فضل العذاب والتعذيب في الإسلام!

فضل العذاب والتعذيب في الإسلام!

كتبه عزالدين الكومي :

كم تعجبت من تصريحات زعيم عصابة الانقلاب، أثناء إحدى جلسات المؤتمر الوطنى الخامس للشباب، والتي هي نسخة كربونية، من مؤتمرات جمال مبارك ولجنة سياسته، تحت عنوان : رؤية شبابية للدولة المصرية للأربع سنوات القادمة، عندما قال زعيم عصابة الانقلاب: عايزين البلد تقوم وتبقى ذات شأن ولا لأ.. لازم نضحي ونتعذب لإن ده التحدي، بلد ظروفها الاقتصادية على مدار 50 سنة وبقول الكلام ده لإني بقول المؤتمرات دي فرصة إننا نسمع بعض ومش عايزين ننسى، لازم نضحي ونتعذب، كلنا هنشلها مع بعض، لكن هو أنا خبيت عليكوا حاجة، التحدي اللي موجود في مصر أكبر من أي حكومة ورئيس.

فعلاً مش عايزين ننسىى لكن السؤال من الذى أوصل حال البلد إلى هذه الدرجة من الفقر والتخلف والأمراض والرشوة والمحسوبية، سوى حكم العسكرن الذى حثم على صدر البلاد منذ سبعة عقود؟

وقد توقعت من خطباء الفتنة، من علماء السلطة، وعملاء الشرطة، بقيادة مخبر أمن الدولة وزير أوقاف الانقلاب، أن يجعلوا من ذلك العنوان، موضوع لخطب الجمعة، إرضاءً للطاغية والتزلف إليه، ولو على حساب نصوص الشرع الكريم، ولى عنق النصوص، فيستدعون النصوص الشرعية التي تطالب بوجوب الصبرعلى العذاب والفقر وضنك العيش، في سبيل أن يعيش الطاغية، ويهنأ برغيد العيش، أليس هؤلاء من هتفوا للطاغية إبان نكسته عام 1967، بالروح بالدم نفديك ياجمال؟

لأن هؤلاء يجيدون استدعاء النصوص الشرعية من القرآن والسنة، وانتقاء بعضها لخدمة الطاغية، مع الإغفال الكامل لباقي النصوص الشرعية التي لا تفضح سوء طويتهم، ولا تخدمهم في هذا الجانب، فيحاولون إخفاء النصوص الأخرى التي تأمر بعكس توجهاتهم، مثل النصوص التى تحرم السكوت على الباطل، ووجوب مقاومة الظلم، وكرامة الإنسان وحريته، فالإسلام كل متكامل، لا يصح الاستناد عليه في بعض المسائل وإغفال بعض، لأن هذا مسلك معيب عابه القرآن على بنى إسرائيل، في قوله تعالى: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85)} (البقرة:85).

وإلا ماموقف هؤلاء من النصوص التي تعظم حرمة الدماء وتبين عظم جرم الاعتداء عليها، والنصوص التي تحرم انتهاك حرمة المسلم بغير حق، والنصوص التي تأمر بأداء الأمانة، وتحرم على الحاكم أن يولي أحدا وهو يجد من هو أقدر منه على القيام بهذه الولاية وإنها إذاناً بقيام الساعة، والنصوص التي تحث على احترام أدامية الإنسان أكثر من أن تحصى، ولكن الأموال تهدر بدون حساب، في أوجه إنفاق تخص الطبقة الحاكمة، من فنادق ومسارح ونوادى ومزارع، في نفس الوقت يتم إهمال باقى المؤسسات وتقليص ميزانياتها كالتعليم والصحة، فماذا عسانا أن نتوقع، فى بلد يقلص ميزانية التعليم والصحة والبحث العلمى، لمصلحة الطبقة الحاكمة!

وما أروع ماقال الشيخ محمد الغزالى رحمه الله: كل دعوة تحبب الفقر إلى الناس، أو ترضيهم بالدون من المعيشة، أو تقنعهم بالهون فى الحياة، أو تصبرهم على قبول البخس، والرضا بالدنية، فهى دعوة فاجرة، يراد بها التمكين للظلم الاجتماعى، وإرهاق الجماهير الكادحة فى خدمة فرد أو أفراد. وهى قبل ذلك كله كذب على الإسلام، وافتراء على الله.

فلا بد من إيجاد حلول استراتيجيّة فعالة وناجعة لمعالجة مشاكل الفقر والبطالة، وغلاء الأسعار وغيرها من المشاكل الاقتصادية المزمنة.

والحل لا يكمن في فرض مزيد من الضرائب أوالتوجه إلى صندوق النقد الدولي أو الاقتراض الخارجي والداخلى، بل يكون بترشيد الإنفاق الحكومى، وإحياء نظام الوقف الإسلامي الذى نص عليه دستور 2012، والذى سارع الانقلابيون إلى إلغائه عقب الانقلاب العسكرى الدموى، إرضاء للكنيسة لدورها في دعم الانقلاب، كذلك يكون بإحياء فريضة الزكاة، والتي هي من أنجع الحلول لعلاج مشكلة الفقر، لأنها من أهم قواعد التكافل الإجتماعى، فضلاً عن أنها نظام ربانى، ولابد من إيجاد فرص للإستثمار، وتشييد المصانع، وليس بتشييد السجون والمعتقلات، والإعتماد على الهبات والمعونات والقروض، وبيع مقدرات الشعب، والتفريط فيها، ولكن كما قال الرئيس محمد مرسى للعمال خلال زيارته لمجمع الحديد والصلب بحلوان : لازم ننتج غذائنا ودوائنا وسلاحنا.

ووضع خطط مختلفة للنهوض بالمستوى الاقتصادى للبلاد، وليس بإقامة مشروعات وهمية، للدعاية فقط، كما هو الحال في مشروع تفريعة قناة السويس، وأن القصد منها كان فقط مجرد رفع الروح المعنوية للشعب.

كما أن أحوال البلاد لاتستقيم إلابرفع الظلم عن المظلومين، ورد المظالم إلى أهلها، وتشجيع الناس على الخير، وإشاعة الفضائل، والبعد عن الرذائل، والاهتمام بوسائل الإعلام لنشر قيم الإسلام ومثله العليا وليس بمحاربة الدين، وهدم ثوابته، بزعم محاربة الإرهاب!

كما أن السؤال الذى يطرح نفسه، لماذا الاغنياء ورجال الاعمال لايضحون ويعذبون، وهم من سرق المال العام ومص دماء الشعب؟؟ ولماذ الفقير، هو المطلوب منه الصبر والتضحية من أجل كروش الأغنياء؟

وماموقف عسكر وجنرلات كامب ديفيد وجلاوزة الشرطة، وقضاة جهنم، والوزراء والمحافظين لماذا لايضحون ويتعذبون معنا ؟ أم أن التضحية والعذاب مكتوب على الفقراء والمعدمين.