أبعاد التصعيد الأخير بين حماس واسرائيل

جاءت جولة التصعيد الاخيرة بين المقاومة الفلسطينية (حماس والفصائل)، والاحتلال الاسرائيلي مختلفة عن جولات التصعيد السابقة لأن كل طرف سعي لفرض معادلات جديدة للقوة، وسعي لاستعمال أقصى درجات الضغط على الشارع (في تل ابيب وغزة) من اجل تحقيق مكاسب في اتفاق التهدئة المقبل، فضلا عن انهاء اساطير ارتبطت بالمواجهات السابقة.

فقد سعت المقاومة (أولا) لفرض “معادلة ردع” جديدة هي “ضرب مقابل ضرب” على الاحتلال، وانهاء اسطورة القصف الصهيونية وقتما يحلو لهم لمواقع المقاومة وغزة، وسعت (ثانية) لخلق “توازن ردع” يتمثل في قصف العمق الصهيوني بحساب دقيق، أي مدن قرب مستوطنات غزة، مثل عسقلان وبير سبع حين وسع الاحتلال القصف وقصف مقرات حماس.

وحين حاول الاحتلال تكثيف الضرب في الجولة الاخيرة من التصعيد وقصف 120 هدفا كما قال عبارة عن مقرات عسكرية افرغتها المقاومة مسبقا، ووسع الضرب ليطال متنزه مدني ومبني المسحال الثقافي الذي يضم مقر الجالية المصرية واصاب 12 فلسطيني وقتل 4، زادت المقاومة من حجم القصف بـ 150 قذيفة، ما ادي لإصابة قرابة 30 اسرائيلي ظهر بعضهم والدماء تغطيه ما نقل رسائل للداخل الصهيوني.

وتدرك المقاومة أن القصف المتبادل لن يكون متوازنا، بالنظر لحجم الترسانة الحربية الصهيونية مقابل حركة مقاومة لا تملك سوي امكانيات قليلة ويمنعها الحصار من تحديد رصيدها من السلاح المستعمل، ولكنها تدرك ايضا ان معادلة التوازن تتحقق مع العدو لو أطلقت صاروخ واحد على المستوطنات، لأن العائد يتحقق وهو الرعب وتوقف الحياة في مستوطنات ومدن إسرائيلية قريبة من قطاع غزة (يطلق عليها غلاف غزة).

من هنا يمكن إدراك ابعاد التصعيد الاخير بين حماس واسرائيل، رغم اعلان حماس قبول الهدنة، وأن التصعيد استهدف تحقيق عدة أهداف منها:

1- سعي كل طرف لتحقيق أكبر مكسب عسكري لفرضه على المفاوضات السلمية في صورة مكاسب سياسية أكبر للطرف الفائز، وهنا قد يبدو العدو منتصرا بالنظر لحجم الدمار، بين أن الامور لا تقاس سياسيا وتفاوضيا بالدمار وإنما بالقدرة علي فرض مساومات وتنازلات على الطرف الاخر.

2- حماس لن تخسر كثيرا وهذا أحد بنود المساومة فهي محاصرة في غزة ومحاصرة من امريكا والغرب والسلطة الفلسطينية ويضغط عليها نظام السيسي للقبول باي تهدئة، حتى ان عباس كامل فرض عليها اتفاقية مصالحة جديدة غير التي قبلتها، تفرض نزع سلاحها، لهذا فهي تتفاوض بمنطق “الخاسر لن يخسر أكثر مما يخسره بالفعل)، وتحقق بموجب ذلك مكاسب برفضها أي ضغوط او تنازلات عن مطالبها.

3- بالمقابل، يحتاج نتنياهو بشدة لاتفاق تهدئة طويل الاجل لا يقل عن 5 او 10 سنوات مع غزة وانهاء الصداع الغزاوي في راس تل ابيب عبر مشاريع اقتصادية تشعر سكان غزة بالراحة وتخفف الاحتقان الذي يجلب تجدد الصراع كل فترة، ليس فقط بعدما نقلت طهران جبهة صراعها الي جوار تل ابيب بتواجدها العسكري في سوريا، ولكن أيضا بسبب قلق النووي الايراني، وتغير المعادلات بصورة متلاحقة في منطقة الشرق الاوسط والبحر الاحمر، لهذا فهو مضطر للقبول باتفاق مع حماس يتضمن تنازلات صهيونية.

