رسالة مبكية من داخل المعتقل :

أرسل الصحفي الزميل أ / محمد اليماني – و المعتقل منذ أكثر من عامين – رسالة إلى رئيس تحرير جريدة المصريون أ/محمود سلطان و الذي قام بنشرها على موقعه .

و ننشر هنا نص الرسالة كما نشرها موقع المصريون :

الأستاذ الفاضل/ محمود سلطان

– تحية طيبة من القلب إليك من خلف الأسوار.

أكتب إليك خطابى هذا بعد ما ضاقت بى الأرض بما رحبت، وما بقى لى سوى زنزانتى التى هى وطنى الآن، والذى استقبلته مع فجر كل يوم جديد فخاطبنى قائلاً: إما أن تحبنى أو تكرهنى، وهذه قضية شخصية لك، ولكن ما عليك الآن هو أن تعتاد التعايش معى، فإن عاندتنى عاندتك، وإن توددت إلى توددت إليك.

سيدى الفاضل: فما بالك وأنا أعيش كل يوم منذ حبسى فى 11/2/2014 حتى الآن فى هذا الصراع مع فجر كل يوم جديد يطل برأسه علي.

فما وجدت أمامى كمظلوم أن أفعل أمام قوة غاشمة، سوى أن ألقى بهمومى إليك لعلها تجد للنور سبيلاً.

سأحكى لك قصتى..

أنا شاب فى العقد الثالث من عمره، اسمى/ محمد محمود اليمانى، ومقيم بمدينة السادس من أكتوبر، وأعمل كصحفي، اعتقلت فى 11/2/2014 حتى الآن ولم ألق اهتماماً واسعاً من النقابة التى أنتمى إليها- بحجة أنى لست مقيدًا بها- وأمر من الفئة التى حاولت تحنى رأسها للتيار حتى لا تلقى مصيرى وهذا كله لا يهمني، ولكن ما يهمنى أنى مازلت اقبع فى السجون ظلماً وبهتاناً على الرغم من أننى أستحق صدور قرار فورى بالإفراج عنى بنص المادة 143 لقانون الإجراءات الجنائية حيث أننى تجاوزت مدة الحبس الاحتياطى بالقانون المعمول به فى مصر.

بدأ الفصل الأول من قصتى فى فجر يوم 11/2/2014 ، حيث داهمت قوات أمنية مدججة بالعديد من الأسلحة وكأنها الحرب منزل عائلتي؛ حيث تصادف وجودى بالمنزل مع صدور قرار ضبط و إحضار لوالدى الذى وافته المنية فى 19/12/2010، ولكن قدر الله عز وجل أن أكون موجودًا وتم القبض على الرغم من أننى أظهرت بطاقة تحقيق الشخصية للضابط الموجود على رأس القوة وأطلعته على شهادة وفاة الوالد، ولكن هيهات هيهات، وتم القبض على واقتدت بعد ذلك إلى مقر أمن الدولة بدمياط.ليبدأ الفصل الثانى من القصة.

وبدأ الفصل الثانى من القصة، والذى كان الأصعب معى فى بداية الأمر، إلا أنه اتضح أن الفصول الأخرى من قصتى هى الأكثر إيلاما بالنسبة لى وإن كان لم أجد فيها أى نوع من أنواع التعذيب البدنى أو المعنوى، الذى لاقيته فى المقر المؤقت لقوات الأمن الوطنى بمديرية أمن دمياط بالدور الخامس أو الرابع لا أتذكر، حيث تلقيت وعرفت أنواع كثيرة من التعذيب لا سمعت عنها و لا رأيتها من قبل بداية من الصعق بالكهرباء فى كل مكان فى جسدك، والاعتداء بالضرب المبرح أيضًا ولكن بحرفية عالية لعدم إحداث أى إصابات تؤثر علي، وذلك لانتزاع اعترافات وأشياء لم أقم بها و لكن كيف لشخص مثلى أن يقول لزبانية التعذيب لا لأنها محت من قاموسهم فما كان أمامك سوى أن تهرب من جحيم التعذيب بجحيم الاعتراف على نفسك باتهامات لم تقم بها، وبعد 48 ساعة من التعذيب انتقلت للفصل الثالث من القضية (سرايا النيابة).

ففى داخل سرايا النيابة بمجمع محاكم شطا بدمياط، تم عرضى على وكيل النيابة الذى تولى معى التحقيق بدون وجود محام معى، ولكن تم انتداب محام من قبل قوات الأمن لاستكمال الصورة، وأخرج السيد وكيل النيابة ـ ممثل الشعب – ورقة فلوسكاب وقام بتلاوتها على سكرتير النيابة ليثبتها فى محضر التحقيق الذى حمل رقم 460 إدارى مركز الزرقا وقيده بعد ذلك برقم 4451 لسنة 2014 جنايات دمياط الجديدة بمحافظة الدقهلية،

ليتم بعد ذلك تجديد حبسى بطريقة تلقائية، ولكن لرفع الحرج عن سرايا النيابة كان من الحين للآخر يأتى وكيل النيابة إلينا بسجن جمصة بالمخالفة للقانون وأنا أعلم أننى تم تجديد حبسى 15 يوماً لتتم إحالة القضية فى 16/8/2014 لمحكمة الجنايات بدمياط وتداولت بالجلسات الآتية 20/10/2014 ، 18/1/2015 ، 17/3/2015، 17/5/2015 ، 17/2/2016 ، والتى كانت آخر جلسة وتم تأجيلها ليوم 19/4/2016،

وعلى الرغم من تجاوزى مدة الحبس الاحتياطى بالقانون المعمول به فى مصر إلا أن السيد المستشار رئيس محكمة جنايات دمياط والذى تنظر القضية أمامه رفض طلب هيئة الدفاع عنى بالإفراج الفورى عنى والذى كانوا ينشدوا فيه للمادة رقم 143 من قانون الإجراءات الجنائية والتى تنص على أنه لا يجوز أن تتجاوز مدة الحبس الاحتياطى لأكثر من عامين للعقوبة السالبة للحرية إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هى السجن المؤبد أو الإعدام و لكن كان رد السيد المستشار كالصاعقة على وعلى هيئة الدفاع بأن الأمر ليس بيده!.

هذه حكايتى مع أم الدنيا التى أبت ألا تطبق القانون على ملقية به عرض الحائط، وكأنها تقول لى أركض حيث أنت غير مأسوف عليك، ولكن مهما حدث ستظل مصرنا دائمًا، هى التى سنسعى من أجلها ومن أجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.