هكذا وصلت السفينة “تايتانك” والتي تقل الشعب المصري منذ 30 يونيو إلى قاع الدمار، وباتت ترقد على جنبها في سلام وتتسرب منها أرواح الغلابة والفقراء وتتفرق في عتمة السواد مع بقع الزيت والنفط، وسكتت محركات الأمل وهى تلفظ آخر زخات الحياة، ومن قصص المآسي ما ذكره وحذر منه الدكتور حاتم البنا – الطبيب بإحدى مستشفيات وزارة الصحة بالإسكندرية – من احتمالية انتشار مرض نقص المناعة المكتسب “الإيدز” داخل الإسكندرية ، وذلك عن طريق فتاة كشفت عنده وعرف قصتها بالمصادفة .
وقال “البنا” في تدوينة على “فيس بوك ” :” حصلت على أكثر من 144 ألف إعجاب و 10 آلاف مشاركة: “جاتلى من كام يوم واحدة ست شيك فى أواخر الأربعينات ومعاها بنت حاجة وعشرين سنة ، من ملابس البنت وشكلها واضح إنها عايشة فى الشارع … المهم الست دى كانت ماشية وشافتها صعبت عليها جابتها تكشف عليها”.
هكذا المرأة في عهد السيسي
واستطاعت الثورة المضادة والانقلاب العسكري تدمير كل ما جنته ثورة 25 يناير 2011 من مبادئ وحقوق ناضلت من أجلها النساء طويلًا، فبدت انتهاكات الشرطة والجيش معًا أمرًا مقبولًا في حق النساء، لتأتي مصر بتصنيف الأسوأ عربيًا في معاملة المرأة.
وهو ما يظهر جليا في قصة البنا، الذي قال: “المهم كشفت عليها كشف ظاهرى كده البنت واعية كويس و بتفهم كويس مش متخلفة عقليا يعنى ، وهى متعرفش أهلها ، هى طلعت لقت نفسها فى الشارع ، طبعا جسمها كله سحجات خفيفة كده ، و شكيت من الكشف إنها حامل لأن بطنها كانت كبيرة شوية ، سألتها انتى متجوزة ؟ قالت لا .. استدعيت دكتور النسا عملها سونار وفعلا طلعت حامل فى أربع شهور ومكانتش تعرف ، وقالت إنها كانت حامل قبل كده وسقطت فى الشارع كده من غير أى رعاية طبية .
فسألتها مين والد الجنين ، قالت معرفش ، فى كذا حد بيعتدى عليها جنسيا وهى كانت بتقاوم زمان بس لقت إنها بتتضرب وتتعور وفى الآخر بياخدوا اللى هما عاوزينه (على حد تعبيرها) فمبقتش تقاوم وعلى حد وصفها إنهم بالمئات لأن كل واحد كان بينجح إنه يعمل معاها حاجة كان المرة اللى بعدها بيجيب أصحابه معاه ، واصحابه يجيبوا اصحابهم”.
وأردف: “البنت حالتها الصحية زى الزفت حرفيا ، عندها نزلة شعبية ، وطبعا أمراض جلدية ، درجة حرارتها عالية ، وغيره وغيره من البلاوى . طبعا عملتلها حبة تحاليل شاملة كده صورة دم ووظايف كبد وكلى وتحاليل فيروسات كبد وغيره من التحاليل اللى بتعملها لحد جاى من الشارع .. خلصت وكتبت للست روشتة مبدئية أعالج فيها الحاجات الظاهرة لغاية ما نتيجة التحاليل تظهر و تيجى نكمل العلاج .. الست مشكورة تكفلت بكل الأمور المادية وتعهدت برعايتها إلى ان تجد مكان يتولى أمرها ..كل القصة المأساوية دى مش هى السبب إنى بكتب البوست ده … لأن وللأسف أنا مش أول ولا تانى ولا عاشر مرة أشوف حاجة زى كده ومعتقدش إنها اخر مرة “.
الاسكندرية تنتظر كارثة
وأضاف البنا: “أنا بكتب البوست ده لان التحاليل طلعت .. البنت طلعت HIV+ve ،البنت طلع عندها إيدز !! أنا بكتب البوست ده عشان لو أى حد مسؤول شافه لازم كل الشباب اللى فى المنطقة اللى البنت دى كانت موجودة فيها يتعملهم screening tests أو تحاليل إيدز ، خصوصا سواقين التكاتك من الشباب ، لأنها قالت ان معظمهم كانوا سواقين تكاتك و أصحابهم .. ياريت ياجماعة شير لغاية مانوصل لحد .. المعلومات الخاصة باسم البنت ومكان تواجدها و المنطقة اللى المفروض يدوروا فيها على الشباب دول أنا شيلتها للحفاظ على خصوصية المريض وهى متوفرة لاى مسؤول يحب يتصرف و ياخد خطوة فى الاتجاه الصحيح .. ولا حول ولا قوة الا بالله.
وفي تدوينة أخرها كتبها قبل ساعات قليلة ، قال: “ملخص الأحداث بخصوص التطورات اللى حصلت فى موضوع البنت المصابة بالإيدز … عند محاولتنا عمل محضر : حضرتك مفيش حاجة اسمها كده ، احنا مش الجهة المختصة ، ممكن يتعمل للبنت محضر اداب و يتقبض عليها ولازم تلبس لكن غير ذلك منقدرش نعمل حاجة، أنا : آداب ايه ؟! دى مجنى عليها ؟! سلاموا عليكوا .
ويبدو أن حنية السيسى التي وصلت إلى قطاع الصحة زحفت لأطفال الشوارع، فأسفرت عن مخطط شيطانى لخصخصة المستشفيات الحكومية؛ لحرمان المرضى الفقراء من العلاج، لتنفيذ شعاره “هتدفع يعنى هتدفع”.
وكانت وزارة الصحة في حكومة الانقلاب قد أعلنت عن خصخصة 755 مستشفى حكوميا خلال الفترة المقبلة، ما يضع العديد من علامات الاستفهام حول أسباب الإقبال على تلك الخطوة، ومستقبل تلك المستشفيات بعد خصخصتها.