فضح الكاتب البريطاني ديفيد هيرست، انتهازية دول الحصار في التعامل مع دولة قطر بالطريقة نفسها التي تعاملت بها هذه الدول مع الرئيس الشرعي محمد مرسي من تدبير والإنفاق على الانقلاب، وهو ما يتم استنساخه مرة أخرى في قطر، بنفس الأساليب، دون أي حرج، معتبراً تصرفات هذه الدول، التي وقفت في وجه الديمقراطية بالوطن العربي، نشراً لبذور ثورة جديدة عارمة قادمة.
وتوقع هيرست، أن تكون الثورة القادمة بعيدة عن الديمقراطية وسيادة القانون، ولا عن تجنب العنف، مضيفاً: “لن تكون منضبطة ذاتية ولا قابلة للتحكم. ولكنها قادمة لا محالة”، موضحا أن أنه ليس من المصادفة أن يكون الثالث من يوليو هو هو موعد انقضاء المهلة التي مُنحت لقطر للاستجابة للمطالب السعودية الـ13، مشيراً إلى أن هذا التاريخ هو الذكرى السنوية الرابعة للانقلاب العسكري في مصر.
في الوقت الذي استشهد هيرست بتغريدات إماراتيين وسعوديين لمّحوا إلى عزل قطر، وأن تلقى مصير ميدان رابعة، قائلا: “لقد ثمِلوا من السلطة والنفوذ، حتى إنهم يتوقعون -إذا ما لوحوا بعصا غليظة- أن يخنع الجميع لهم ويخضعون. هذا ما فعلته البحرين من قبلُ. أما قطر فما زالت حتى الآن تستعصي عليهم”.
واعتبر هيرست أن المحاولة الانقلابية في تركيا في العام الماضي، والحملة الحالية على قطر- ليستا سوى الفصل الأخير، لا أقل ولا أكثر، من العملية التي بدأت قبل 4 أعوام، مؤكدا أن إخراس قطر -التي دعمت الربيع العربي من خلال قناة الجزيرة- مسألة مركزية بالنسبة لنجاح العملية التي استمرت 4 أعوام متواصلة -الثورات المضادة للربيع العربي- وتلك هي القوة المحركة من وراء الحصار والعقوبات التي تُفرض على قطر اليوم”.
واعتبر هيرست أن إصرار دول الحصار على حملتهم التي يطالبون فيها بوقف تمويل الإرهابيين، سلط الضوء أكثر على تواطئهم مع تنظيم القاعدة وداعش، مشيرا إلى حادثة إطلاق سراح 1.239 سجيناً من المحكوم عليهم بالإعدام في السعودية شريطة أن يذهبوا للجهاد في سوريا. إضافة إلى الوثائق الصادرة عن الأمم المتحدة التي تكشف النقاب عن أن مصر تحفظت على مقترح أمريكي بإضافة تنظيم “الدولة الإسلامية” في كل من المملكة العربية السعودية واليمن وليبيا وأفغانستان والباكستان إلى قائمة الأمم المتحدة للجماعات والأفراد المشمولين بالحظر. ثم عادوا وأعاقوا المقترح تارة أخرى في شهر مايو.
وأشار هيرست لترتيب صناديق الثروة السيادية لدول الخليج يصل إلى 2.8 تريليون دولار. تبلغ قيمة صندوق قطر السيادي 320 مليار دولار، وهو رقم متواضع مقارنة بالصناديق الأخرى مع ملاحظة صغر تعداد السكان في قطر. تصل قيمة موجودات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين مجتمعةً إلى ما مقداره 2.53 تريليون دولار.
وأضاف: “ألْقِ نظرة أقرب وستجد أن شيئاً ما لا يُعقل بشأن الأحجام النسبية لهذه الصناديق.
فالصناديق التي تملكها 6 صناديق سيادية إماراتية مجموع ما فيها أقل بقليل من 1.3 تريليون دولار، بينما تقدر قيمة الصندوقين الأكبر المملوكَين للسعودية بما يقرب من 679 مليار دولار، أي نصف ذلك (أي نصف مجموع الصناديق السيادية للإمارات). من المفروض أن يكون الوضع معكوساً. هناك 5 عائلات ممتدة في الشرق الأوسط تملك 60 في المائة من نفط العالم، بينما تسيطر العائلة السعودية على ما يزيد على ثلث ذلك.
وفسر هيرست هذه الأحجية، بما وصفه بـ”الثقب الأسود الموجود في حسابات الدولة السعودية”، حيث أشار إلى تقدير روبرت باير -العنصر السابق في الـ”سي آي إيه” والذي ألف كتاباً حول الموضوع عام 2003- عدد أفراد العائلة (آل سعود) بـ30 ألفاً، منهم -كما ذكر سابقاً- ما بين 10 آلاف و12ألفاً يتلقون رواتب تتراوح ما بين 800 دولار و270 ألف دولار في الشهر. هذه الأرقام عمرها 14 عاماً، ولربما ارتفعت بشكل كبير منذ ذلك الوقت.
وقال هيرست إن أموالاً طائلة تختفي من الميزانية السعودية تصل قيمتها إلى 133 مليار دولار، وذلك وفقاً لتحقيق استقصائي نشره موقع عرب دايجيست (البريطاني) في شهر مايو/أيار.
وأكد هيرست أن الثورة قادمة لا محالة، لكنها هذه المرة لن تكون ثورة قائمة على الديمقراطية ولا على سيادة القانون ولا على تجنب العنف. ولن تكون منضبطة ذاتية ولا قابلة للتحكم. ولكنها قادمة لا محالة.
وأضاف: “حال المنطقة ككل لا يختلف عن حال مصر. في اللحظة نفسها التي يشعر فيها السعوديون والإماراتيون بنشوة النصر تجدهم في الواقع ينشرون بذور ثورة جديدة عارمة قادمة”.