خاص-الجزيرة نتلا وجه للمقارنة بين المعاملة التي تلقاها الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك خلال فترة محاكمته، وبين خلفه الرئيس الراحل محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر. ولا وجه للمقارنة بين معاملة ومحاكمات أركان نظام مبارك المنتهية بـ”براءة الجميع”، بمحاكمة أنصار مرسي القابعين في السجون يواجهون موتا بطيئا جراء التعذيب والإهمال والحرمان من الرعاية الطبية، وانتهاكات بلا حدود تؤكد رغبة النظام في أن يكون مصيرهم “الموت للجميع”.
قائمة معارضي الانقلاب الذين توفوا داخل سجون النظام بسبب الإهمال تطول، وحلقات مسلسل “الإعدام البطيء” لم تتوقف على الرئيس الراحل، وباتت تهدد العديد من المعتقلين الذين يعانون تدهور حالتهم الصحية والإهمال المتعمد.
منذ مطلع العام الحالي 2019، توفي 15 معتقلا داخل السجون -بحسب منظمات حقوقية- آخرهم القيادي في جماعة الإخوان محمد العصار (74 عاما) الذي توفي داخل سجن برج العرب بالإسكندرية في مايو/أيار الماضي بسبب الإهمال الطبي، ليصل بذلك عدد المعتقلين الذين توفوا للسبب نفسه منذ الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو/تموز 2013 إلى 687 معتقلا.
وسبق أن توفي عدد كبير من قيادات وأعضاء الإخوان داخل السجن، أبرزهم المرشد العام السابق محمد مهدي عاكف في سبتمبر/أيلول 2017، وعبد العظيم الشرقاوي في أغسطس/آب 2017، وفريد إسماعيل، ومحمد الفلاحجي في مايو/أيار 2015، وطارق الغندور في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، وأبو بكر القاضي في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، وصفوت خليل في سبتمبر/أيلول 2013.
إهمال انتقامي
ويجمع المعتقلون في تلك السجون على اعتبار الظروف التي يعيشون فيها “انتقاما متعمدا” من قبل سلطات النظام التي تحرمهم حق العلاج داخل المعتقلات، على الرغم من أن المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تعتبر الحق في العناية الطبية من حقوق الإنسان الأساسية، ويجب أن يتاح لكل إنسان حتى وإن كان مقيد الحرية.
ومن بين الذين يتهددهم مصير مرسي، المستشار محمود الخضيري (79 عاما) نائب رئيس محكمة النقض الأسبق، رئيس نادي قضاة الإسكندرية، أبرز زعماء تيار استقلال القضاء، رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب إبان حكم الرئيس مرسي.
واعتقلت قوات الأمن الخضيري يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 في منطقة سيدي جابر بالإسكندرية بناء على قرار من النيابة العامة، وفي أكتوبر/تشرين الأول 2014 صدر بحقه حكم بالسجن ثلاث سنوات في قضية تعذيب محام بميدان التحرير خلال ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، ولا يزال رهن الاعتقال.اعلان
ومنذ اعتقاله ونقله من سجن طرة إلى سجن العقرب الشديد الحراسة، تشكو أسرته “التدهور التام” في حالته الصحية بسبب منع الأدوية عنه، وتدهور حالته النفسية بسبب منعه من التحدث مع أبنائه أثناء الزيارة إلا من خلال الحواجز الزجاجية، خصوصا أنه لا يستطيع الرؤية جيدا، ولديه مشاكل كبيرة في ركبتيه تعجزه عن المشي أو الوقوف إلا بمساعدة الآخرين، بالإضافة إلى مشاكل كبر السن مثل ضغط الدم وضربات القلب.
ويبدو أن الدافع الحقيقي للنظام في سجن الخضيري و”الإهمال الانتقامي” منه داخل المعتقل، هو تحفظ الرجل على الحكم الصادر عقب انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، والقاضي بحظر جماعة الإخوان المسلمين، حيث قال إن الحكم “له صبغة سياسية، وسيدفع الجماعة إلى العمل السري”.
بديع والبلتاجي
وليست الظروف الصحية للمرشد العام للإخوان محمد بديع (76 عاما) أفضل من ظروف الخضيري، حيث تكررت التحذيرات من وفاته داخل السجن خصوصا مع إصرار السلطات على رفض السماح لأسرته بالاطمئنان عليه وزيارته.
ولم تصدر عن السلطات المصرية أي تصريح بشأن حالته الصحية المتدهورة التي تطلبت نقله عدة مرات إلى مستشفى النيل الجامعي، حيث يعاني من هبوط في الدورة الدموية.
وأعربت أسرة بديع أكثر من مرة عن قلقها على صحته، وقالت إنها تم منعها من زيارته، كما أكدت أنها ليست لديها أي معلومات حول الحالة الصحية، معتبرة ما نشر من أنباء عن تدهور صحته مثيرا للقلق، وأعلنت أنها تحاول التأكد من ذلك من خلال التواصل مع المحامين.
وحمّلت أسرة المرشد العام السلطات المصرية المسؤولية الكاملة عن حالته الصحية، لافتة إلى أنها مُنعت من زيارته في سجن “ملحق المزرعة” للمرة الثالثة على التوالي خلال أسبوعين.
أما محمد البلتاجي (56 عاما) القيادي البارز في جماعة الإخوان وأحد أبرز رموز ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، فأصيب بجلطة دماغية في 15 يناير/كانون الثاني الماضي، أدت إلى سقوط يده اليمنى وانحراف لسانه وعدم إدراك، بعد أن تجاهلت المحكمة طلبه العرض على مستشفى قصر العيني الجامعي، حتى يستطيع أطباء المخ والأعصاب تشخيص حالته الصحية.اعلان
وحمّلت أسرة البلتاجي النظام المصري المسؤولية عن حياته وما يتعرض له في سجن العقرب، وقالت إنها لا تعرف متى أصيب ولا الإجراءات التي اتخذت لعلاجه، ولا سيما مع منع الزيارة والتواصل بين معتقلي سجن العقرب وذويهم للعام الثالث على التوالي.
واتهمت أسرة البلتاجي القضاء بالانحياز ضده، ورفض سماع شكواه أو حتى الاستماع لمطالب محاميه باتخاذ إجراءات طبية عاجلة لتوفير الرعاية والعلاج له.
والبلتاجي محبوس داخل زنزانة انفرادية في سجن العقرب وممنوع عنه الدواء، رغم أنه يعاني من آثار وتبعات جلطة دماغية “بالمخ” تهدد حياته.
القائمة تطول
وتمتد قائمة المعتقلين الذين يعانون من تدهور حالتهم الصحية داخل سجون السيسي السيئة السمعة، لتشمل معارضين آخرين منهم المرشح السابق لرئاسة مصر عبد المنعم أبو الفتوح (68 عاما) ، ومحمد رشاد البيومي (82 عاما) نائب المرشد العام للإخوان المسلمين، والدكتور عصام الحداد (65 عاما) مساعد الرئيس محمد مرسي للشؤون الخارجية والموجود أيضا في سجن العقرب.
ومنهم الدكتور عصام حشيش (67 عاما) أستاذ هندسة الاتصالات بجامعة القاهرة والموجود بسجن العقرب، والذي يعاني من تدهور في صمامات القلب فضلا عن حساسية مزمنة نتيجة رطوبة زنازين السجن، والدكتور عصام العريان (65 عاما) نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، ومحمد الكتاتني (67 عاما) رئيس مجلس الشعب المصري السابق.المصدر : الجزيرة