تعرض نظام الانقلاب بقيادة الجنرال عبدالفتاح السيسي لصفعة ثانية خلال أسبوعين من جانب الأمم المتحدة، حيث تراجع ترتيب مصر على مؤشر التنمية البشرية لعام 2018 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أربعة مراكز، في المرتبة الـ 115 عالميا خلف ليبيا، وهو ما يتنافي مع الأرقام التي تعلنها الحكومة بشأن تحقيق طفرات في معدلات النمو والرخاء ومستوى المعيشة، ويؤكد أن النظام العسكري يتلاعب بالأرقام لتحسين مستوى وضعه الاقتصادي، وفق خبراء ومحللين.
ووفقا للتقرير فقد احتلت مصر المرتبة الـ11 عربيا، وتسبقها 10 دول هي بالترتيب: الإمارات، وقطر، والسعودية، وسلطنة عمان، والكويت، ولبنان، والجزائر، والأردن، وتونس، وليبيا. واحتلت النرويج المرتبة الأولى، وسويسرا المرتبة الثانية ثم جاءت أستراليا وإيرلندا وألمانيا.
وكانت الصفعة الأولى من مفوضة حقوق الإنسان السامية ميشيل باشليه والتي انتقدت انتهاكات النظام في ملف حقوق الإنسان ودانت بشدة أحكام الإعدام الجماعية بحق المعارضين السياسيين، ودعت إلى إلغائها لافتقادها لأدني معايير العدالة والنزاهة.
ومؤشر التنمية البشرية HDI هو مؤشر ابتكرته الأمم المتحدة يشير إلى مستوى رفاهية الشعوب فى العالم. وتصدر له تقريرا سنويا منذ عام 1990 وما يقوم به برنامج الأمم المتحدة الإنمائى هو تنمية الدول وتحسين أوضاع المواطنين فى الدول المختلفة. ويتعلق مؤشر التنمية الإنسانى بقياس متوسط العمر المتوقع للمواطن، ومستوى التعليم، والأمية، والمستوى المعيشى، فى مختلف أنحاء العالم. وهي معايير لم يحقق فيها المواطن المصري أي تقدم ملحوظ منذ سنوات، على الرغم من التقارير الحكومية التي تفيد بعكس ذلك.
ووفق تصنيف البنك الدولي الجديد لنصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي سنويًا بالدولار لدول العالم فى 2019، فقد جاءت مصر ضمن الشريحة الثالثة للدول متوسطة الدخل، مع السودان وتونس والمغرب والهند بمتوسط دخل يتراوح بين 996 و3895 دولارا سنويًا متقدمة على اليمن وسوريا، وخلف كل من لبنان وليبيا والأردن وجنوب أفريقيا.
أسباب التراجع
ويعزو محللون وخبراء أسباب تراجع مصر في مؤشر التنمية الخاص بالأمم المتحدة إلى عدة أسباب، أهمها أن مصر خرجت تماما من تصنيف جودة التعليم، وتعاني اقتصاديا من ارتفاع كبير في عجز الموازنة، والدين العام، وكان لهذا أثر كبير على المواطنين فارتفعت نسبة الفقر، وأدى ذلك إلى أن تصنف مصر ضمن أكثر الدول تعاسة!”.
كما يعكس ذلك فشل حكومة الانقلاب التي تحترف بيع الوهم عبر تصريحات فضفاضة لا تمت للواقع بصلة، وعندما تتحدث عن تحسن في مؤشرات الاقتصاد فالواقع يثبت عكس ذلك، وتصريحات وزير المالية محمد معيط الذي قال إننا نقترض لكي نسد فوائد الديون ..هو أبلغ رد على ما تزعمه الحكومة” بحسب المحلل الاقتصادي محمد السيد.
وأفضى فشل الحكومة المتواصل إلى ارتفاع نسبة الأمية ووصلت أعداد الأميين حسب ما جاء في تقرير التعبئة العامة والإحصاء إلى 18.5 مليون مواطن لا يقرءون ولا يكتبون وهذا يدل على أن الدولة تسير في الاتجاه الخاطئ”.
وفي ملف الحريات باتت مصر من أسوأ الدول بعد الانقلاب العسكري، فالقتل خارج القانون والاعتقالات التعسفية، والأحكام الظالمة جعلت مصر تتقهقر في مؤشر التنمية، وتصبح ليبيا أفضل تصنيفا من مصر رغم الصراع الجاري منذ سقوط نظام القدافي”.
كما يعزو الباحث والأكاديمي، محمد سليمان الزواوي، تراجع مصر أربعة مراكز إلى أن “نظام السيسي جاء ليحافظ على مصالح النخبة التي كانت موجودة في ظل نظام مبارك، وبالتالي لا يهتم بغالبية المصريين من الطبقات الفقيرة ومحدودي الدخل والمتوسطة إلا بما يخدم أجندته وأطماعه”.
ويدلل على ذلك بتناقض السيسي مع نفسه ومواطنيه بالبذخ فيما يتعلق بأمور الجيش وأحلامه الشخصية، وبالشح والتقتير والتقشف فيما يتعلق الأمر بمرتبات ودخول المواطنين”، لافتا إلى أن الدولة تخلت عن دورها الاجتماعي، “في رفع الدعم، بل وأصبحت دولة جابية تعمل على إغناء الحكومة ورفع رواتب الوزراء والمحافظين والنواب، وإفقار المواطنين بفرض المزيد من الضرائب والرسوم”، متوقعا ألا تشهد مصر أي تقدم في مؤشرات التنمية والرفاهية في ظل استمرار توجهات سياسيا النظام الرامية لتعزيز نفوذ الكبار والأثرياء على حساب الفقراء والمهمشين.