أسماك ”الغلابة” للتصدير.. والركود يضرب أسواق دمياط ”صور”

محمد إبراهيم

على بعد خطوات من سوق السمك القديم المعروف ب”القنطرة” في دمياط، جلس عم “أحمد” على كرسي خشبي قديم في انتظار الزبائن، التي قلّ وجودها في الأسابيع الأخيرة، باحثًا عن معارفه القدامى، الذين يثقون في جودة بضاعته.
“شغال في أكتر من 15 نوع سمك، وكل زبون وله طلبه عندي بس مين اللي هيشتري بالأسعار دي”، بهذه الكلمات كشف تاجر الأسماك، صاحب الستين عامًا ل”مصراوي” عن حالة الركود التي أصابت الأسواق، بسبب ارتفاع الأسعار.
ويعود تأسيس “القنطرة” أو شارع الخليج كما كان يطلق عليه سابقًا إلى ثلاثينيات القرن المنقضي، وكان قريبًا من الميناء الذي ترسو عليه السفن أمام السنترال القديم، وعُرف بإقبال الأهالي عليه نظرًا لتنوع الأصناف وجودتها، في ظل منافسة شديدة بين أكثر من 70 تاجرًا منذ زمن بعيد.
وبنبرة حزينة قالت “عبير. ر”، ربة منزل، إنها تعول أسرة مكونة من أربعة أفراد، ولا يمكنها شراء كيلو السمك ب60 جنيهًا، مضيفة: “كنت بشتريه من سنة واحدة بعشرين جنيه يعني الزيادة دي 300%، واللحمة وصلت ل 130 جنيه، والفراخ البيضا 38 جنيه، هناكل منين، أنا موظفة ومرتبي بيخلص قبل نص الشهر ولازم يبقى فيه حد للأسعار دي”.
ويقول أحمد بدوي، إنه يتاجر في الأسماك منذ كان يبيع كيلو “الشبار” كما يطلق عليه أهالي الإقليم بجنيه واحد، قبل أن يصبح سعره حاليًا 60 جنيهًا، الأمر الذي أثار استياء الكثير من المواطنين، خصوصًا وأنه كان “أكل الغلابة” من العاجزين عن شراء الأصناف الفاخرة.
وحكى تاجر الأسماك: “كيلو الشبار كان يشتريه الناس لتقديمه للبط، ولكن قيمته زادت في الأعوام الأخيرة وأصبح الإقبال عليه كبيرًا، لأنه يتم تصدير كميات كبيرة منه خلال الموسم، وكان فعلا أكل اللي مش معاهم يجيبوا غدا للبيت”.
وعن أسعار الأصناف الأخرى، بيّن لطفي البش، تاجر أسماك، أن كيلو “القروص” يتراوح سعره من 80 إلى 120 جنيهًا و”السهيلي” ب 100 جنيه، و”الجمبري” من 70 إلى 200 جنيه، و”البربوني” وصل سعره إلى 120 جنيهًا، و”الحنشان” بنحو 200 جنيه، والحجم الصغير ب 120 جنيهًا، وحسب الطلب فقط.
وكشف البش عن وجود الكثير من أنواع الأسماك الموجودة في الأسواق تباع على أنها “بلدي”، في حين أنها “مجمدة”، موضحًا: “بعض التجار يأتون بكميات من البضاعة الموجودة في التلاجات ويفككوها وصعب حد يعرف الفرق بينها وبين البلدي ويبيعوها للزباين وخصوصًا في السردين والجمبري والسيبيا”.
وأكد أن هناك عددا من زبائنه القدامى اتجهوا لشراء الأسماك المجمدة، للاستفادة من فروق الأسعار.
واستطرد: “فيه ناس بتيجي تتفرج على السمك وتسأل وتمشي ومش بنزعل، لأن ده رزق ربنا وفيه يقدر يشتري وفيه ميقدرش”، مطالبًا الحكومة بإنشاء مزارع سمكية والتكثيف من المفرغات لسد العجز في الأسواق والتخفيف من الضغط على المصايد وخصوصًا في بحيرة المنزلة وساحل عزبة البرج.
وأعزى البش الارتفاع الجنوني في الأسعار إلى النوات الشتوية المتعاقبة في هذه الفترة من كل عام، ما يؤدي لعزوف المراكب عن الخروج للصيد، خشية التعرض لحوادث، تزامنًا مع تصدير أطنان من البوري والمرجان والدنيس والقاروص.
من جهته، توقع ماجد البداوي، رئيس شعبة الأسماك بالغرفة التجارية بدمياط، انخفاض الأسعار خلال نهاية شهر أبريل المقبل، موضحًا تأثر التجار بشكل كبير بالارتفاع الذي بلغت نسبته أكثر من 25% خلال الفترة الماضية.
وأكد البداوي، في تصريح صحفي، أنه من الضروري دعم مشاريع المزارع السمكية لأن الأسعار في النهاية تحكم عن طريق “العرض والطلب” خصوصًا في مواسم التكاثر وزيادة الإنتاج، بعدما فضلت الكثير من المزارع تصدير الأسماك، بحثًا عن تحقيق أرباح أكبر من طرحه بالأسواق المحلية.