منذ أكثر من أربعة عقود، يستخدم الكورتيزون بشكل واسع في علاج الأمراض الجلدية، خاصة الأكزيما أو التهاب الجلد التأتبي، الذي يتعرض له أكثر من عشرين بالمائة من الأطفال، وعشرة بالمائة من البالغين، وهو المرض الذي يؤثر بشكل كبير على حياة الأشخاص بشكل عام.
وبالرغم من فاعلية الكورتيزون كعلاج موضعي، وبالرغم من تعريف الأمان الجيد له، يعانى العديد من المرضى، ومقدمي الخدمة الطبية، ظاهرة رهاب الكورتيزون (فوبيا الكورتيزون)، مما تسبب في توقف الكثير من المرضى عن العلاج وساءت الأكزيما، وتعرضوا لمخاطر إهمال العلاج المتمثلة في الحكة الشديدة والمزعجة، وخاصة في الليل مما يسبب القلق والتوتر، بالإضافة لتشقق الجلد، وكثرة تعرضه للبكتيريا والفطريات وظهور قشور وبقع غامقة على الجلد.
شائعات حول الكورتيزون
أوضح الدكتور ماهر محمود استشاري الأمراض الجلدية، أنه من خلال ست عشرة دراسة أجريت عام 2017 لفحص (فوبيا الكورتيزون) تراوح انتشار الرهاب بين 21% إلى 84% بين المرضى ومقدمي الرعاية الطبية وقد برز ترقق الجلد والتأثير على النمو على أنه أكثر المخاوف شيوعا، وكان مصدر الخوف معلومات مضللة من أطباء وصيادلة وأصدقاء وأقارب المريض بالإضافة للإنترنت.
وبرغم أن الطبيب الممارس العام و الصيدلي، هما الأمثل للقيام بدور هام في طمأنة المريض نحو الكورتيزون، إلا أن الكثير منهم يقدم دورا سلبيا ويردد عبارات مثل “لماذا وصف طبيبك الكورتيزون؟”… ” عند الدهان استعمل كمية بسيطة جدًا”… أو “أوقف الدواء في أسرع وقت” ..هذه العبارات رغم أنها لم تمنع المريض عن استعمال الكورتيزون صراحة إلا أنها زرعت الشك في قلب المريض، وأعطت إحساس انه يستخدم سم قاتل على جسده.
وأشار الدكتور ماهر محمود عضو الأكاديمية الأوروبية للأمراض الجلدية إلى أن دراسة أجراها (ساكسونسميث) في عام 2016 على الصيادلة في أستراليا، أوضحت أن غالبيتهم يحملون مشاعر سيئة نحو الكورتيزون، وأن 54% منهم كانوا ينصحون المرضى بالابتعاد عن الكورتيون، انخفضن النسبة إلى 8% فقط بعد انخراطهم في دورات تدريبية عن أهمية الكورتيزون كعلاج.
وتابع أن الدراسة السابقة، أوضحت أن 27% فقط من الصيادلة، كانوا ينصحون المرضى باستعمال الكورتيزون حتى الشفاء ارتفعت النسبة إلى 92% بعد الدورة التدريبية ذاتها، ولكن في دراسة منفصلة على الأطباء الممارسين العموم في استراليا، أوضحت أن 41% منهم نصحوا المرضى باستعمال الكورتيزون أقل من أسبوعين فقط، و48% منهم نصحوهم باستعماله بحذر شديد و30% اعتقدوا أن الكورتيزون يسبب ضمور شديد في الجلد.
هل الكورتيزون الموضعي خطير فعلا ؟
أوضح الدكتور ماهر محمود، أن الآثار الضارة الجلدية من الاستخدام الطويل الأمد للكورتيزون الموضعي تشمل (ضمور الجلد وحب الشباب والوردية وزيادة الشعر)، و برغم أن ترقق الجلد قد تم تحديده على أنه مصدر قلق شائع للمرضى و مقدمي الرعاية الطبية، إلا أن دراسة أجريت على 112 مريضًا تم علاجهم بالكورتيزون الموضعي لمدة أسبوعين، بشكل يومي تلاها 4 مرات أسبوعيًا لمدة أسبوعين ثم مرتين أسبوعيًا لمدة 12 أسبوعًا لم يتم العثور على دليل على ضمور الجلد بعد فحص خزعات من الجلد.
وعن الخوف من امتصاص الكورتيزون الموضعي قال الدكتور ماهر: إن الكورتيزون يسبب آثارا جانبية جسدية مثل السكر وارتفاع ضغط الدم ومتلازمة كوشينج ، أجريت دراسة شملت 16 مريضا استخدموا الكورتيزون لمدة 18 شهرًا، في علاج الصدفية لم يتم تسجيل أي أعراض جسدية عليهم، وبموازنة مخاطر الكورتيزون وإهمال علاج الإكزيما اتضح أن الحكة الشديدة والمزعجة التي تصاحب الإكزيما وعدوى الجلد البكتيرية واضطرابات النوم والتي تؤثر بشكل مباشر على نمو الأطفال وجودة الحياة والعزلة الاجتماعية التي تفرضها الأكزيما على المصابين أخطر بكثير من بعض الآثار الجانبية للكورتيزون الموضعي.
منقول (بوابة الاهرام )