4- التصعيد هذه المرة تضمن تحديا فلسطينيا غير عادي هو السعي لفرض معادلة جديدة للصراع حيرت الصهاينة، وهي القصف مقابل القصف، والاهم استمرار حرب الطائرات الورقية التي تشعل اراضي المستوطنات نارا وتحيل حياتهم الي جحيم والاهم أنها لا تدخل في معادلة “الضرب مقابل ضرب” ما اثار غضب الصهاينة ودفعهم لإدخالها الي المعادلة عبر شن هجمات مستمرة، ومع هذا فشل مسعاهم.

5- هناك مكاسب للسيسي من وراء التصعيد تتعلق بمحاولة تحجيم حماس، والاستفادة من لعبه دورا في التهدئة في اثبات أن الدور الاقليمي لمصر لا يزال فاعلا رغم خروج مصر من كافة المعادلات الاقليمية عقب الانقلاب العسكري وضعف قوة الدولة، فضلا عن اثبات ولائه وفائدته للولايات المتحدة، وهو السبب الرئيسي الذي يبرر به الامريكان فائدة السيسي لهم.

حماس فرضت معادلات النصر

لذلك يمكن القول إن الجولة الثالثة والاخيرة من الصراع والقصف المتبادل بين حماس والاحتلال الصهيوني والمستمرة منذ شهرين)، انتهت بانتصار استراتيجي للمقاومة رغم الدمار الهائل في غزة، بعدما نجحت المقاومة الفلسطينية في فرض (معادلات توازن) تمنع الاحتلال من العربدة كما كان يفعل ويضرب غزة كما يحلو له وهم صامتون، وأن غزة بات لها درع وسيف.

من هذه المعادلات:

1- كان الاحتلال يقصف ويضرب غزة وينفذ طلعات جوية دون رادع، والآن أصبح أي عدوان علي غزة يتم الرد عليه بقصف مستوطنات غلاف غزة.

2- كان الاحتلال يضرب في أي مكان .. الان القصف بالقصف يتم وفق حسابات دقيقة ومسطرة لا يحيد عنها أي طرف، فلو ضرب الاحتلال مناطق بخلاف الاراضي الزراعية أو مواقع لحماس (فارغة) مثل قصفه مبني مدني أو مقرات حماس القيادية ترد المقاومة بقصف أبعد من غلاف غزة مثل ضرب بير سبع وعسقلان.

3- لم يخرج القتال الأخير عن النمط المألوف إذ لم تستهدف الصواريخ المنطلقة من غزة، العمق الإسرائيلي وقال الجيش الصهيوني بالمقابل إن ضرباته الجوية تقتصر على منشآت حماس.

وبعد ضرب الاحتلال 120 هدفا في غزة، في الجولة الثالثة الاخيرة، اسفرت عن استشهاد 4 بينهم اسرة كاملة من 3 افراد، و12 مصابا، وإطلاق المقاومة 180 صاروخا، دمرت منازل مستوطنين وأصابت 20 مستوطنا صهيونيا، انتهي القتال بعد يومين بفرض معادلة تقوم على ضرب اهداف اسرائيلية كلما ضرب الصهاينة اهدافا في غزة، وعدم الانتقال الي مرحلة القصف الشامل.

وهذه اول مرة تفرض فيها المقاومة معادلة “ضرب مقابل ضرب”، ورغم أنه ضرب غير متكافئ إلا أنه أوجع الصهاينة ودفع اعلامهم للسخرية من نتنياهو ومسئولية العسكريين وتصوير اجتماعاتهم على انها اجتماعات بين أرانب برية تخشي القتال.

ويقول المحلل العسكري الصهيوني “رون بن يشاي” في صحيفة يديعوت احرونوت أن “إسرائيل تخشي خوض عملية عسكرية مع حماس أو التصعيد الان، وأن عودة إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون على النقب الغربي “يثبت مرة أُخرى أن “حماس” ليست مرتدعة”.

ويشير لأن “حماس تحاول أن تفرض علينا صيغة ردع خاصة بها، وأن سلوك الحكومة الاسرائيلية والمجلس الوزاري المصغر في الأشهر الأخيرة، وعمليات الجيش على الأرض، وإجراء المفاوضات مع مصر من خلال رئيس الشاباك ووسائل الإعلام الإسرائيلية، كل ذلك أوضح لزعماء “حماس” بصورة لا تقبل الشك أن إسرائيل مستعدة لأن تستوعب وتتحمل الكثير، فقط كي لا تضطر إلى خوض عملية عسكرية واسعة مع المقاومة الفلسطينية وتفضل انجاز التهدئة الذي ترعاه مصر وأطراف اممية.

