أكَّدت دراسة نُشرت نهاية الأسبوع الماضي، ونقلتها صحيفة لوموند الفرنسية، أن أكثر الدول الإفريقية عرضة لانتشار فيروس كورونا فيها هي مصر والجزائر وجنوب إفريقيا.
وبينما انتشر الوباء من الصين إلى 23 دولة أخرى، لم تعلن أي دولة إفريقية عن أي إصابات إلى الآن، رغم أن الصين هي الشريك الاقتصادي الأول للقارة الإفريقية ويوجد العديد من الخطوط الجوية بين دولها والصين، وهو ما يرفع خطر وصول الفيروس القاتل إلى تلك الدول.
واعتمدت الدراسة، التي قام بها فريق دولي من الباحثين، على معايير إطار المراقبة والتقييم الخاص باللوائح الصحية الدولية لمنظمة الصحة العالمية، في تحديد مؤشرين لمدى جاهزية الدول لمواجهة الأوبئة وعرضتها لها، بالإضافة إلى مؤشرات اقتصادية واجتماعية وصحية وتحليل المرور الجوي بين الصين وإفريقيا.
وبينما حازت مصر على تقييم مرتفع في الجاهزية والقدرة على الاستجابة، حيث حصلت على 87 درجة من 100، فإن درجتها في قابلية الإصابة أقل بكثير، عند 53 درجة من 100.
أزمة تكليف “كورونا”
إلى ذلك، نفى الأمين العام لنقابة الأطباء إيهاب طاهر، اتهام وزارة الصحة بحكومة الانقلاب للنقابة بأنها حرَّضت أعضاءها على عدم الاستجابة للتدريب على كيفية التعامل مع الحالات المحتمل إصابتها بفيروس كورونا.
وأكّد طاهر أن الأطباء هم الذين اعترضوا على التكليف بعد وصفهم له بأنه غامض، فيما قال محمد عبد الحميد، أمين صندوق النقابة، إن النقابة نظمت ورشة عمل لتوعية الأطباء بفيروس كورونا، كما طالبت وزارة الصحة بتدريب الأطباء قبل إشراكهم في عملية مكافحة الفيروس بعد إرسال الوزارة ما وصفه عبد الحميد بـ«الأطفال» للمستشفيات المخصصة للحجر الصحي.
وكانت وزارة الصحة قد قدمت بلاغًا إلى النائب العام، يوم السبت الماضي، ضد النقابة اتهمتها بارتكاب مخالفات تؤدي إلى تكدير السلم العام، واختلاق أكاذيب، وافتعال أزمات، وإثارة الأطباء، والتسبب في إهدار المال العام، وتعمد لَيّ الحقائق، وتحريض الأعضاء على عدم الاستجابة لمناشدة الوزارة بشأن التدريب على التعامل مع كورونا، ما وصفه طاهر بأنه كيدي.
وخدعت وزارة الصحة بحكومة السيسي الأطباء، حين أعلنت عن حاجتها لأطباء في مهمة طبية بمرسى مطروح بحوافز مالية كبيرة، وصلت إلى 20 ألف جنيه، في ظل تدني رواتب الأطباء وهجرتهم العمل الحكومي، بنسب تجاوزت الـ60%، ليفاجأ الأطباء بأن أمامهم عمل حجر طبي ضد فيروس لا يعرفونه وبلا تدريب أو دراسة، ما أثار غضب الأطباء الذين حاولوا عقد جمعية عمومية الجمعة الماضية، إلا أنها فشلت في تحقيق النصاب القانوني لانعقادها.
وتبرز أزمات القطاع الصحي في مصر في تراجع أعداد الأطباء وتدني خدمات المستشفيات الحكومية وغياب التخطيط الاستراتيجي لمواجهة الأمراض، وتراجع ميزانيات التدريب التي تبتلعها مستشفيات الجيش، بينما يتوسع الاستحواذ الإماراتي على المستشفيات المتطورة ومراكز القطاع الخاص، والتي ارتفت أسعار خدماتها الطبية إلى أرقام فلكية لا تتناسب مع غالبية المصريين.
علاوة على ذلك، ضعف خبرات وزيرة الصحة، هالة زايد، التي تركز فقط على تحقيق مطالب السيسي.
احتمالات نقل الفيروس
ويقول الدكتور شريف حتة، استشاري الصحة العامة والطب الوقائي، إن الفيروس يمكن أن ينتقل إلى مصر عن طريق القادمين من أي بلد توجد بها سلالة الفيروس، ولكن ليس بالضرورة أن يكون تأثيره مماثلًا لما يحدث بالصين.
ويوضح “حتة” أن البيئة التي يستوطن بها الفيروس أحد أهم العوامل التي تؤثر في استجابة الأشخاص له، فالمجتمعات التي تنشتر فيها التلوث بشكل كبير تكون بيئة خصبة لتنامي ذلك النوع من الفيروسات.
كما أن البشر أنفسهم مسئولون عن الإصابة بشكل كبير، فالأشخاص الذين لا يتبعون العادات الصحية ويفتقرون إلى النظافة الشخصية هم أكثر عرضة للإصابة عن غيرهم، إذ تجذب أجسادهم البكتيريا والميكروبات والفيروسات، فضلًا عن مناعتهم الضعيفة التي لا تستطيع كبح الأمراض.
وكل فيروس يكون أكثر نشاطًا وتطورًا في بيئات معينة عن غيرها، إذا تتدخل العوامل البيئية والجغرافية وتغيرات الحرارة والمناخ، مما يجعل الفيروس غير مناسب له التكاثر والتنامي في مكان بعينه، على عكس مكان آخر قد يتواجد فيه ولكن لا ينتشر.
ويوضح استشاري الصحة العامة، أن فيروس كورونا كغيره من الفيروسات الأخرى التي تنتقل عن طريق الجهاز التنفسي، يسهل انتقالها، ولكن يختلف تأثيرها من شخص لآخر، وحتى إذا وصلت العدوى إلى مصر فتأثيرها على الأشخاص سيكون مختلف، وأرجع ذلك لعدة عوامل:
– مناعة الجسم تحدد شكل وخطورة الإصابة بالفيروس، فأصحاب المناعة الضعيفة ككبار السن والأطفال والحوامل وغيرهم ممن لديهم مشكلات في المناعة يكون تأثير الفيروس عليهم بشكل أكبر من آخرين مناعتهم قوية.
– مدى وعي الأشخاص بماهية الفيروس وطرق العدوى، وكيفية الوقاية منه.
– التوعية العامة في وسائل الإعلام بالمخاطر، مع عدم إصابة المواطنين بالذعر.
– تشديد الإجراءات الصحية على المسافرين، والقادمين من الأماكن التي تنتشر بها العدوى.
– استعدادات وزارة الصحة باحتمالية وصول الفيروس، وتوفير المضادات الحيوية التي يمكنها التعامل مع ذلك النوع من الفيروسات، والأدوية الأخرى كخوافض الحرارة، وكذلك تجهيز المستشفيات في حالة حدوث بعض المضاعفات كالالتهاب الرئوي.
ويختتم الدكتور شريف حتة بأن سيناريو وصول الفيروس إلى مصر متوقع، ولكن لا ينبغي الذعر، نظرًا لاختلاف العوامل السابق ذكرها، ولأن العلاج يعتمد على مضادات الفيروسات، وخوافض الحرارة، والراحة التامة، مع عزل المريض لتجنب انتقال العدوى وتجنب حدوث المضاعفات.