في مثل هذا اليوم : مولد وزير الغلابة

باسم عودة وزير الغلابة

باسم عودة أستاذ هندسة مصري تولى وزارة التموين لمدة ستة أشهر فقط خلال العام الذي أمضاه الرئيس محمد مرسي في الحكم وحتى الانقلاب الذي قاده وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي. كان أصغر الوزراء في حكومة هشام قنديل، وأطلق عليه لقب “وزير الفقراء” لما قدمه من حلول للأزمات المعيشية اليومية التي يعاني منها المواطنون.

المولد والنشأة
ولد باسم كمال محمد عودة يوم 16 مارس/آذار 1970 لأسرة متوسطة من محافظة المنوفية، وهو الشقيق الأكبر لثلاثة إخوة وأختين.

الدراسة والتكوين
درس باسم عودة المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية في بلدته بمحافظة المنوفية وسجل تفوقا ملحوظا، وكان محل إشادة أساتذته وزملائه خلقا وعلما وسلوكا، وأهله تفوقه الدراسي إلى الالتحاق بكلية الهندسة في جامعة القاهرة، حيث حافظ على تفوقه خلال السنوات الدراسية الخمس التي أمضاها في الكلية.

الوظائف والمسؤوليات
بعد تخرجه، عُين معيدا في الكلية، فمدرسا مساعدا، ثم أستاذا بقسم الهندسة الحيوية الطبية والمنظومات بالكلية، واستشاري الهندسة الطبية وتقنية الرعاية الصحية.

التجربة السياسية
انتمى باسم عودة لجماعة الإخوان المسلمين وهو في بدايات المرحلة الإعدادية، كما عرف بشغفه بالعمل الخدمي الطلابي أثناء دراسته بكلية الهندسة، ولم يحل ذلك بينه وبين تفوقه الدراسي حيث كان الأول دائما على دفعته.

كان عودة من أوائل قيادات الاخوان التي شاركت في ثورة 25 يناير، وأحد من تصدوا للبلطجية يوم “موقعة الجمل”، قبل أن يصاب بجرح بالغ في رأسه استلزم أكثر من عشر غرز طبية لمعالجته.

وبعد ثورة 25 يناير مباشرة ابتكر باسم عودة وطوّر فكرة اللجان الشعبية التي قامت خلال الثورة من جميع أطياف الشعب لحماية المنازل والشوارع والمساجد والكنائس والمصالح الحكومية، ودعا إلى استمرار هذه الروح “التي تجمع طوائف الشعب تحت راية واحدة وهي خدمة أهالينا وشعبنا كل في منطقته”.

تولى عودة رئاسة المكتب التنفيذي للجان الشعبية في محافظة الجيزة، ورئاسة لجنة التنمية المحلية بحزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، وكان عضوا في الأمانة المركزية للتخطيط والتنمية بالحزب، ومنسقا لحملة “وطن نظيف” على مستوى الجمهورية.

تولى باسم عودة مسؤولية ملف الطاقة والوقود برئاسة الجمهورية في الشهور الأولى لحكم الرئيس المعزول مرسي، وفي 10 يناير/كانون الثاني 2013 عين وزيرا للتموين فأصبح وقتئذ أصغر وزير (43 عاما) يتولى أقدم وزارة.

تعهد عودة منذ الساعة الأولى لتوليه منصبه بإعطاء الأولوية لمحدودي الدخل، وتحسين جودة رغيف العيش والحفاظ على سعره، واستكمال جهود تحرير سعر القمح والدقيق، والعمل على تعميم توزيع أسطوانات الغاز بالكوبونات، والاستمرار في خطة توفير المحروقات.

وخلال الشهور القليلة التي أمضاها في منصبه، استطاع عودة القضاء على جزء كبير من الفساد داخل وزارته، وأقال بعض الفاسدين، ونزل إلى الشارع ليتابع رغيف العيش وأسطوانة الغاز، وحرص على تفقد ومراقبة المخابز بنفسه لضمان إنتاج خبز بمواصفات آدمية للمصريين، ولم يتردد في إغلاق المخابز التي تتاجر بدقيق المصريين في السوق السوداء.

