كتب: حازم الأشموني
من الحقائق الدالة على خيانة جنرال العسكر ورئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، في ملف مياه النيل والتفاوض مع إثيوبيا في ملف سد النهضة، تنكيله بكل خبراء المياه الذين حذروه من مسار التفاوض بصورته التي أدت إلى الفشل الكبير، كما حذروه من التوقيع على اتفاقية المبادئ التي وقع عليها في 23 مارس 2015 بالعاصمة السودانية الخرطوم، مع رئيس وزراء إثيوبيا “هايلي مريام دالسين”، والرئيس السوداني عمر البشير.
فالدكتور نادر نور الدين، خبير المياه والموارد المائية، تم رفع دعوى قضائية ضده من وزير الري بحكومة العسكر وقتها الدكتور أحمد غازي. ود. نصر علام وزير الري الأسبق، والذي كان يحذر مرارًا وتكرارًا من مسار التفاوض، وانتقد اتفاق المبادئ فتم الزج به في السجن في قضية تم فتح ملفاتها بعد سنوات طويلة.
أما الدكتور أحمد المفتى، فقد تقدم باستقالته من لجنة النيل، بعد أن قدم تقريرًا لجنرال العسكر يحذره من التوقيع على اتفاقية المبادئ بالخرطوم.
التحقيق مع الدكتور نادر نور الدين
وكان الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الزراعة بالقاهرة وخبير الموارد المائية، قد أدلى بتصريحات لوسائل الإعلام، يؤكد فيها أن «سير المباحثات بقيادة وزير الري “غازي”، مع استمرار العمل والتقدم في بناء سد النهضة، يمثل خطرًا على الأمن القومي المصري ومستقبل الأجيال القادمة من المياه».
على الفور، تقدم الدكتور أحمد غازي، وزير الري وقتها، ببلاغ رقم 1654 إداري العجوزة، يتهم فيه نور الدين بسبه وقذفه، مطالبًا بسجنه وتطبيق أقصى عقوبة بالحبس، مع تعويض مؤقت يسمح للوزير بالحصول على تعويض قدره مليون جنيه.
وفي 10 نوفمبر 2015م، تم التحقيق مع خبير الزراعة والموارد المائية بنيابة العجوزة، حيث أوضح موقفه من مستقبل الأمن القومي، وأنه انتقد سياسات الوزير وليس الوزير نفسه، لافتا إلى أن المقصود بالخطر على الأمن القومي، هو تقدم العمل في السد دون حصول مصر على ضمانات لحصتها المائية، وأن سير المفاوضات بهذه الكيفية “لا يرضى المختصين ولا رجل الشارع”.
وعرض “نور الدين” عدة مقالات لكبار الصحفيين في مصر، التي تنتقد أداء الوزير في المباحثات، وترى أن الموضوع كبير عليه، وأن استراتيجية المفاوضات المصرية لا بد أن تتغير.
السجن 7 سنوات لعلام
والدكتور محمد نصر الدين علام شغل منصب وزير الموارد المائية والري منذ 15 مارس 2009 وحتى 30 يناير 2011م. وكان قبل توليه الوزارة، أستاذا ورئيس قسم الري والهيدروليكا بجامعة القاهرة، وهو عضو مجلس وزراء شئون المياه في دول حوض النيل، وقد عرف عنه انتقاده الواسع لمسار التفاوض مع إثيوبيا واتفاق المبادئ.
وفي شهر فبراير 2017م، قضت محكمة جنايات الجيزة، برئاسة المستشار عبد الشافى السيد عثمان، بمعاقبة محمد نصر علام، وزير الرى الأسبق، وأحمد عبد السلام قورة، رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية الكويتية لاستصلاح الأراضي، بالسجن المشدد 7 سنوات؛ لاتهامهما بـ«إهدار 37 مليار جنيه من المال العام، وتمكين الشركة من الاستيلاء على 26 ألف فدان بمنطقة العياط، والسماح لها بتحويل نشاط الأرض من زراعي إلى عمراني».
وبحسب مراقبين، فإن نظام العسكر الذي يتستر على كل جرائم نظام مبارك، فتح ملفات علام لتأديبه على موقفه الرافض لسياسات رئيس الانقلاب في ملف المياه وسد النهضة مع إثيوبيا.
استقالة الدكتور أحمد المفتي
ويعد العالم السوداني الدكتور أحمد المفتي، عضو اللجنة الدولية لسد النهضة الإثيوبى، خبير القانون الدولى، أحد أهم الخبراء الذين حذروا من خطورة انفراد “إثيوبيا” بملف السد دون التنسيق والتعاون مع دولتي المصب، ومع تجاهل الخرطوم والقاهرة لتحذيراته اضطر “المفتي” إلى تقديم استقالته من لجنة سد النهضة.
وكشف “المفتي” عن أن اتفاق المبادئ الذى وقعه قادة مصر والسودان وإثيوبيا، أدى لتقنين أوضاع سد النهضة، وحوله من سد غير مشروع دوليا إلى مشروع قانونيا. وأضاف المفتى، المستشار القانونى السابق لوزير الرى، أن الاتفاق ساهم فى تقوية الموقف الإثيوبى فى المفاوضات الثلاثية، ولا يعطى مصر والسودان نقطة مياه واحدة، وأضعف الاتفاقيات التاريخية، موضحا أنه تمت إعادة صياغة اتفاق المبادئ بما يحقق المصالح الإثيوبية فقط، وحذف الأمن المائى، ما يعنى ضعفا قانونيًا للمفاوض المصرى والسودانى.
الأخطر ما كشف عنه المفتي أن اتفاق المبادئ أعدته إثيوبيا بمشاركة 7 خبراء، بينما لم يشارك أي خبير سواء من مصر أو السودان؛ وهو ما يعكس حجم الإهمال أو الخيانة على الأدق من جانب الجنرال الذي تسبب في إهدار حقوق مصر المائية.