ماذا قال ( أمير الظل ) في رسالته من داخل سجون الاحتلال

وجه الأسير القسامي عبد الله البرغوثي، القابع في سجن “ريمون” الصهيوني، بالتحية للشعب الفلسطيني، ومقاومته، وللقائد العام لكتائب القسام محمد الضيف.

وفي رسالة له من داخل الغرفة 51 بقسم رقم 4 في سجن “ريمون” وحصل “المركز الفلسطيني للإعلام” على نسخة منها، قال البرغوثي: “أوجه لكم التحية وللمقاومة الفلسطينية، وسلامي على القائد الكبير محمد ضيف وإخوانه المجاهدين، فقد صنعتم بصبركم وجهادكم وسلاحكم قلعة للمقاومة”.

وجاءت الرسالة خلال حفل إشهار كتابين جديدين للأسير القسامي البرغوثي، أطلقتهما دار البرغوثي للنشر والتوزيع بالتعاون مع رابطة الأدباء والكتاب الفلسطينيين، في حفل بغزة مساء اليوم الخميس، بحضور عدد من قادة المقاومة والأسرى المحررين والكتاب والأدباء والوجهاء.

وفيما يلي نص الرسالة كاملة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، ثم الصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد،،،
سلام عليكم أيها الأحبة، سلام عليكم بقدر شوقي إليكم وللبندقية، سلام عليكم يا أهل غزة، سلام عليكم أيها الجبال، سلام على رجالكم ونسائكم وشيوخكم وأطفالكم ، سلام على مقاوميكم الأطهار، سلام على القائد الكبير محمد ضيف وإخوانه المجاهدين، وإني لأحمد الله تعالى أن منحني هذه الفرصة لأتوجه لكم جميعا بالتحية والشكر والتقدير على تلبيتكم الدعوة، وما هذا بغريب عليكم، فقد صنعتم بصبركم وجهادكم وسلاحكم قلعة للمقاومة، وها أنتم تصنعون قلعة لأقلام المقاومة وأدبها فطبتم وطاب صنيعكم.

أرسل لكم رسالتي هذه لتخترق الحدود والسدود، وتتخطى جدران الزنزانة وأسوار المعتقل، وتجتاز الأسلاك الشائكة وأبراج المراقبة ومكعبات الإسمنت، أرسلها لكم من الغرفة رقم 51 من القسم رقم 4 القابع في سجن ريمون، ويرافقني في هذه الغرفة والقسم كل من أبينا وشيخنا الحبيب جمال أبو الهيجا وبطلنا وفارسنا المغوار حسن سلامة، وثلةٍ من المجاهدين الأطهار الذين ينقلون لكم تحياتهم وسلامهم وأشواقهم.

أرسل هذه الرسالة بتوقيت السجن لدي، فأنا أعيش الآن الساعة رقم (مائة وعشرين ألف وتسعمائة وستين، من اليوم رقم (خمسة آلاف وأربعين) من الشهر رقم (مائة وثمانية وستين)، من العام رقم ثلاث عشر للاعتقال.
أيها الغوالي الأحبة،، كم كنت أتمنى الشهادة في سبيل الله، وأن يكرمني الله باللحاق بإخواني الأحبة الذين سبقوني للقائه، لكن قدر الله لي أن أعتقل، فلا اعتراض على أمر الله وقدره، فلله الحمد من قبل ومن بعد، ولتعلموا أيها الأحبة أن السجن لم يفت في عضدي ولم يهن من عزمي ولم ينل من كبريائي، لذلك أوجه على مسامعكم رسالتي للعدو الجبان ولسجانه الظالم، أقول له لقد اعتقلت عبد الله البرغوثي منذ ثلاثة عشر سنة، وعزلته لعشر سنوات متتاليات، وحرمته زيارة أهله وذويه وهدمت بيته وشردت أهله وسمتهم وسمته سوء العذاب، فجرب بعد هذا كله أن تطلق سراح عبد الله البرغوثي، جرب أيها الجبان أن تطلق سراحه يوما أو بعض يوم، جرب أن تطلق سراحه ساعة أو جزءا من الساعة، وانظر أين تجده، فقسما بمن يحيى ويميت لن ترى مني ومن إخواني ، إلا لظى ونارا وحميما مستعرا، فما كان طموحي أن أقتل ثمانية وستين من خنازيركم بل كان مرادي أن أبيدكم جميعا عن بكرة أبيكم، وإني على العهد أن أواصل الطريق مع إخواني الأحبة حتى نقتلع كيانكم المسخ من أرضنا بإذن الواحد القهار، فعهدي لكم جميعا أن أحطم أقلام الرصاص التي بحوزتي وأعود لأمتشق بندقية الرصاص أقاتل بها حتى الرمق الأخير.