اتفاق التهدئة .. الوسيط المصري يضغط

كان من الواضح أن كل طرف يسعي لفرض اوراق ضغط عبر العمل العسكري تفيده في المفاوضات السياسية حول التهدئة وتبادل الاسري لاحقا.

وتشير نتائج المعارك الاخيرة لاستمرار حماس في فرض معادلة التهدئة الجديدة (قصف مقابل قصف)، بعدما وصلت “حماس” إلى قناعة أن المفاوضات على التسوية بعيدة المدى (هدنة) المقبلة التي تجريها مع مصر ومع موفد الأمم المتحدة، يجب أن تمتلك الحركة فيها “الأوراق القوية الرابحة”.

والجديد هنا أن حماس كانت تتوقع ان تواجه المفاوض الصهيوني وحده، ففوجئت انها تواجه ايضا الوسيط المصري

ويري المحلل الفلسطيني صالح النعامي أن على المقاومة أن تحددا هدفا استراتيجيا رئيسيا لهذه المواجهة – اذا استمرت بدون تهدئة- وهو توريط الاحتلال في القطاع، بحيث يكون لاحقا هو صاحب المصلحة الرئيسة في تغيير الواقع في القطاع، وأن يمثل هذا التحول نهاية مرحلة كانت فيها المقاومة عنوانا للمسؤولية عن الأوضاع في القطاع مع كل ما ترافق معه من ابتزاز وهدفا لجباية الأثمان.

ويشير لأن “هذا سيكون تحولا مهما للمقاومة ولأهل غزة”، فقد يكون من الأفضل للمقاومة الاقتصاد في استخدام مقدراتها العسكرية والبشرية، بحيث يتم توظيفها فقط بشكل يضمن تحقيق هذا الهدف.

فقبل ان يسافر وفد حماس الي غزة لعقد اجتماعات المكتب السياسي للرد على المبادرات المصرية والدولية الخاصة بالمصالحة واتفاق تهدئة مع الاحتلال وتعمير غزة واتفاق تبادل للأسري، وأبلغت حماس مصر موافقتها على ورقة المصالحة المصرية مع السلطة الفلسطينية، فوجئت وهي تعود من غزة بورقة مصرية جديدة تختلف عن الاولي تنتصر لمطالب الاحتلال وسلطة رام الله فيما يخص نزع سلاح المقاومة!

وكشف هذا القيادي في الحركة “خليل الحية” في لقاء مع “الجزيرة” الاربعاء الماضي قال فيه: “تفاجئنا بوجود ورقة مصرية جديدة غير التي تفاهمنا عليها”، وشدد على أن “حماس لديها ملاحظات على الورقة المصرية الجديدة”.

وقال إن مصر قدمت ورقة أولية وافقت عليها الحركة مع ابداء بعض الملاحظات، لكنها تفاجأت بوجود مقترح جديد، مشيرا إلى أن حركته عرضت المقترح على الفصائل التي أكدت بدورها على ضرورة تطبيق اتفاق 2011 والالتزام ببنوده.

وأكد القيادي في حركة حماس، خليل الحية، أن لحركته “ملاحظات”، على الورقة الجديدة التي قدمتها مصر بغرض تحقيق المصالحة الفلسطينية.

ولم يكشف الحية تفاصيل الورقة الجديدة، لكنه أكد أن حركته تشترط رفع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، “العقوبات التي فرضها على قطاع غزة”، قبل البدء في تنفيذ المصالحة.

تفاصيل الورقة المصرية (الجديدة)

وجاء التعديل في الورقة المصرية الجديدة وعقب رد «فتح» بحسب “الحية”، ليشمل ثلاث مراحل بدلا من المراحل الاربعة للورقة المصرية الاولي، وهذه المراحل هي: المرحلة الأولى: مدتها أسبوع تتضمن عودة الوزراء ومباشرة أعمالهم وصلاحياتهم وبقاء كل شيء على ما هو عليه حتى انتهاء عمل اللجنة الإدارية المخصصة لبحث شؤون دمج موظفي حماس مع موظفي السلطة، ثم تتوجّه قيادات الأجهزة الأمنية في الضفة إلى مصر للقاء مختصين لفرض واقع أمني في غزة شبيه بالضفة، ثم تشكيل لجنة رقابية تضم بعض المستقلين إلى جانب ممثلين لـ«حماس» و«فتح» ومصر لمتابعة تطبيق بنود الورقة الجديدة.

