نشرت مجلة “إكسبرس” الفرنسية تقريرا حول استعداد مهندسين روسيين لإطلاق خدمة إنترنت تعتمد على تكنولوجيا البلوكتشاين، وتتميز بالسرية الشديدة وحماية الخصوصية، مع إتاحتها كل المميزات الموجودة في الإنترنت العادية، لتكون خيارا بديلا متاحا لمن يتعرضون للرقابة الحكومية والتضييق وانتهاك الخصوصية.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21“، إن شبكة الإنترنت الجديدة المسماة اختصارا “تون” (اختصار لعبارة شبكة تلغرام المفتوحة)، هي عبارة عن منصة بلوكتشاين مماثلة للإنترنت الآمن والقابل للتوسع. وستتيح هذه الشبكة الدخول للمواقع الموجودة في الإنترنت العادية، وسيكون فيها متجر تطبيقات خاص بها، ونظام للدفع الإلكتروني، ونظام لتخزين الملفات الضخمة، ونظام آخر للإبحار دون الكشف عن الهوية.
وأضافت المجلة أن هذه الشبكة البديلة سوف تتمتع بنظام أسماء نطاقات خاص بها، من أجل تقصير العناوين الإلكترونية المعقدة والطويلة. كما أن الدفوعات المالية ستكون ممكنة عبر خدمة الدفع الإلكتروني الألمانية “وايركارد”. أما وحدة الدفع المالي فستكون الغرام، وهي العملة المشفرة الخاصة بشبكة تلغرام المفتوحة “تون”.
وأشارت المجلة إلى أن مستخدمي تطبيق تلغرام يمكنهم تبادل الرسائل والصور ومقاطع الفيديو والملفات المشفرة والقابلة للتدمير الذاتي بحجم جملي يبلغ 1.5 جيجا. كما أن هذا التطبيق يتماشى مع أغلب أنظمة تشغيل الحواسيب والهواتف.
وأوردت المجلة أن تلغرام يقدم نفسه على أنه خدمة مجانية أكثر موثوقية وأمنا، وأكثر سرعة وفائدة بالمقارنة مع الحلول البديلة مثل واتساب. وستكون إنترنت “تون” مزودة بخصائص أمنية فائقة التطور. ولهذا الغرض، سوف تعتمد هذه المنصة على نظام تشفير أكثر موثوقية من الأنظمة الموجودة إلى غاية اليوم. وحسب الوثائق التقنية، فإن إنترنت تون “سوف تشفر كل شيء”.
وأشارت المجلة إلى أن مؤسسي خدمة تلغرام، الأخوين الروسيين نيكولاي وبافل دوروف، لطالما رفضا تمكين الحكومة الروسية أو غيرها من الولوج إلى بيانات المستخدمين، ويرجح المتابعون أنهما لن يغيرا موقفهما بعد إطلاق خدمة الإنترنت الجديدة.
وذكرت المجلة أن إنترنت تون سيتم إطلاقها قبل 31 تشرين الأول/ أكتوبر من هذه السنة، وهو تاريخ لم يتم اختياره بشكل اعتباطي، بل يأتي قبل يوم واحد من غرة تشرين الثاني/ نوفمبر، حيث ستصبح الحكومة الروسية قادرة على حجب مواقع الإنترنت الأجنبية داخل روسيا.
وأفادت المجلة بأن كلفة هذا المشروع ليست معروفة إلى حد الآن، إلا أنه في سنة 2018 كان فريق العمل قد تمكن من جمع 1.5 مليار يورو خلال عملية طرح أولي للأسهم الافتراضية. لكن المستثمرين يعتقدون أن حجم مداخيل التمويلات التي حصلت عليها إنترنت تون لحد الآن هو ضعف هذا المبلغ.
وأشارت المجلة إلى أن حوالي 200 مليون شخص حول العالم يستخدمون خدمة التلغرام، ومن المتوقع أن يبدأوا في استخدام إنترنت تون التي من المنتظر أن يصل عدد مستخدميها إلى 300 مليون شخص.
وذكرت المجلة أن هويات ممولي هذا المشروع لم يكشف عنها بشكل رسمي، إلا أن الأنظار تتجه نحو رجل الأعمال الروسي الإسرائيلي رومان أبراموفيتش، مالك نادي تشيلسي الإنجليزي، إلى جانب أسماء الثريين الروسيين، سيرجي سولانين ودافيد ياكوباشفيل، ومجموعة أخرى من المستثمرين المؤثرين في وادي السيليكون، من أمثال شركات كلينر بيركنز، وكوفيلد آند بايرز، وبنشمارك.
وأفادت المجلة بأن تطبيق تلغرام يقع مقره في المملكة المتحدة، وتعود ملكية هذا التطبيق إلى شركتين تابعتين لبافين دوروف، إحداهما مسجلة في بيليز والأخرى في جزر العذراء. وكان دوروف قد غادر روسيا نهائيا منذ سنة 2014، معتبرا أن الأوضاع فيها لا تتلاءم مع نشاط الإنترنت.
وإذا تمكنت شبكة تون فعلا من ضمان الحماية المطلقة لهوية المستخدمين، فإنها ستكون بمثابة ثورة حقيقية في مجال الشبكة العنكبوتية. ولكن خصائص هذه الشبكة ستجعلها تواجه مقاومة شرسة من روسيا، التي أغلقت في عدة مناسبات تطبيق تلغرام، مع العلم أن سبعة بالمئة فقط من مستخدميه هم من الروس.
ونوهت المجلة بأن روسيا تجبر الشركات على تخزين بيانات مستخدميها لمدة ستة أشهر في خوادم متواجدة داخل البلاد، إلا أن تلغرام تمكن إلى حد الآن من ضمان وصول هذه الخدمة إلى المستخدمين الروس بفضل بعض الحيل التي يقوم بها لتجاوز العقبات الحكومية.