أما الآن فقد سخرت كل وقتي في السجن للعلم والكتابة، فقد حاز محبكم على شهادة كلية الهندسة، وأنهى داخل السجن دراسة بكالوريوس التاريخ من جامعة الأقصى، وقطعت حتى اللحظة نصف الدراسة بعلم الاجتماع بجامعة القدس المفتوحة، و قطعت ثلث الدراسة في تخصص العلوم السياسية بجامعة الأمة، فالحمد لله أن عقلي لم تكبله القيود التي تكبل يداي، وأن فكري لم تحجزه الأسوار التي تحجز جسمي، وأن عزيمتي لم تحطمها وسائل التعذيب التي أنهكت جسدي فلساني ما زال طليقًا، وقلبي ينبض بالحياة بفضل الله ، ولازال قلمي يكتب وينطق من خلال هذه الأوراق التي بين أيديكم.

أما عن هذين الكتابين الذين أحتفي معكم بإشهارهما، فأصارحكم أن رسالتي فيهما واضحة وضوح الشمس، وقد عرفني إخواني في السجن وخارجه فلا أحب إلا قول الحقيقة ولو كانت مرة، فلا مجال عندي لأخادع أحد أو أبيع الوهم لأحد، فهناك على أرضنا عقيدتين، عقيدة إيمان وجهاد ومقاومة، عقيدة قرآن وبندقية وسنة نبوية، وعقيدة إلحاد وذل وخيانة وتنسيق مع العدو، عقيدة إسلامية جهادية وعقيدة غرقدية عباسية، ولا مجال لتلك العقيدتين أن تلتقيا أو تجتمعا أو تتوحدا، فلا يمكن أن تكون هناك وحدة مع من باعوا الأرض وخانوا الدماء ونسقوا مع المحتل وسلموا المجاهدين للعدو، فلا ترهقوا أنفسكم بمحاولات التقريب بين نهجين لا يمكن أن يقتربا أبدا إلا إذا تخلى الغرقد عن نهجه وعقيدته، وأزيدكم من الشعر بيتا، أن هؤلاء الغراقدة العباسيين الذين تحدثت عنهم في كتابي قاموا قبل أسابيع قليلة فقط باقتحام جامعة القدس المفتوحة بالضفة وصادروا المئات من كتبي وإصدارتي بعد أن قام العدو الصهيوني بنفس الخطوة قبلها بأيام فقط.

أحبتي الأفاضل .. اعذروني إن أطلت عليكم في الحديث، لكن هذه كتبي بين أيديكم، هي خواطر أدبية خطها قلمي داخل الأسر، أسعد بآرائكم وتعليقاتكم حول ما جاء فيها من خلال تواصلكم مع إخواني الذين يديرون هذا العمل وتصلني منهم رسائلكم،،،وأخيرا أكرر شكري العميق لكم وأعبر عن عظيم حبي وامتناني لتلبيتكم دعوتي وأسأل الله أن يجمعنا بكم على الخير والتقوى.

واسمحوا لي أختم كلمتي برسائل شكر لكل من الدكتور الحبيب أبو خالد الزهار والد الشهداء و شيخ المقاومة، والأستاذ أبو مصعب حماد، رجل العزائم الفتية والهمم العلية، والأخ النائب الحبيب النائب المستشار فرج الغول والأديب الخلوق الدكتور عبد الخالق العف، الذين تعبوا واجتهدوا وسهروا الليل لمراجعة كتبي وتدقيقها حتى خرجت إليكم بهذه الصورة.

سلام عليكم أيها الأحبة جميعا، سلام عليكم مفعم بالحب والشوق، فاقبلوا تحية محبكم عبد الله غالب البرغوثي عبدٌ باحثٌ في الحقيقة متطلّعٌ إلى الشهادة، وتوّاقٌ إلى الفردوس _بإذن الله تعالى في علاه_ .

رابط كتاب امير الظل

إقرأ المزيد
https://palinfo.com/191876
جميع الحقوق محفوظة – المركز الفلسطيني للإعلام