المرحلة الثانية: ومدتها شهر تسلم خلاله حماس «الجباية الداخلية» للسلطة الفلسطينية مقابل تعهد الحكومة بصرف رواتب المدنيين والشرطة والدفاع المدني، مع استثناء رواتب الأمنيين نهائيًا، وكان المقترح المصري الأول يسلم سلطة الجباية لحركة حماس كليًا، على أن تقتطع منها رواتب الأمنيين.

المرحلة الثالثة: ومدتها عشرة أسابيع، تخرج بعدها الحكومة في مؤتمر صحفي تتحدث فيه عن الخطوات التي نفذت بالفعل، ثم السفر إلى مصر للبدء في ترتيب الإجراءات للانتخابات واستكمال أي أمور عالقة.

لهذا تحفظت ليس فقط حماس علي ورقة عباس كامل الامريكية، ولكن كافة الفصائل، وباتت الورقة الجديدة محل خلاف بين الفصائل وفتح ومصر، لأن ورقة المصالحة الجديدة التي قدمها عباس تكاد تتطبق مع سياسة عباس وأمريكا بشأن تنفيذ حماس والمقاومة ما يريدون بما فيه تسليم السلاح، ما دعا حماس إلى رفض ورقة المصالحة المصرية الثانية جملة وتفصيلًا.

أيضا جرى الاعتراض على الورقة المصرية الجديدة لأنها لا تضمن ما تم اتفاق عليه في اتفاق القاهرة عام 2011 بشأن كفالة حقوق الموظفين وإنهاء العقوبات.

وما زاد الغموض بشأن مستقبل المصالحة والورقة المصرية الجديدة هو حلقة الصراع الاخيرة بين الاحتلال وغزة، قبل أن تنضج صفقة التهدئة وتلويح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحماس بالحرب.

تفاصيل الورقة المصرية (القديمة)

وجاءت بنود ورقة المصالحة المصرية الاولي التي وافقت عليها حماس وتراجع عنها عباس كامل والرئيس الفلسطيني محمود عباس والادارة الامريكية ما يلي:

أولا المرحلة الأولى (لمدة أسبوع -يتم تنفيذها بالتوازي) وتتضمن:

● إنهاء الإجراءات المتّخذة ضد غزة بصورة فورية، وإعادة رواتب الموظفين بشكل كامل، ودفع الموازنات التشغيلية للوزارات، وتوفير وقود لمحطة الكهرباء بدون ضرائب.

● عودة الوزراء لوزاراتهم وفق البنية القائمة دون إجراء تغيرات لحين تنفيذ قرار اللجنة الإدارية / القانونية التي اتخذت قرارها بالتوافق.

● بدء مشاورات تشكيل حكومة وحدة وطنية ليتم تشكيل الحكومة خلال فترة أقصاها خمسة أسابيع.

ثانيا: المرحلة الثانية (المدة المبدئية ثلاثة أسابيع):

● تسليم اللجنة الإدارية / القانونية نتائج عملها للفصائل والحكومة للبدء في تطبيقها.

● تطبيق سياسة الرواتب على كافة الموظفين بالضفة الغربية وقطاع غزة.

● تسليم حركة حماس الجباية للحكومة الفلسطينية مع اقتطاع جزء من هذه الجباية لصرف رواتب الموظفين الأمنيين، الذين لا تشملهم إجراءات اللجنة الإدارية / القانونية لحين انعقاد اللجنة الأمنية والبت في وضعهم النهائي.

● رفع الحواجز على المعابر الحدودية مع مصر وإسرائيل مع الحفاظ على الاحتياجات الأمنية.

ثالثا: المرحلة الثالثة (من ثلاث أسابيع إلى شهر):

● تجتمع اللجان الأمنية المختصة بالضفة الغربية وقطاع غزة، لمناقشة موضوعات الأمن ووضع الآليات المناسبة لتنفيذها تحت إشراف مصري.

● تجتمع لجنتين متخصصتين في القضاء والأراضي على أن تشكّل كل واحدة منهما من ممثلين عن جهات الاختصاص في الضفة وغزة، تحت إشراف مصري للعمل على توحيد المؤسسة القضائية وسلطة الأراضي.

