في قرار يخفي وراءه عشرات القرارات المماثلة، بتقليص الزراعات والمحاصيل التي توفر جزءا من طعام الشعب المصري، بسبب أزمة نقص المياه، بسبب تراجع الإمدادات المائية عبر نهر النيل بسبب سد النهضة.. ما يهدد بطون المصريين بأزمة غذائية حادة، أو ملئها بسلع غذائية فاسدة طلبا لرخصها.أمس.. جاء قرار وزارة الموارد المائية والري بخفض مساحة الأراضي المنزرعة من الأرز، بالاتفاق مع وزارة الزراعة وممثلي مجلس النواب بلجنتي الزراعة والري، ووافقت كل الأطراف المعنية على خفض مساحة الأرز 300 ألف فدان تقريبا من مليون و100 ألف إلى 724 ألف فدان فقط في 8 محافظات.وأعلنت وزارة الموارد المائية والري أنها لن تتراجع عن تنفيذ الغرامات والعقوبات على من يخالف قرارها، حرصا منها على ترشيد استهلاك المياه، لمحدودية الموارد المائية والتزايد المطرد وندرة المياه نتيجة عدة عوامل منها التغيرات المناخية وزيادة المقننات المائية للمحاصيل و”ثبات حصة مصر من المياه”.ويعتبر الأرز المحصول الوحيد الذي حققت مصر الاكتفاء الذاتي منه، ويأتي قرار خفض المساحة المزروعة منه ليخلق فجوة بين الاستهلاك الفعلي وما يتم إنتاجه محليا، وهو ما سيضطر معه المصريون لاستيراد أنواع رديئة من الأرز ذي الحبة الطويلة، مثل الأرز الهندى غير المقبول بالسوق المصرية، إذ لا تتوفر الحبة القصيرة في الأرز المستورد؛ وهو ما سيؤدي لنفور المستهلكين، كما حدث مع الأرز التمويني خلال العامين الماضيين.ويرى خبراء أن الدولة ستضطر لاستيراد مليوني طن أرز سنويا لسد احتياجات المواطنين.حيث إنه وبجانب الـ1.1 مليون فدان التي كانت تسمح وزارة الري بزراعتها خلال المواسم الماضية كانت هناك 600 ألف فدان تزرع بالمخالفة، وأنه إذا لم تتم زراعتها بالأرز فإن أراضيها ستتعرض للتملح، حيث إن زراعة الأرز من فوائدها غسيل التربة من الأملاح خاصة مع إسراف الفلاحين في استخدام الأسمدة، مشيرين إلى أن الدولة كانت تزرع ما يقرب من مليوني فدان أرزا، وكانت تصدر ما يقارب الـ700 ألف طن إلى 64 دولة.يشار إلى أن المقنن المائي لزراعات الأرز يبلغ نحو 10 مليارات متر مكعب، وهي كمية ثابتة منذ 20 عاما، وخفض هذه المساحة يضر بالمحاصيل الأخرى، خاصة الحساسة لنسبة الملوحة، كما يضر بالأمن القومي الغذائي، ولا بديل عن زراعته.فيما يبلغ استهلاك الفرد من الأرز الأبيض نحو 42 كيلو، ويبلغ إجمالي الاستهلاك 3 ملايين و990 ألف طن أرز أبيض، يمكن أن نحصل عليها من 6 ملايين و138 ألف طن أرز شعير، بزراعة 2 مليون فدان، بفرض تدني الإنتاجية إلى 3 أطنان أرز شعير للفدان. أما إذا تمت زراعة 700 ألف فدان، طبقا لمؤشرات وزارة الموارد المائية والري تعطي مليونا و365 ألف طن أرز أبيض، فمعنى ذلك أنه سيكون لدينا فجوة تعادل 2.625 مليون طن أرز أبيض قصير الحبة وهو الصنف المفضل لدى المواطنين.وإزاء أزمة الطعام التي ستواجه المصريون مع بدء ملء سد النهضة والتي تسبب فيها قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي التي تأتي على حساب الشعب المصري، اقترح خبراء زراعيون بدلا من تقليص مساحات زراعة الأرز، أن يتم الري على “الحامي” وهو الري السريع للمحصول، كما يمكن تقليص مدة الزراعة إلى 125 يوما بدلا من 130 يوما، على الرغم من أن ذلك يمكن أن يؤثر على الإنتاجية، مطالبين بأن تكون هناك وقفة، لأن الاكتفاء بزراعة المساحة المقترحة من وزارة الري سيؤدي إلى رفع سعر الأرز للضعف، حتى في حال الاستيراد، نتيجة الوقوع تحت سطوة المستورد.من جانبه، قال رجب شحاتة، رئيس شعبة الأرز باتحاد الغرف التجارية، إن قرار وزارة الري فى هذا الوقت بالتحديد وعدم الانتظار لإعلانه في شهر إبريل بداية موسم الزراعة سيعطي فرصة لزراع الأرز بتخزينه وعدم بيعه لوزارة التموين مثلما يحدث الآن بسعر 6100 جنيه للطن على أن يباع للمواطن بـ6.5 جنيه، مؤكدا هذا القرار سينتج عنه زيادة بالأسعار قبل وخلال شهر رمضان، متوقعاً وصول سعر الكيلو إلى ما بين 12 و15 جنيهاً.ولعل ما ينطبق على الأرز سيعمم على كافة المخاصصيل، خاصة التي تحتاج لكميات مياة كبيرة للري….وهو ما يضع المصريين على مقصلة الجوع ، بسبب سد النهضة!!
المصدر: بوابة الحرية والعدالة