طاف باسم عودة بعدد من المحافظات لحل أزمة الوقود وعمل على تعميم البطاقة الذكية لصرف المواد التموينية والخبز وأسطوانات الغاز، فوفر حلولا ملموسة لتلك الهموم المعيشية المزمنة، فشهد له الأعداء قبل الأصدقاء بأنه أفضل وزير تموين في تاريخ مصر، وترددت التوقعات والأصوات التي ترشحه لرئاسة الوزارة في أي تعديل وزاري يقوم به الرئيس محمد مرسي في ذلك الوقت قبل الانقلاب عليه وعزله.

وبعد انقلاب الجيش يوم 3 يوليو/تموز 2013 استقال باسم عودة من منصبه في اليوم التالي احتجاجاً على الانقلاب على الرئيس مرسي. وروى مصطفى عبد الرازق مدير مكتب باسم عودة أنه تلقى مكالمة من مكتب وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي يعرض على باسم عودة وزارة التموين، وذلك قبل يوم الانقلاب.

لكن رد باسم عودة على هذا العرض جاء صادما للانقلابيين إذ أبلغ مدير مكتبه قائلا “إنهم يظنون أني سأخون الوطن، قل لهم إني أقسمت أمام رئيس شرعي منتخب ولن أخون القسم، وأنا تقدمت باستقالتي للشعب لأني غير معترف بالسلطة الحالية”.

سجل باسم عودة حضورا لافتا في اعتصام ميدان رابعة العدوية قبل فضه بالقوة، وظل اسمه وصوره حاضرين ومصاحبين لمرسي وصوره، خصوصا في مظاهرات الفقراء الاحتجاجية على أزمة أسطوانات الغاز التي عادت بشدة في ما تعرف باسم “مظاهرات الأنابيب”.

ومن على منصة ميدان النهضة كشف عودة عن اجتماع لمجلس الوزراء عقد قبل ثلاثة أيام من مظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013، عرض فيه رئيس الوزراء آنذاك هشام قنديل ميزانية المجلس قائلا إنها ستزيد بنحو سبعة مليارات جنيه بغرض زيادة معاشات الأرامل والمحتاجين.

وتابع عودة قائلا “ما كان رد عبد الفتاح السيسي ساعتها إلا أن قال: لا، ولما سألته: لماذا لا يا سيادة الفريق؟ أجاب: يكفي دلعا للشعب المصري عند هذا الحد، وكفاية لهم سنتين بعد الثورة في دلع وآن الأوان لكي ينفطموا، فكان ردي عليه: أين هذا الدلع والشعب لا يزال يعاني الفقر والجوع والإهمال والمرض خلال 30 سنة من الظلم والفساد”.

وفي مقارنة بين عهدي حسني مبارك ومحمد مرسي، قال عودة “وصلت نسبة الدَّين العام في عهد مبارك إلى 130% من الناتج المحلي ولم يتهمه أحد بالفشل، بينما انخفضت النسبة إلى 89% في عهد مرسي”.

وفي يوم الثلاثاء 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 أعلنت قوات الأمن المصري أنها ألقت القبض على باسم عودة في مصنع للصابون بمنطقة وادي النطرون في محافظة البحيرة تنفيذا لقرار النيابة العامة بضبطه وإحضاره لاتهامه “بالتحريض على العنف”، وهي التهمة التي وجهت للعديد من زعامات الإخوان المسلمين.

وفي 19 يونيو/حزيران 2014 صدر حكم الإعدام بحق باسم عودة وعدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين في القضية المعروفة إعلاميًا باسم “أحداث مسجد الاستقامة”، ورفض مفتي الديار المصرية التصديق على الحكم، وعلق باسم عودة على اعتقاله وسجنه “لو مصر ستتقدم بسجننا فهذا ثمن رخيص مستعدون لدفعه.