رابعا: المرحلة الرابعة (ثلاثة أيام):

عقد اجتماع للجنة تطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، بالعاصمة المصرية القاهرة، لوضع الآليات المناسبة لتنفيذ ما ورد باتفاق 2011، بشأن المجلس الوطني والانتخابات والمجلس التشريعي، والمصالحة المجتمعية، والحريات العامة في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وتصر “فتح” علي طرح شروط وعقبات اربعة في كل مرة يتم فيها طرح ملف المصالحة هي:

1. تسلّم السلطة دفعة واحدة، وليس كما اقترح الطرف المصري بالتدرج وفق عدة مراحل في إطار زمني يمتد لثلاثة أشهر.

2. رفض فتح التعامل مع أي من الموظفين الأمنيين الذين عيّنتهم حماس.

3. تتحفّظ فتح على وضعية السلاح لدى الفصائل الفلسطينية وتطالب بتوحيد السلاح الفلسطيني ما يعني عمليا نزع سلاح المقاومة، وهو امر مستحيل وخط احمر للمقاومة.

4. تتحفظ فتح على أن تتولى حماس مسؤولية جباية الاموال في غزة وتسليمها لها مع اقتطاع جزء من هذه الجباية لصرف رواتب الموظفين الأمنيين لحماس (40 ألف تقريبا).

وهذه الخطة الدولية تتكون من عدة مراحل بحسب الإعلام الصهيوني هي:

(المرحلة الأولى): تتمثل في تهدئة، وفتح فوري لمعبر رفح، والتخفيف في الحصار على معبري إيرز وكرم أبو سالم، وهذه الخطوات تنتظر رد إسرائيلي.

(المرحلة الثانية): اتفاق بين حركتي فتح وحماس لاستئناف دفع رواتب موظفي غزة، ودخول السلطة الفلسطينية لإدارة قطاع غزة برعاية مصرية، وتحضير الأوضاع لانتخابات فلسطينية خلال نصف عام.

(المرحلة الثالثة): تتمثل في الاستثمار الدولي في البنية التحتية في قطاع غزة، وتقليص البطالة، وربط ميناء غزة بميناء بورسعيد لنقل البضائع الفلسطينية.

(المرحلة الرابعة): والأخيرة تشمل تهدئة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي لمدة تتراوح ما بين 5-10 سنوات، وعملية تبادل جثث وأسرى.

وتبقي قضية الأسرى والمفقودين الإسرائيليين في القطاع جوهرية، وهناك محاولة لإجراء اتصالات في هذا الصدد في قناة منفصلة ستبدأ بالمضي قدماً بعد توقيع اتفاق مصالحة فلسطينية جديدة وبدء التسهيلات المدنية في القطاع.

مكاسب نظام السيسي من التهدئة

يحاول السيسي عبر مساعده عباس كامل الذي تولي رئاسة المخابرات العامة، الاستفادة من التهدئة بين المقاومة في غزة والاحتلال الإسرائيلي في تحقيق جملة من المكاسب السياسية والاقتصادية.

اذ أن التهدئة وتنفيذ اتفاق تعمير ورفع الحصار عن غزة من شأنه ان يوفر للقاهرة قرابة 7 مليارات دولار تذهب لشراء احتياجات غزة من الدولة الصهيونية، فضلا عن توفيرها الان الغاز لغزة.

وهناك توقعات مع بدء تدفق الغاز الصهيوني على مصر عبر شركات مصرية اول 2019 المقبل، أن تتولي حكومة السيسي توفير الغاز لغزة لتشغيل محطة توليد الكهرباء هناك من الغاز الاسرائيلي.

أيضا ستفيد اتفاقية التهدئة بيزنس الجيش لأنه السلع التي سيتم تصدير أغلبها لغزة ستنقل من مصانع الجيش في سيناء ومدن القناة الي غزة ما سيعدل دعما كبيرا للإمبراطورية الاقتصادية التي يملكها جنرالات الجيش المصري، ومصانع الجيش المصري في سيناء، لا سيما الأسمنت ومواد البناء وغيرهما.

أما المكاسب السياسية فتتمثل في اظهار ان القاهرة لا تزال لها قيمة سياسية اقليمية للدول الكبرى وبدونها يصعب حماية امن الدولة الصهيونية.

أيضا يحاول نظام السيسي من خلال الاتفاق، اظهار فائدته للدول الكبرى وتحسين مكانته لدى كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، ومن ثم زيادة الاعتماد عليه في تحقيق مصالح الغرب في المنطقة مقابل مساعدات ومعونات والتوقف عن انتقاده بسبب ملف قمعه للشعب المصري وحقوق الانسان.