ومضات ( في ظلال آية ) … “لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ “

ومضات

“لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ”
لقد كان هذا القصص يتنزل على رسول الله [ ص ] في مكة . والقلة المؤمنة معه محصورة بين شعابها ,
والدعوة الإسلامية مجمدة فيها , والطريق شاق طويل لا يكاد المسلمون يرون له نهاية ! فكان هذا القصص
يكشف لهم عن نهاية الطريق ; ويريهم معالمه في مراحله جميعا ; ويأ خذ بأيديهم وينقل خطاهم في ه ذ ا
الطريق ; وقد بات لاحبا موصولا بموكب الدعوة الكريم على مدار التاريخ البشري ; وبات بهذا الركب
الكريم مأنوسا مألوفا لا موحشا ولا مخوفا ! . . إنهم زمرة من موكب موصول في طريق معروف ; وليسوا
مجموعة شاردة في تيه مقطوع ،وإنهم ليمضون من نقطة البدء إلى نقطة الختام وفق سنة جارية ; ولايمضون هكذا جزافا يتبعون الصدفة العابرة !
هكذا كان القرآن يتحرك في الصف المسلم ; ويحرك هذا الصف حركة مرسومة مأمونة . . وهكذا يمكن اليوم
وغدا أن يتحرك القرآن في طلائع البعث الإسلامي , ويحركها كذلك في طريق الدعوة المرسوم . .
إن هذه الطلائع في حاجة إلى هذا القرآن تستلهمه وتستوحيه . تستلهمه في منهج الحركة وخطواتها ومراحلها
وتستوحيه في ما يصادف هذه الخطوات والمراحل من استجابات ; وما ينتظرها من عاقبة في نهاية الطريق
والقرآن – بهذه الصورة – لا يعود مجرد كلام يتلى للبركة . ولكنه ينتفض حيا يتنزل اللحظة على الجماعة
المسلمة المتحركة , لتتحرك به , وتتابع توجيهاته , وتتوقع موعود الله فيه .
إن الذين يواجهون الجاهلية الطاغية بالإسلام الحنيف ; والذين يجاهدون البشرية الضالة لردها إلى الإسلام من
جديد ; والذين يكافحون الطاغوت في الأرض ليخرجوا الناس من العبودية للعباد إلى العبودية لله وحده . .
إن هؤلاء وحدهم هم الذين يفقهون هذا القرآن ; لأنهم يعيشون في مثل الجو الذي نزل فيه:ويحاولون المحاولة
التي كان يحاولها من تنزل عليهم أول مرة ; ويتذوقون في أثناء الحركة والجهاد ما تعنيه نصوصه لأنهم
يجدون هذه المعاني ممثلة في أحداث ووقائع . وهذا وحده جزاء على كل ما يصيبهم من عذابات وآلام.
#في_ظلال_آية
#سيد_قطب
#ومضات
images (2)