زوجة الرئيس الأمريكي تفضح جرائم “نور عنينا” ضد أطفال مصر

سادت حالة من السخرية والاستهجان بين المراقبين لزيارة ميلانيا زوجة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب،أمس الإثنين، إلى عدة دول إفريقية من بينها مصر، في جولة تستمر نحو أسبوع، تركز على قضايا الأطفال، خاصةً قضايا “الصحة الجسدية والعاطفية للأطفال والهجرة الشرعية والعمالة الصغيرة” ورعاية أطفال الشوارع والمشردين.

وسبق أن تحدث المنقلب عبد الفتاح السيسي في أحد خطاباته الكاذبة وقال بالحرف الواحد: أنتم مش عارفين انكم نور عنينا ولا إيه، إلا أن الواقع الأليم الذي دفع “ميلانيا” للتوجه إلى مصر ودول إفريقية فقيرة يكشف ما يحدث لأطفال مصر وهذا ما ترصده “الحرية والعدالة” في التقرير التالي:

في شهر أكتوبر من العام الماضي، طالعتنا صحف موالية للانقلاب بعرض أسرة فقيرة طفلها للبيع؛ حيث قرر “الأب” بيع ابنه مقابل حفنة من النقود، دون أن يعرف هوية واسم المشتري، وحرر عقد تنازل ونقل ملكية لنجله، لحامل عقد البيع مقابل مبلغ زهيد.

واستمرار لحالة التدنى الاقتصادى ، عرضت أسرة كاملة بمحافظة الغربية نفسها للبيع، ورفع أفراد الأسرة لافتات مكتوب عليها “أسرة مصرية للبيع” أمام مبنى المحافظة، وذلك بعد وقف معاش الضمان الاجتماعي الخاص بهم.

وعبر الزوجان عن حزنهما من غلاء الأسعار، وعدم قدرتهما على الإنفاق على أبنائهما، خاصة بعد وقف معاش الضمان الاجتماعي ، وتجاهل المسئولين طلباتهم لإعادة الصرف أو معرفة سبب توقفه.

طفل بـ100 جنيه!

في وقت سابق، أقدمت سيدة بدمياط على عرض طفلها للبيع أمام المارة في الشارع، وكانت المفاجأة حين طلبت الأم مبلغ مئة جنيه فقط، من أجل إطعام باقى إخوته، أهالي قرية “السنانية” بدمياط، تجمهروا أمام السيدة التي كانت تقف قرب أحد المطاعم الشهيرة بالمنطقة، بسبب الفقر والجوع، الذي أصاب عائلتها لضيق الحياة وغلاء الأسعار، انفعل الأهالي وظنوا فى بادئ الأمر أن الأم فقدت قواها العقلية لكنهم تحققوا فيما بعد من أن الفقر والجوع هما ما أعوزاها لبيع فلذة كبدها.

الدكتورة سامية الساعاتى، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس،قالت إن الفقر المدقع يكون الدافع الرئيسي للآباء والأمهات للتخلص من أبنائهم بعرضهم للبيع، كما أن ظروف الحياة باتت صعبة للغاية الآن في مصر.

وأضافت “الساعاتى” أن ضغوط الحياة والعيشة المرة أصبحت فوق تحمل وطاقة الآباء والأمهات، لذا يقررون عرض أطفالهم للبيع، لأنهم قد يعرضون حياة أبنائهم للخطر فى ظل الاحتفاظ بهم فى تلك الظروف الصعبة، “ممكن يموتوا”.

محساش بالناس

“إنت محساش بالناس”، العبارةُ قالَها صبيّ صغير لمذيعة نسيت دورَها الإعلامي وتحوّلت إلى مُحقّقٍ وقاضٍ وجلاّد، أصدرتِ الحكم على المتهم (البريء حتى تثبت إدانتُه)، ثم شرعت فى القصاص والجلد والتنكيل المعنوى. الصبيُّ متهمٌ بتهريب ملابس غير خالصة الجمارك، حتى يعود إلى أمّه وشقيقاته ببعض الجنيهات تقيمُ أودَهن وتستر أجسادَهن.

وفضح رد الطفل السوهاجي محفوظ دياب محفوظ مجاهد، البالغ من العمر 15 عامًا ، فساد دولة العسكر وإهانة اطفاله حيث لخص في إجابته على المذيعة حين سألته لماذا لا يعمل بمنطقة الاستثمار، ليرد عليها بإجابات مؤلمة “إنتى محساش بالناس”.

تسرب من التعليم

ومن كوارث العسكر بحق الأطفال ، ارتفاع نسب التسرب من التعليم،والذى يعتبر من أهم وأخطر القضايا التى يواجهها المجتمع المصرى حاليا فى ظل حكم الانقلاب، وذلك لانها تهدد مستقبل الأجيال، فهروب التلاميذ من التعليم لا تقتصر نتائجه السيئة على الطلاب فقط، بل تمتد للجميع حيث تزيد معدلات الأمية وينتشر الجهل والبطالة.

