيا و تكره الأكراد. فمن تحب إذا ؟

يتفق العديد من المحللين على صحة هذا التحذير كما أنهم يرون في الشيخ سلمان، شخصا بارزا يحظى بشعبية واسعة في دولة محافظة، ويذكر أن الشيخ سلمان هو الشيخ الوحيد من بين الشيوخ السعوديين من رحب وبشكل رسمي بالربيع العربي قبل ثلاثة أعوام، حيث نشر كتابا يحمل عنوان ” أسئلة الثورة” لاقى صدى كبيرا ونشر على نطاق واسع على الإنترنت، بينما منع في معرض الرياض الدولي للكتاب، وجمعت السلطات السعودية جميع النسخ الموجودة في المعرض قبل يوم من انتهائه، كما أنها أجبرت مسئول الجناح أن يكتب تعهداً على نفسه بعدم بيع أيّ نُسخة منه.

من جانبه يقول الكاتب والصحفي البحريني عباس بوصفوان إن أفكار سلمان العودة مرفوضة من قبل السلطة، وإن مطالبته بالإصلاح ليست جديدة، لكن ما بعد 2011 علا صوته كثيرا وانخرط في أحداث تونس ومصر، مما أغضب السلطات التي وقفت ضد الربيع العربي.

أسئلة الثورة

يعتبر العودة من رموز الإصلاحيين السعوديين، وبدأ مسيرته في الإصلاح السياسي والاجتماعي بشكل مباشر في مايو 1991، إذ وقع مع آخرين خطاب مطالب إصلاحية تحت إطار إسلامي، كما عارض بشدة التعاون مع الولايات المتحدة في حرب الخليج، فسجن منذ عام 1993 حتى 1999، بعد الإفراج عنه تصدر العديد من البرامج والشاشات السعودية والعربية، ليصبح أحد أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم العربي.

من خلاصات كتاب “أسئلة الثورة” أن “أول ما يطرق السمع بعد كلمة ثورة هي كلمة فتنة. ولن يكون الناس بخير إذا كان البديل عن الحاكم المستبد فوضى وصراعات قبلية أو مناطقية، ولكن القليل من يتفطن إلى أن الحكم المستبد هو من أسس لتلك الفوضى”.

ومنذ انقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي تم إعدام العشرات من المصريين، وطالبت منظمة هيومن رايتس مونيتور، سلطات الانقلاب في مصر بالوقف الفوري لعقوبة الإعدام في القضايا السياسية، وإعادة محاكمة المتهمين محاكمات عادلة ومنصفة تضمن لهم الحيادية والنزاهة والاستقلال، وفي الثالث من يوليو 2013 انقلب وزير الدفاع في ذلك الوقت السفيه السيسي على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر محمد مرسي، وأعلن عزله، واحتجزه في مكان غير معلوم، وعطّل العمل بالدستور، وصدرت أوامر باعتقال المئات من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أحيلوا لاحقا إلى المحاكمة، وصدرت أحكام بإعدام العديد منهم.