إعدامات جماعية تطال معتقلين لدى الجيش المصري في الكتيبة 101 بسيناء

قالت منظمة سيناء لحقوق الإنسان: أنها تمكنّت من الحصول على تفاصيل وأسماء الضحايا الذين تمت تصفيتهم في الفيديو المسرب الذي نشرته قناة معارضة مصرية ومقربة من الإخوان المسلمين (قناة مكملين)، واستطاعت أيضاً الحصول على معلومات الجناة ورتبهم والكتائب التي يعملون بها في الجيش المصري.

حيث ومنذ إذاعة الفيديو بتاريخ 20 أبريل/نيسان 2017 أجرت المنظمة زيارات وحوارات وأبحاث ميدانية مع مواطنين وأعيان من قبائل سيناوية، بالإضافة إلى سجناء سابقين وعناصر حكومية عسكرية ذات إطلاع على ما يجري، رفضوا الكشف والتصريح باسمهم، أفضت إلى تأكيدهم على “أن السلطات المصرية لفّقت فيه الوقائع التي عرضتها من خلال حساب وزارة الدفاع على اليوتيوب بتاريخ 5 نوفمبر 2016” والذي أظهرت فيه عدداً من المداهمات والعمليات الأمنية تحت إطار “عملية حق الشهيد”، وأن ما جرى هي عمليات “تصفية وإعدامات ميدانية” تكرر حدوثها في سيناء بالسنوات الآخيرة.

معتقلون سابقون أُعدموا بطريقة بشعة

قالت منظمة سيناء لحقوق الإنسان: إن الأشخاص الذين ظهروا في الفيديو جميعهم كانوا معتقلين لدى السلطات المصرية في مقر الكتيبة 101 في شرقي مدينة العريش، بزنزانة يقبع فيها حوالي 18 شخصاً، وذلك حتى تاريخ 1 نوفمبر 2016، ثم جرى نقلهم فجر يوم الأربعاء بتاريخ 2 نوفمبر 2016، حيث قالت لهم القوات المسؤولة عن نقلهم أنها سترحلهم إلى سجن العازولي، وهو نفس التاريخ الذي وقعت فيه عملية الإعدام خارج نطاق القانون.

وكان قد تم إعتقالهم في تواريخ مختلفة من ذات العام، من مناطق مختلفة من شبه جزيرة سيناء، بالتفصيل التالي:

قالت ثلاثة مصادر مختلفة لمنظمة سيناء لحقوق الإنسان: إن “محمد عبدالحميد معوض”، البالغ من العمر 29 عاماً، اعتقل من قبل حملة عسكرية على حي الصفا بمدينة رفح في يوليو 2016، في حين أكد مصدر أمني أن 3 منهم جرى اعتقالهم من قبل كمائن عسكرية، وهم: “نايف عبدالكريم العوابدة”، اعتقل من قبل كمين الريسة شرقي مدينة العريش في سبتمبر 2016، والشقيقان “داؤود وعبدالهادي صبري العوابدة”، أحدهما يبلغ من العمر 19 عاماً، والآخر نحو 16 عاماً، اعتقلا كلاهما من قبل كمين الحرية جنوبي رفح، في يوليو 2016، في حين أفاد سكانٌ محليون وزعيم قبلي أن “إسماعيل سليمان أبوبريص الحوص”، والبالغ من العمر 40 عاماً، والذي أقام بمنطقة المزرعة جنوبي العريش جرى اعتقاله من مقر عمله في يناير 2016، في حين أن “حسن موسى غانم”، يبلغ من العمر حوالي 54 عاماً، وأقام في قرية السبيل غربي العريش، لا يُعرف على وجه الدقة تاريخ اعتقاله، وأكد آخرون أن “محمود سالم البعيرة”، ثلاثيني، جرى اعتقاله من منزله الكائن في مركز بئر العبد غريب العريش في يوليو 2016، أما “منصور سالم سليمان الحوص”، البالغ من العمر نحو 32 عاماً، فقد اعتقل في شهر مايو 2016.

منذ اعتقالهم لم يتمكن أغلب ذووهم من التواصل معهم، أو معرفة مصيرهم، وهل تمت محاكمتهم أم لا، وبعضهم عرف عن ما جرى لهم بعد نشر الفيديو المشار إليه.

