د. راغب السرجاني :مقارنة بين حروب الحضارات الحديثة ودمويتها ومعارك الرسول والصحابة

 

بلغ عدد شهداء المسلمين في كل معاركهم أيام رسول الله وذلك على مدار عشر سنوات كاملة: 262 شهيدًا تقريبًا،
وبلغ عدد قتلى أعدائه حوالي 1022 قتيلاً ، وبذلك بلغ العدد الإجمالي لقتلى الفريقين 1284 قتيلاً فقط!

وحتى لا يتعلَّل أحدٌ بأن أعداد الجيوش آنذاك كانت قليلة؛ ولذا جاء عدد القتلى على هذا النحو، فإنني قمتُ بإحصاء عدد الجنود المشتركين في المعارك، ثم قمتُ بحساب نسبة القتلى بالنسبة إلى عدد المقاتلين، فوجدتُ ما أذهلني!
أن نسبة الشهداء من المسلمين إلى الجيوش المسلمة تبلغ 1% فقط، بينما تبلغ نسبة القتلى من أعداء المسلمين بالنسبة إلى أعداد جيوشهم 2%!

وبذلك تكون النسبة المتوسطة لقتلى الفريقين هي 1.5% فقط!
……………..

إن هذه النسب الضئيلة في معارك كثيرة -بلغت خمسًا وعشرين أو سبعًا وعشرين غزوة، وثماني وثلاثين سريَّة، أي أكثر من ثلاث وستِّين معركة- لَمِنْ أصدق الأدلَّة على عدم دمويَّة الحروب في عهد رسول الله.

ولكي تتَّضح الصورة بشكل أكبر وأظهر فقد قمتُ بإحصاء عدد القتلى في الحرب العالميَّة الثانية -كمثال لحروب (الحضارات) الحديثة- فوجدتُ أن نسبة القتلى في هذه الحرب الحضاريَّة بلغت 351%!!!
فالأرقام لا تكذب؛ فقد شارك في الحرب العالمية الثانية 15.600.000 جندي (خمسة عشر مليونًا وستمائة ألف)،
ومع ذلك فعدد القتلى بلغ 54.800.000 قتيل (أربعة وخمسين مليونًا وثمانمائة ألف)!! أي أكثر من ثلاثة أضعاف الجيوش المشاركة!

وتفسير هذه الزيادة هو أن الجيوش المشاركة جميعًا -وبلا استثناء- كانت تقوم بحروب إبادة للمدنيين، وكانت تُسْقِطُ الآلاف من الأطنان من المتفجِّرات على المدن والقرى الآمنة؛ فتُبيد البشر، وتُفني النوع الإنساني، فضلاً عن تدمير البِنَى التحتيَّة، وتخريب الاقتصاد، وتشريد الشعوب! لقد كانت كارثة إنسانيَّة بكل المقاييس.

د/راغب السرجاني.