كتب: حازم الأشموني
كارثة جديدة في الطريق، تتعلق بالتداعيات الخطيرة لسد النهضة الإثيوبي، وتناقص حصة مصر من المياه في سنوات ملء الخزان التي لم يتم الاتفاق عليها حتى اليوم، في ظل فشل المفاوضات بين حكومة الانقلاب وإثيوبيا.
وبحسب خبراء ومتخصصين، فإن توجهات الحكومة نحو حظر زراعة الأرز بحجة أنه يستهلك كثيرا من حصة مصر المائية سوف يتسبب في بوار ثلثي أراضي الدلتا، وانتشار الملوحة بصورة تستعصي على الحل مجددًا.
وكان وزير الري بحكومة الانقلاب محمد عبد العاطي، قد طالب بتقليل المساحات المزروعة من الأرز؛ بحجة أن “2,5” مليون فدان أرز تستهلك “27%” من حصة مصر المائية المقدرة بـ”55,5″ مليار متر مكعب.
تحذيرات علمية
ويحذر الدكتور سعد شبل، رئيس قسم بحوث الأرز بمركز البحوث الزراعية، من توجهات حكومة الانقلاب نحو حظر زراعة الأرز بحجة أنه يستهلك كثيرا من مياه الري، في ظل الحديث عن تناقص حصة مصر من مياه النيل بسبب سد النهضة؛ مؤكدا أنه حال حظر زراعة الأرز فإن ثلثي أراضي الدلتا سوف تتعرض لتدهور حاد في خصوبتها، مع تمدد الملوحة بسبب قربها من مياه البحر.
ويوضح رئيس قسم بحوث الأرز بمركز البحوث الزراعية، أن احتياجات مصر من محصول الأرز سنويًا تبلغ 5.3 ملايين طن شعير، يتم إنتاجها من 1.3 مليون فدان، (الفدان ينتج 3.5 أطنان)، ما يحقق الاكتفاء الذاتى.
ويؤكد رئيس قسم بحوث الأرز بمركز البحوث الزراعية، أن مركز البحوث الزراعية ضد زيادة مساحة الأراضى المزروعة بالأرز؛ لمنع استهلاك مزيد من المياه العذبة، لكن المركز يطالب بتحديد المساحات المزروعة لتكون فقط فى مواقع جغرافية متاخمة للبحر المتوسط؛ بهدف منع تسرب المياه المالحة إلى الدلتا.
ويفسر رئيس قسم بحوث الأرز بمركز البحوث الزراعية ذلك، بأن حظر زراعة الأرز في هذه المواقع الجغرافية يمكن خلال ثلاث سنوات فقط أن يتسبب فى تدهور الأراضى الزراعية لثلثى المساحة، وسوف يظهر الملح أعلى التربة، كما أن استمرار زراعة محاصيل أخرى بديلة كالقطن والذرة لن يحقق الغرض منه، فالمياه العذبة تقوم بالضغط على الأرض لمنع وصول أملاح البحر إلى الدلتا، كما أنه يتم الاعتماد على مياه المصارف الزراعية المقبلة من محافظات الدلتا الجنوبية كمصرف كوتشنر وحادوس والرهاوى، لزراعة الأرز فى الشمال بدلاً من إلقائها فى البحر المتوسط.
حجم استهلاك الأرز للمياه
ويضيف رئيس قسم بحوث الأرز بمركز البحوث الزراعية، في تصريحات صحفية اليوم السبت 2 ديسمبر 2017م، أن مصر تصنف عالميا بأنها الأعلى إنتاجا من وحدة المساحة والمياه فى العالم، كما أن النوع المصرى هو الأجود أيضا، ولا ينافسه فى الأسواق العالمية إلا أرز كاليفورنيا.
ويشير إلى أن مركز البحوث الزراعية يبذل جهودًا لزيادة الإنتاجية من وحدتى المساحة والمياه، واستنباط أصناف قادرة على تحمل الملوحة، وتستهلك مياها أقل وعمرا أقصر، وهى فلسفة قسم الأرز للتعامل مع الفقر المائى الذى تمر به مصر.
وأوضح أن الأصناف القديمة التى كانت تزرع قبل عام 2001 يبلغ استهلاكها 9 آلاف متر مكعب من المياه، إلا أنه بعد أبحاث علمية طويلة تم إنتاج أصناف يمكنها توفير ثلث كمية المياه، وبعضها لا يحتاج إلى أكثر من 5.5 آلاف متر مكعب من المياه، كما أن عمرها لا يتعدى 160 يوما فقط فى الأرض، لافتا إلى أنه مؤخرا تم إنتاج أصناف لا يزيد استهلاكها للمياه عن 4.5 آلاف متر مكعب فقط، وإنتاجها يبلغ 4 أطنان، حيث تم وضع خطة لتعميمها على المزارعين، وهو ما يوفر كمية كبيرة من المياه.
وتابع أن استهلاك محصول الأرز سنويا من المياه لا يزيد على 6 مليارات متر مكعب من جملة حصة مصر من مياه النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب،50% منها من مياه الصرف الزراعى.
وأكد أنه لا يمكن حرمان المستهلك المصرى من محصول الأرز باعتباره الوحيد الذى تمكنت فيه مصر من الاكتفاء ذاتيا، وفى حال حظره لن نتمكن من العودة مرة أخرى لتحقيق الاكتفاء الذاتى، وسوف تكون هناك مأساة، ومن الخطورة بمكان اتخاذ قرار منفرد بحظر زراعته، ولا بد من مشاركة متخصصين حتى لا تتجه سلة الغذاء المصرية إلى الخارج كما يحدث فى القمح والزيت والذرة، وإذا ما قررنا العودة مرة أخرى فلن نتمكن قبل مرور عشر سنوات حتى تعود كفاءة التربة مرة أخرى.