مراحل الصراع .. بقلم أ / محمد الجندي “من خلف القضبان”

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي سيد المرسين سيدنا محمد – صلي الله عليه وسلم – وصلي اللهم علي آله وصحبه ومن تمسك واهتدي بهديه الي يوم الدين …

يقول الحق تبارك وتعالي ( الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ) الحج الاية 40

الصراع والتدافع سنة من سنن الله في الكون بين جميع المخلوقات ، وتختلف اهداف الصراع بين المجتمعات ، حسب المصالح أو المشاريع والايدلوجيات ، ولذلك فهو قائم ما دامت الحياة ، وللصراع والتدافع مراحل اربع ثابتة يمر بها أي نوع من أنواع الصراع خاصة إذا كان صراع حضارات أو صراع مشروع نهضوي إصلاحي بين الشعوب .
1-مرحلة تكوين الانصار .

2- مرحلة التدافع.
3 – مرحلة النصر .

4 -مرحلة التمكين .
وهذه المراحل الأربع غير مرتبطة بنوعية المشروع الاصلاحي فهي ليست خاصة بالمشروع الإسلامي ، ولكن يمر بها أي مشروع إصلاحي ضد الفساد والمفسدين ، ولأن مشروعنا إسلامي ندلل علي تلك المراحل من سيرة النبى – صلي الله عليه وسلم – حيث المشروع الاسلامي الاول ، ونتناول تلك المراحل من خلال شعار المرحلة وطبيعتها ثم متطلبات كل مرحلة ، مع اسقاط تلك المراحل علي واقعنا والصراع الدائر بين الحق والباطل في مصر والآمة العربية والإسلامية .

* المرحلة الأولي : مرحلة تكوين الأنصار للفكرة أو المشروع :
هذه المرحلة الاساسية في مراحل الصراع حيث أنها تضم النواة الاولي للمشروع الاصلاحي التي يرتكز عليها تحمله ونشره وتطبيقه ، وتنشأ النواة الاولي للمشروع وسط الدولة والنخب الفاسدة صاحبة النفوذ والمصالح المرتبطة بتلك الدولة الفاسدة ، فتجتمع مكونات الدولة الفاسدة لافشال المشروع الاصلاحي الوليد من خلال التنكيل بهذه النواة ، فتستخدم وسائل الاجرام بلا هوادة ولا رحمة لاجتثاث اصحاب المشروع الاصلاحي من الوجود ، وهذا ما تم مع رسول الله – صلي الله عليه وسلم – والنواة الاولي من صحابته الكرام ، وتم ايضا مع كل المصلحين علي مر العصور – اسلاميين أو غير اسلاميين – .

هذه المرحلة استمرت من بداية الدعوة في مكة ،حتي اسلام سيدنا حمزة وسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهما .

شعار هذه المرحلة ( إعداد الفرد ) لان طبيعة المرحلة تتطلب تربية الافراد علي قيم المشروع الجديد وتحمل بطش الدولة والنخبة من أذي مادي أو معنوى أو مالي ، وعدم الدخول في مواجهة مع الدولة الفاسدة مخافة القضاء علي النواة الصلبة ووأد المشروع الاصلاحي قبل ان يولد .

إذا متطلبات المرحلة الصبر والتضحية وتحمل أذي الدولة الفاسدة علي مستوي الفرد أو الجماعة ، وذلك باللجوء الي الله والركون اليه بالذكر والدعاء وأداء العبادات والترابط الاخوي بين افراد المشروع والثقة التامة في نصرة الله لاهل الحق ولو بعد حين .

تأمل معي موقف الصحابي الجليل خباب بن الارت عندما جاء للنبي – صلي الله عليه وسلم – يقول : يارسول الله ألا تدعو لنا ألا تستنصر لنا – ولسان حاله يقول لماذا تتركنا لما نحن فيه وانت الرسول المؤيد من ربك – وتأمل حال النبي – صلي الله عليه وسلم -عندما غضب غضبا شديدا وقال ( قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الارض فيجعل فيها ، ثم يؤتي بالمنشار فيوضع علي رأسه فيجعل نصفين ، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ، ما يصده ذلك عن دينه ، والله ليتمن الله هذا الأمر حتي يسير الراكب من صنعاء الي حضرموت لا يخاف الا الله والذئب علي غنمه ولكنكم قوم تستعجلون ) رواية البخاري .

وبعد ان سمع خباب ورفاقه هذا الكلام ازدادوا إيمانا وإصرارا علي الصبر والتضحية وثقة في القيادة بأن هذا هو طريق المصلحين من قبله وثقتهم في نصر الله لهم ولو بعد حين .

أري ان هذه المرحلة قد مر بها أصحاب المشروع الاسلامي الاصلاحي النهضوي وذلك من قيام دعوة الاخوان عام 1928م وجهود الدعاة العاملين المجاهدين المخلصين من هذه الأمة من غير الاخوان ، هذا ما يؤكده الاستاذ محمد احمد الراشد في كتابه تنظير التغيير ( إن ثورات الربيع العربي لم تأتي فجأة ولكنها نتاج جهد التنظير من التيارات الاسلامية والعلماء والمصلحين من هذه الامة خلال الثمانين عاما بعد سقوط الخلافة الاسلامية عام 1924م ….) .

هذه المرحلة مرحلة التأسيس والبناء لذلك يطول وقتها الزمني ثم تنطلق المراحل بعدها بسرعة نحو تحقيق اهداف المشروع الاصلاحي بعد غرس جذوره في الارض .

والي المرحلة الثانية من مراحل الصراع .

إن كان لنا البقاء ( وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّى فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ) .

وصلي الله علي سيدنا محمد واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين .