كتب: يونس حمزاوي
كثير من الناس يذكرون طبيبة الجلدية الشابة، الشهيرة بعاشقة السيسي، التي خرجت في مقطع فيديو قبل مسرحية “انتخابات الرئاسة 2014” عبر مؤتمر حملة “كمل جميلك” تتكلم بعاطفة جياشة؛ هياما وغراما في قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، حيث قالت: «بحبه بحبه قوي قوي قوي.. بحس بمتعة وأنا بتفرج عليه».
وقد تم ترويج مقطع الفيديو على نطاق واسع، سواء بين مؤيدي العسكر أو رافضيه، فالفريق الأول يستشهد به للتدليل على حجم شعبية الجنرال الذي أطاح بالإخوان من الحكم. والفريق الثاني روجه للتدليل على مدى تخلف وتطرف أنصار العسكر الذين يدعمون جنرالا دمويا سفاحا، اغتصب السلطة بانقلاب عسكري دموي، سفك فيه دماء آلاف الأبرياء، وأجهض حلم ثورة يناير 2011، وأجهض التجربة الديمقراطية في مهدها قبل أن تحصل على فرصتها وتغير مجرى الحياة في بلاد النيل الحزين.
الطبيبة تتراجع: الناس بتدعي عليه لغلاء الأسعار
وبعد أكثر من عامين، خرجت الطبيبة الشابة أماني السيد لتوضح حقيقة تصريحاتها، مؤكدة أنها لم تقل تلك الكلمات التي انتشرت على لسانها بهذا الشكل، وأنها ظهرت بهذه الصورة بفعل المونتاج.
وعن أحوال البلاد والظروف الاقتصادية قالت، فى تصريحات لموقع “هافنجتون بوست”: “هناك مواطنون كثيرون يدعون على السيسي؛ بسبب الزيادة الرهيبة فى الأسعار وعدم قدرتهم على التحمل، وأنا ألتقي بهم فى الشارع يوميا بالعشرات، فيسألونني بأسى إنت لسه بتحبيه؟ لسه بتأيديه؟، فلا يسعني وقتها إلا مغادرتهم وأنا أشعر بالأسى من أجلهم”، لافتة إلى أن ذلك يشعرها بتراجع شعبية السيسي.
أسباب غضبها من الرئيس مرسي
وعن سبب غيابها، قالت إنها كرست مجهودها فى الفترة الماضية للحصول على “بدل العدوى للأطباء”، بعد أن حكمت بذلك المحكمة، وتقول إنها كانت غاضبة من الرئيس محمد مرسي، الذي وصفته بالأسبق؛ بسبب “الأخطاء السياسية” التى تحدث عنها السياسيون، ولتأجيله تنفيذ كادر الأطباء حتى تمت الإطاحة به قبل تطبيقه.
حيال ذلك، تناشد أماني قائد الانقلاب- الذي تصفه بالرئيس- أن يقر البدل الذي أقرته المحكمة للأطباء بقيمة ألف جنيه شهريا، بدلا من البدل الذي لم تزد قيمته على 19 جنيهًا طيلة عشرين عامًا، مؤكدة أنه يُحسب للرئيس الأسبق محمد مرسى نيته زيادة بدل الأطباء في العام الثاني من الحكم، ولكنه رحل قبل أن ينفذ وعده، فلو كان نفذه مبكرًا مثلما فعل مع أساتذة الجامعات لاسترحنا.
وزعمت- بحسب فهمها القاصر- أن أكبر أخطاء الرئيس مرسي هي لعبه بالدين، وترى أن مسمى “الإخوان المسلمين” هو بالأساس شرك بالله، حسبما تقول، “ولذلك أكرهه كرهًا فظيعًا”.
وتتساءل: “يا سيادة.. “السيسي”، إذا كانت مصر فى موقف صعب، فلماذا يصرف للقضاة بدل عدوى يبلغ 3 آلاف جنيه (186 دولارا)، ويصرف للأطباء 19 جنيها رغم أنهم الأكثر عرضة للخطر، وتوفي كثيرون منهم بالفعل بسبب نقل العدوى؟ ولماذا لا ينفذ الحكم القضائي الصادر بهذا الخصوص؟”.
وأضافت باستنكار أن أفقر بلاد العالم لا تعامل الأطباء مثلما تعاملهم مصر، ولذلك يهاجرون إلى الخليج، في حين أن إعطاءهم حقوقهم المادية التى تساعدهم على المعيشة يضمن عدم هجرتهم، ويترجم ذلك في تقديم رعاية صحية جيدة للمواطنين، ومن ثمّ ترتفع كفاءة الإنتاج ويتحسن الاقتصاد المصري.
وذكَّرت السيسي بوعدٍ أخذه على نفسه في حفل تنصيبه، بأنه سيحسن رواتب الأطباء التى تقدر بنحو 700 جنيه (43 دولارا) في المتوسط، وهو ما لم يحدث حتى الآن، ولكنها واثقة من أنه سيحققه!.
ومن المدهش حقا أن السيسي يجحد حق هؤلاء عمليا، ويضحك عليهم ببعض الكلمات المعسولة فينبطحون مستسلمين، حيث أشارت الطيبية إلى أن أحد الأطباء سأل السيسي عن بدل العدوى فى مؤتمر الشباب ووعده بدراسة الأمر، وقالت: “كان يتكلم معه بعطف، فالسيسي- بحسب كلامها- عطوف مع الأطباء”!.
وأوضحت أنها شاركت فى مظاهرات الأطباء للمطالبة بزيادة بدل العدوى، واستنكرت تجاهل تنفيذ حكم المحكمة بصرف مبلغ ألف جنيه تحت هذا البند، وكأن الدولة تقول لهم “فليذهبوا إلى الجحيم”– على حد قولها- كما شددت على أن الأطباء يلقون عليها اللوم باعتبارها أحد أسباب نجاح السيسي التى ساهمت فى تحقيق شعبيته سواء داخل مصر أو خارجها– على حد قولها- ويطالبونها بأن تطلب منه حقوقهم فى صرف بدل العدوى.
وتمنت ألا تخيب الحكومة ظنها فيها وتقوم بتنفيذ حكم المحكمة بصرف بدل الأطباء، موضحة أنه في حالة عدم تطبيقه ستنزل الشارع ضد الحكومة والسيسي، قائلة “يا روح ما بعدك روح”.
وبررت أماني غلاء الأسعار بأن السيسي فعل ما بوسعه لتخفيض الأسعار، ولولا وجوده لكانت الأسعار قد ارتفعت أكثر من ذلك بكثير، محملة الشعب المصري مسئولية التخريب الذى يحدث فى البلاد، مؤكدة أنها ما زالت ترى في عبد الفتاح السيسي زعيما جيدًا في ظروف صعبة قبل أن تتوسع بعد ذلك في الحديث عن معاناتها الشخصية، ومطالباتها له التي لم تتحقق بعد، ودعوات الناس عليه وانفضاض مؤيديه.
ورغم تأكيدها أن الراتب لا يكفيها ولا يكفي الأطباء بدليل خوضهم معركة بدل العدوى، ورغم تأكيدها كذلك معاناتها من تكاليف المعيشة، فـ”تذكرة القطار الذي كانت تستقله من أو إلى منزل العائلة فى الإسكندرية، كانت 35 جنيها وأصبحت 70 جنيها على نفس الدرجة”، ولكنها رغم ذلك ترى أن الأزمات الاقتصادية تحصل في كل الدول المجاورة والأكثر ثراء مثل السعودية، التي خفضت رواتب الموظفين، وتعلق “العالم كله يعاني والسيسي طلب الصبر”.
المصريون حسب رأي أماني هم سبب أزمة نقص الدواء، وذلك بسبب تفشي الأمراض بينهم!، وسبب هذه الأمراض هو ما يستخدمونه من عطور على أجسادهم!، وقالت: “يمكن أن نقلل احتياجاتنا من الأدوية بالوقاية والإنفاق على مسببات الأمراض”.
واختتمت أماني حديثها بأنها تستبعد أن تنزل مظاهرة ضد السيسي في يوم من الأيام، ولكنها أوضحت أنها لن تنتخبه المرة القادمة دون أن تقيم الأربع سنوات، وترى المرشحين الآخرين، و”لا يعلم الغيب إلا الله”.
فيديو لمشاركة الطبيبة في وقفة الأطباء للمطالبة ببدل العدوى