مواقف من حياة الدعاة

موقف العزة والإباء:

1

المجاهد الشهيد عمر المختار أمام الجزار غراسياني

يقول الجنرال غراسياني في مذكراته:
(وعندما حضر أمام مدخل مكتبي تهيَّأ لي أني أرى فيه شخصية آلاف المرابطين الذين التقيتُ بهم أثناء قيامي بالحروب الصحراوية.

يداه مكبَّلتان بالسلاسل رغم الكسور والجروح التي أصيب بها أثناء المعركة، وجهه مضغوط لأنه كان مغطيًا رأسه (بالجرد)، ويجر نفسه بصعوبة؛ نظرًا لتعبه أثناء السفر بالبحر، وبالإجمال يُخيَّل لي أن الذي يقف أمامي رجل ليس كالرجال، منظره وهيبته رغم أنه يشعر بمرارة الأسر.

ها هو واقف أمام مكتبي نسأله ويجيب بصوت هادئ وواضح، وكان ترجماني المخلص النقيب (كابتن) خليفة خالد الغرياني الذي أحضرته معي خصِّيصَى من طرابلس ووجهت له أول سؤال:
س- لماذا حاربت بشدة متواصلة الحكومة الفاشيستية؟
ج- لأن ديني يأمرني بذلك.

س- هل كنت تأمل في يوم من الأيام أن تطردنا من برقة بإمكانياتك الضئيلة وعددك القليل؟
ج- لا، هذا كان مستحيلاً.

س- إذًا ما الذي كان في اعتقادك الوصول إليه؟
ج- لا شيء إلا طردكم من بلادي؛ لأنكم مغتصبون، أما الحرب، فهو فرض علينا، وما النصر إلا من عند الله.

س- لكن كتابك يقول: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195]، بمعنى لا تجلبوا الضرر لأنفسكم ولا لغيركم من الناس، القرآن يقول هذا.
ج- نعم.

س- إذًا لماذا تحارب؟
ج- كما قلت من أجل وطني وديني.

قال غراسياني: فما كان مني إلا أن قلت له: أنت تحارب من أجل السنوسية، تلك المنظمة التي كانت السبب في تدمير الشعب والبلاد على السواء، وفي الوقت نفسه كانت المنظمة تستغل أموال الناس بدون حقٍّ، هذا هو الحافز الذي جعلك تحاربنا لا الدين والوطن كما قلت.

عمر المختار: نظر إليَّ نظرة حادَّة كالوحش المفترس: لست على حق فيما تقول، ولك أن تظن ما ظننت، ولكن الحقيقة الساطعة التي لا غبار عليها أنني أحاربكم من أجل ديني ووطني لا كما قلت.

إعدام شيخ الجهاد والمجاهدين:
وفي يوم 16 سبتمبر من صباح يوم الأربعاء من سنة 1931م، عند الساعة التاسعة صباحًا نفَّذ الطليان في (سلوق) جنوب مدينة بنغازي حكم الإعدام شنقًا في شيخ الجهاد وأسد الجبل الأخضر بعد جهاد طويل ومرير، فرحمه الله رحمة واسعة، وألحقه بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
#مواقف_من_حياة_الدعاة
#ومضات
#مشروع_رمضان
#إلى_الجنة