ووفقاً لشهادات مختلفة من مصادر محلية متعددة، فإن المنطقة الصحراوية التي وقعت فيها عملية الإعدام خارج إطار القانون هي قرية التومة جنوبي الشيخ زويد، وهي إحدى القرى التي نزح منها أهلها قسراً بسبب العمليات العسكرية المتكررة التي شهدتها المنطقة.

تشير منظمة سيناء لحقوق الإنسان أنها حصلت على فيديوهات أخرى للجريمة البشعة غير التي تم عرضها وتداولها، تمكنّت من خلالها من معرفة أسماء منفذي الجريمة، والضباط الذين أمروا بتنفيذها، وهو ما يؤكد أن عملية القتل جرت تحت غطاء رسمي، وأن ترتيب مسرح الجريمة ووضع السلاح بقرب الضحايا للإيحاء بأن هناك مواجهات قد جرت، يدفعنا إلى التشكيك بأي فيديوهات لعمليات مشابهة يُعلن الجيش عن تنفيذها في سيناء.

ليست المرة الأولى .. بل سبقتها عمليات أخرى

رغم المشاهد الصادمة التي ظهرت في الفيديو، إلا أن ما جرى قد حدث ولمرات عدة في سيناء وعلى نحو متكرر يمكن أعتباره نمطاً معتاداً لدى القوات المسلحة في ممارسة أعمالها في شبه جزيرة سيناء.

إذ وثقت منظمة سيناء لحقوق الإنسان في 27 يناير 2017 إعدام أربعة مدنيين في منطقة المتمثنى التابعة لمركز الحسنة بوسط سيناء، حيث جرى اعتقالهم وتقييد أيديهم من الخلف، ثم اقتيادهم أمام سكان القرية، بعدها أطلقت النار عليهم من وراء ظهورهم.

كما نشرت تقريراً رصدت فيه قيام قوات الشرطة المصرية بالتعاون مع القوات المسلحة بقتل ما بين 6-10 أشخاص كانوا معتقلين لديها أيضاً من مدينة العريش، إذ أعلنت عن مقتلهم فيما تصفه “عملية أمنية لمداهمة أوكار إرهابية” جرى فيها اشتباك بين قواتها ومسلحين، بتاريخ 13 يناير 2017، حيث تبيّن أن جميع الضحايا أيضاً كانوا معتقلين لديهم، وجرى اعتقالهم وإخفائهم قسرياً لمدد طويلة متفاوتة.

تشير منظمة سيناء لحقوق الإنسان أن عمليات الإعدام خارج نطاق القانون التي وقعت على مدنيين تُظهر على نحو واضح وحشية الانتهاكات الممارسة ضد السكان المحليين بحجة “القضاء على الإرهاب”، وغالباً لا يتم فيها مسائلة أو محاسبة الجناة، وعلى الرغم من أن الجمهورية العربية المصرية مُلزمة قانوناً بمنع هذه الجرائم، إلا أن تكرار هذه الوقائع يشير إلى أنها تتنصل من إلتزاماتها الواجبة والتي تقضي بإلزام القاهرة بمعاقبة مرتكبي الانتهاكات.

تصاعد وتيرة الانتهاكات الحقوقية

ومنذ إطلاق عمليات ما يُعرف بـ”إنفاذ القانون” فقد سيناء تصاعداً في عدد الانتهاكات الحقوقية، إذ شهدت المنطقة في الربع الأول من عام 2017 وقوع ما لا يقل عن 260 انتهاكاً، منها مقتل 107 مدني وإصابة نحو 111 آخرين، وتركز أغلبها في العريش ورفح، حيث حصدت كلا المنطقتان حوالي %76 من إجمالي الانتهاكات التي تم رصدها وتوثيقها في الفترة بين 1 يناير وحتى 31 مارس 2017، والتي نتج أغلبها من عمليات القصف المدفعي وإطلاق النار العشوائي من قبل القوات المسلحة المصرية بشكل أساسي وجماعات مسلحة.

قالت منظمة سيناء لحقوق الإنسان في بيان صحفي، صدر أمس السبت: يتعين إجراء تحقيق دولي عاجل في عملية الإعدام والقتل خارج نطاق القانون، وإنصاف الضحايا الذين ظهروا في الفيديو بمحاكمات عادلة يتم فيها محاسبة الجناة المسؤولين عن هذه الجريمة.