ورصد الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عدد المتسربين من التعليم من إجمالى سكان مصر، خاصة من هم فى الفئة العمرية من 6- 20 سنة، حيث بلغ إجمالى عدد المتسربين فى هذه الفئة العمرية 1.122 مليون طالب يتركز معظمهم فى محافظتى سوهاج والجيزة، إذ يوجد 104.957 طالب متسرب من التعليم بمحافظة الجيزة، و 95.252 ألف بسوهاج.

ووفقا لإحصاءات الجهاز هناك نحو 321.8 ألف طالب متسرب من المرحلة الابتدائية، و 451.6 متسرب من الإعدادية، ومن الثانوية، نحو 349 ألفا.

واحتلت 5 محافظات قائمة الأعلى من حيث المتسربين من التعليم بها، حيث جاءت محافظة الجيزة فى المركز الأول، وبها نحو 105 ألاف متسرب من إجمالى عدد المتسربين من التعليم فى الفئة العمرية من 6-20 عام والبالغ 1.122 مليون متسرب، تلاها محافظة سوهاج بـ 95.2 ألف ، واحتلت أسوان المركز الثالث بـ 91.9 ألف.

سجون واعتقالات

وتفوق نظام السيسي خلال 5 سنوات من الحكم الاستبدادي الجائر في جرائمه ضد الشعب المصري خاصة الأطفال،ومن بين المساخر فى عهد المنقلب اعتقال الرضيعة “عالية مضر” بسجن القناطر ؛وذلك بعد اعتقال والدها ووالدتها “فاطمة موسي” لمدة 10 أيام متواصلة وسط حرمان من الطعام والشراب.

ومنذ انقلاب 3 يوليو 2013 يتعرض الأطفال دون سن الثامنة عشرة للعديد من الانتهاكات، خاصة المعارضين سياسيًا، وشملت الانتهاكات الاختطاف التعسفي، والتعذيب النفسي والجسدي داخل أماكن الاحتجاز، والقتل خارج إطار القانون، والاعتقال دون تصريح قضائي، بالإضافة إلى صدور أحكام بالإعدام ضد عدد منهم فضلًا عن الممارسات الإعلامية الجائرة بحقهم.

ووفق منظمة هيومن رايتس مونيتور، فإنّ عدد المعتقلين دون الثامنة عشرة منذ الانقلاب حتي عام 2015 وصل إلى 2200 طفل، لا يزال أكثر من ربعهم قيد الاعتقال، و950 منهم تعرضوا لمعاملة قاسية وتعذيب، بينهم 78 حالة عنف جنسي. أما عدد القتلى من الأطفال فغير محدد، إلا أن التقرير قدرهم بالعشرات منذ فضّ اعتصام رابعة.

فيما أكدت وحدة رصد انتهاكات المرأة والطفل في المرصد المصري للحقوق والحريات أن تلك الممارسات تصاعدت عقب تولي السيسي الحكم بانقلاب عسكرى؛ حيث قُتل خلال الـ100 يوم الأولى من حكمه 12 طفلًا بالرصاص الحي، واعتقل 144 طفلًا وجرى تعذيب 72 طفلا ، والاعتداء جنسيا على 26 داخل مقرات الاحتجاز، وصدرت أحكام بالإعدام وأخرى بالسجن بحق أطفال قصّر، وهو أمر يخالف قانون الطفل والدستور المصري والمعاهدات الدولية.

وأكدت مؤسسة عدالة في تقرير لعام 2017 أن :حقوق الأطفال في أربع سنوات طالها ما طال كافة الشرائح من انتهاكات، فهناك آلاف الأطفال أعمارهم بين الثالثة عشر والسابعة عشر، تم القبض عليهم وحبسهم على ذمة قضايا رأي والتظاهر بدون تصريح، وبحسب مصادر غير رسمية وصل عددهم إلى ما يزيد عن ثلاثة آلاف طفل، منهم 800 مازالوا رهن الاحتجاز.

Image processed by CodeCarvings Piczard ### FREE Community Edition ### on 2015-04-15 11:15:02Z | | PÀ

كارثة الشوارع

وتعد مشكلة أطفال الشوارع كارثة في مصر، حيث الازمة الاقتصادية تتفاقم،ويقدر عددهم قرابة 16 ألفا، وفق بحث أجرته وزارة التضامن بحكومة الانقلاب.غير أن منظمة “يونسيف” تقدر عددهم بـ”عشرات الآلاف”، وفق ممثل المنظمة في مصر، برونو مايس.

وتواجه الجمعيات الأهلية التي تعمل مع أطفال الشوارع، المشكلات نفسها التي تصطدم بها وزارة التضامن.
وترفض طبيبة الأطفال هنا أبو الغار، التي أنشأت في العام 2009 مؤسسة “بناتي”، الخوض في الأرقام، وتؤكد أن “كل التقديرات لا تحظى بالمصداقية”.

وتقول أبو الغار “يجب أن نخشى انفجار مشكلة ملايين تربوا خلال العشرين سنة الأخيرة في العشوائيات وحرموا من أمان الأسرة ولا مهارات لديهم ويلجؤون إلى العنف لحل أي مشكلة. يتزوجون أحيانا 14 مرة ويعانون من كل الأمراض”.وتخلص إلى أن “المشكلة الحقيقية هي أن تعيش أجيال كاملة في الشوارع”.