عامر شامخ
قلنا مرارًا إن مقصود العسكر الأساس هو حرب الإسلام، وإن كانت البداية هى الحرب على جماعة الإخوان واتهامها بالخيانة والإرهاب. وكتبنا فى ذلك مقالات عدة منذ وقوع الانقلاب؛ منها (عسكر علمانيون)، أكدنا فيها أن (سيناريو) شبيهًا بما جرى فى ستينيات القرن الماضى سيتكرر بعد الانقلاب، وأن الهجوم سيطال ثوابت الدين ومقدساته، وهو عين ما يجرى هذه الأيام.
هناك الآن هجمات منظمة على الدين؛ مرة على الحجاب، وأخرى على القرآن، وثالثة على السادة العلماء، والمتابع المدفق يراها حملات ممنهجة، ذات هدف وحيد، لا تخلو من ذكاء فى طريقة الهجوم وموضوعاته واختيار شخصيات المهاجمين، وطريقة الانسحاب فى حالة الفشل. أما الهدف فهو الطعن فى الإسلام وهز صورته فى نفوس الشباب دونًا عن باقى الأديان التى بات أصحابها فى حصانة من مثل هذا الهجوم. بالطبع بحماية من النظام نفسه.
فى الستينيات؛ وبعدما فرغوا من سجن الإخوان وتشويههم ورميهم بشتى المعايب وبعدما ظنوا ألا وجود لدعاة مخلصين على الساحة -بدءوا فى الطعن فى الإسلام والقضاء على ما بقى من دعاته، فشوهوا رموزه، ووصموه بالرجعية، وسخروا من كل ما يمتُّ له بصلة، واعتبروه مانعًا عن التحضُّر، وقد نشطت دعواتهم لنشر العرى والسكر والعربدة بين المصريين، فضلًا عن كتم صوت الأزهر بدعوى تطويره. واليوم يريدونها فتنة كفتنة الستينيات، يريدونه إسلامًا خادمًا لهم مبررًا استبدادهم وظلمهم، يقنن الحرام ويحرم الحلال بدعاوى باطلة ونصوص ليس لها أصل فى كتاب أو سنة.
من أجل ذلك، أنا لست مع من يقللون من حجم هذه الهجمات ويرونها صادرة عن شخصيات -فى ظنهم- لا قيمة لها. والحقيقة أن تلك الشخصيات لها قيمة عند جماهيرها التافهة التى سرعان ما تتأثر بقولها وتلتزم به دون تمحيص، فضلاً عن أن السكوت سوف يشجع آخرين على المروق من الدين والخروج على الشرع، بله مهاجمته والاستهزاء بأركانه.
ردُّوا عليهم ردودًا منهجية تنصفوا بها دينكم، لا تدعوهم يمروا دون أن يعرفوا الحقيقة إن كانوا جاهلين، أو يأخذوا جزاءهم إن كانوا (مجندين مدفوعين)، لتكن الردود رصينة فاحمة يتولاها علماء كبار ودعاة خبراء بأساليب الطاعنين وأفانين المدلسين، ووسائل التواصل فرصة لإعادة الحق إلى الواجهة، وتصديره من جديد إلى من يعلم ومن لا يعلم، ولكبت المؤامرات التى تحاك، والحملات التى تبيت بليل مستهدفة هذا الدين العظيم.
لو جُمع ما قالته ابنة الممثل فى طعنها على شيخنا الشعراوى، مع ما قالته الممثلة عقب خلع حجابها، مع ما قاله أستاذ الطب النفسى -ربيب النظام-سيتأكد لك أن حملة اليوم على القرآن بعدما فرغوا من الحملة على السنة والطعن فى كتابى البخارى ومسلم، أما ابنة الممثل فقد أرادت هدم رمز ارتبط اسمه وعطاؤه بكتاب الله؛ فلو تشوه هذا الرمز تشوه معه القرآن، فضلاً عن أن الرجل عليه إجماع من المسلمين لم يقع لأحد غيره، فماذا لو علم هؤلاء الأتباع أن الرجل لم يكن على الحق كما ادعت هذه المستأجرة؟
أما الممثلة فأرادت التشويش بطريقة أخرى توقع البلبلة فى صدور أتباعها الجهال؛ إذ ادعت أن القرآن لم يتطرق للحجاب إلا فى أواخره، ولو كان ذا أهمية –أى الحجاب- لذُكر فى سوره الأولى. كلام سخيف بالطبع لكن قد يجد قبولاً لدى أنصارها ممن لا يعرفون من الدين إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه.
وأما أستاذ الطب النفسى فهو الأجرأ، وكيف لا يكون كذلك وهو الناصرى القح الذى يبرر الاستبداد ويؤيد المستبدين؛ إذ رأى -هداه الله- أن القرآن لا يشفى من الأمراض النفسية. كيف ذلك يا رجل؟ هل هناك أسلوب بحثى أو تجربة معملية اعتمدت عليها وأثبتت ذلك؟ وهل طرحت هذا على زملائك وأهل تخصصك؟ لم يحدث كل هذا. الخلاصة أن دورًا طُلب منه فأداه، وليس لأحد غيره أن يؤديه فهو من أهل التخصص اللامعين فى وسائل إعلام العسكر. لكن الحقيقة هو كاذب، ويعلم أنه كاذب.
أحذر من ترك الفضاء لهؤلاء المنافقين أو المغررين؛ فإنها فتنة الواجب إطفاؤها فى مهدها، فإن لم تنطفئ فتوقعوا امتدادها؛ فإن مستعظم النار من مستصغر الشرر، وهؤلاء –للأسف- يجدون على باطلهم أعوانًا، وفى حال نجاحهم بسبب نومنا واستهانتنا صرنا لهم ضحايا قد لا يساكوننا البلاد قريبًا، وإن قضية كقضية الحجاب التى يراها البعض هينة، أؤكد أنها من أخطر القضايا، وأنها اختيار مجرم من مجرميهم العالمين بما يفتُّ فى عضد المسلمين؛ فإنَّ نزع الحجاب عن نسائنا يعطى انطباعًا للرائى بأن البلد خال من الدين، وأن نساءه لم يعدن كاسيات، بل ماجنات يبغين الانفكاك من قيود الإسلام، وهذا فى حد ذاته تغيير فى الهوية، وتنشئة أجيال مضطربة على أيدى أمهات لا يلتزمن الحد الأدنى من التشريع، ولو سألتم: لم يدعو ساويرس النصرانى إلى نبذ الحجاب عن المسلمات؟ لأدركتم أن ذلك هدف الأقارب والأباعد من هؤلاء المجرمين.