لهذه الأسباب.. نجحت “مخابرات حماس” وفشلت مليشيات السيسي

“لماذا نجحت مخابرات حماس فيما فشلت فيه مخابرات الأنظمة العربية؟”.. سؤال يطرح نفسه بقوة خلال الآونة الأخيرة، بعد تحقيق المخابرات التابعة لحركة حماس إنجازًا قويًّا، بإفشال عملية مخابراتية صهيونية كبيرة بقيادة قوات النخبة، وقامت بقتل ضابط كبير وإحباط العملية التي كان الصهاينة يبنون عليها آمالا كبيرة لضرب المقاومة خلال المرحلة المقبلة.

اكتشاف المقاومة للعملية المخابراتية الصهيونية وإفشالها، أصاب المسئولين والإعلام الصهيوني بحالة من الإحباط والذهول، خاصة أن “إسرائيل” اعتادت تنفيذ عملياتها القذرة في كافة دول العالم- وفي مقدمتها الدول العربية- دون أن يكتشفها أحد، الأمر الذي فضح مدى هشاشة المنظومة المخابراتية الصهيونية والعربية أمام مخابرات المقاومة الفلسطينية، رغم ضعف الإمكانات المادية للطرف الثاني.

مخابرات الصهاينة

في السنوات الماضية نفذت مخابرات الصهاينة العديد من عمليات الاغتيال بحق قادة المقاومة الفلسطينية بعدد من الدول العربية والإسلامية دون محاسبة، كان أبرزها اغتيال القيادي في كتائب القسام محمود المبحوح يوم 19 يناير 2010، في أحد فنادق الإمارات على يد مجموعة من المخابرات الصهيونية، حيث دخل عملاء المخابرات إلى مقر إقامته بالفندق، وقاموا بقتله خنقا بعد صعقه بالكهرباء، ثم غادروا الفندق  دون أن يشعر بهم أحد.

وفي شهر أبريل 2018، تم اغتيال العالم الفلسطيني والقيادي في حماس فادي البطش، في العاصمة الماليزية كوالالمبور، حيث أطلق عملاء الموساد النار عليه وهو في طريقه إلى المسجد لأداء صلاة الفجر بالقرب من مكان إقامته بماليزيا، ما أدى إلى استشهاده على الفور. وكان البطش يحمل شهادة دكتوراه في الهندسة، وسبق أن حصل على براءة اختراع بعد أن تمكن من تطوير تكنولوجيا جديدة من شأنها توفير الفاقد في الطاقة الكهربائية، وكان محاضرا في جامعة كوالالمبور.

محمد الزواري

وفي شهر نوفمبر 2017، اغتالت عناصر من الموساد القيادي في كتائب القسام محمد الزواري، في مدينة صفاقس التونسية، وكان الزواري قد أشرف على مشروع تطوير صناعة الطائرات بدون طيار في وحدة التصنيع في كتائب القسام، والتي أطلق عليها اسم أبابيل1، وظهرت هذه الطائرة أول مرة في 2014م في معركة العصف المأكول، بالإضافة إلى مشروع الغواصة المسيرة عن بعد الذي يعمل عليه في إطار الدكتوراه.

ويرى مراقبون أن تفوق كتائب القسام للعملية الصهيونية الأخيرة يعود إلى عدة أسباب، أولها: “الفهم العميق من جانب القسام للعقلية الصهيونية المخابراتية”، والتي تجلت في القبض على أعداد كبيرة من عملاء الموساد داخل القطاع خلال السنوات الماضية، رغم ما تلقاه هؤلاء من تدريبات دقيقة على التخفي عن أعين الأجهزة الأمنية لحماس، وطرق جمع المعلومات وإيصالها للصهاينة عبر قنوات سرية؛ الأمر الذي منح “حماس” كمّا كبيرًا من المعلومات حول آلية تفكير الموساد الصهيوني، فيما تكتفي مخابرات الدول العربية بإنتاج أفلام ومسلسلات عن العمليات المخابراتية في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، دون الانتباه لتطورات الأوضاع المخابراتية في الوقت الراهن.

الالتزام بالسرية

أما السبب الثاني، فيكمن في “الانضباط” الذي يتمتع به رجال المقاومة في غزة، والذي تجلى في كيفية التعامل مع العملية الأخيرة؛ الأمر الذي لا يتوفر في أجهزة المخابرات العربية التي انشغلت منذ عقود بـ”البيزنس” بعيدا عن تطوير عناصرها، ما جعل أداء تلك العناصر ضعيفا للغاية، وقد ظهر جليًا في تنفيذ عملية قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، الشهر الماضي، والتي وصفتها الصحف العالمية بأنها “أفشل عملية مخابراتية في التاريخ”.

فيما يكمن السبب الثالث، في “الالتزام بالسرية الشديدة في العمل”، ففي الوقت الذي بذلت فيه المخابرات الصهيونية ومعها مخابرات عدد من الدول الأجنبية والعربية الحليفة لها، جهودًا كبيرة للتوصل إلى مكان احتجاز كتائب القسام للجنود الصهاينة الأسرى لديها، باءت تلك الجهود بالفشل، وتم إجبار الصهاينة على عقد صفقة تبادل للأسرى بشروط المقاومة سابقا، وإجبارها حاليا على اللجوء إلى الحديث عن إتمام صفقة أخرى للإفراج عن بقية الجنود الأسرى لدى القسام، الأمر الذي لا يتوفر في المخابرات العربية والتي تم تسريب تسجيلات صوتية لعدد منها خلال السنوات الماضية.

كسر الحصار

خروج المقاومة منتصرة بعد العملية الأخيرة، دفع القائد العام لكتائب القسام “محمد الضيف” إلى إرسال عدة رسائل إلى الداخل والخارج، حيث خاطب الداخل قائلا: “إن كل حدث جديد يؤكد أننا اقتربنا أكثر من تحقيق وعد الآخرة”، وخاطب الخارج قائلا: “لو زدتم لزدنا، بعد أي قصف جديد للاحتلال سنوسع الدائرة لتشمل أسدود وبئر السبع، وتل أبيب على الدور”.

ودفع قائد حركة حماس يحيى السنوار إلى تأكيد أن حماس ستكسر الحصار المفروض على القطاع، وستوفر الحياة الكريمة لسكانه”، قائلا: “قررنا أن الحصار على غزة سيكسر سواء بالتفاهمات وحركة الوسطاء أو بمسيرات العودة وكسر الحصار، وإذا لزم غير ذلك فنحن جاهزون، ولن نسمح لأحد أن يقايض صواريخنا وأنفاقنا بحليب أطفالنا وغذائنا وعلاجنا”.

ودعا “السنوار” الاحتلال إلى عدم تكرار تجربة القوة الخاصة، متسائلا: “ماذا ظن العدو وقادة الاحتلال حينما سمحوا بإدخال السولار لإضاءة غزة قليلا، ولأموال المنحة القطرية الخاصة برواتب الموظفين والمساعدات للأسر الفقيرة والخريجين والعمال؟ ظنوا أننا نبيع الدم بالسولار والدولار؟؟! خابوا وخاب فألهم وسعيهم”.