بقلم: خالد حمدي
قرأتها في وردي أمس فعشتها بقلبي…
وكأن الله تعالى يقولها لكل من أنهى حياته فيما يرضيه..
وكأنه سبحانه يقولها لمن خرج من هذه الدنيا سليم الدين رغم شدة ما عانى، وعِظَم ما لاقى…
“وكان سعيكم مشكورا”
ما أروعه من عزاء، وما ألذه من تسرية بعد مكابدة شياطين الإنس والجن طوال عمر مديد…
وكأنها نهاية خدمة ربانية لمن أفنى عمره في مرضاة ربه، ولم يحد عن دربه..
يا لحظ من قيلت له… و يا لسعادة من عاشها على الحقيقة في عالم الآخرة!!
يقول عبد الرحمن بن مهدي: رأيت سفيان الثوري في النوم بعد موته، فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: لم يكن إلا أن وضعت في اللحد ووقفت بين يدي الله عز وجل فحاسبني حسابا يسيرا ثم أمر بي إلى الجنة فبينا أنا بين رياحينها وأشجارها لا أسمع حسا ولا حركة فإذا بصوت يقول: يا سفيان بن سعيد، هل تعلم أنك آثرت الله على نفسك؟ فقلت: إي والله… فأخذتني صواني النثار(الورود) من كل جانب…يعني وجد الورود تتساقط عليه من جنبات الجنة…
كم يحرك القرآن في النفس من سواكن، ويهيج فيها من أشواق؟!
لو لم يكن للمتعبين والمبتلين إلا هذه الجائزة بعد طريق طويل شائك مع الخلق من أجل الخالق سبحانه لكفى!!
“وكان سعيكم مشكورا “
اسمعها بأذن قلبك وهي تقال لك من رب العالمين، بعد صلاة لم تقطعها، وزكاة لم تمنعها، وأنفس لم تؤذها، فيلقاك سبحانه في أخراك يضحك إليك وتضحك إليه، وهو يقول لك:
“وكان سعيكم مشكورا “
قالت جارية لعمر بن عبدالعزيز: رأيتك يا أمير المؤمنين في المنام وكأن القيامة قد قامت، فلم يتحمل سماع بقية الرؤيا فأغشي عليه، فأسرعت إلى أذنه وقالت: رأيتك والله وقد قيل لك: نجوت نجوت… فقام يحبو فرحا وهو يبكي..
واشوقاه إلى بشارة النجاة بعد حياة موحشة ملآى بالمكاره…
“وكان سعيكم مشكورا “
في دنيانا يختزلها الناس في مجالس العزاء شكرا منهم لمن جاء مواسيا معزيا…
لكنها في الآخرة تقال في مواضع الأفراح والبشارات بعد دخول الجنات، والتجاوز عن الزلات وتكفير السيئات:
“إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا “
ما أجمل القرآن وما ألذه!!
والأجمل أن تأتيك كلماته النورانية على فاقة وعوز…
اللهم لك الحمد على نعمة إبقاء كتابك الجليل بيننا ليستشفي به كل قلب عليل… وأولهم قلبي.