حدث في 12 رمضان

دخول أحمد بن طولون مصر:

أحمد بن طولون من المماليك الأتراك، ولد عام 214هـ/ 829م، وقد نشأ نشأة دينية، وقضى حياته السياسية والعسكرية الأولى في ثغر طرسوس، وتمتع منذ البداية باحترام الأتراك في حاضرة الخلافة، وبعد وفاة والده عام (230هـ/ 845م) فوَّض إليه الخليفة المتوكل ما كان بيد أبيه، كما حظي بثقة الخليفة المستعين.

تولى أحمد بن طولون ولاية مصر بالنيابة عن الوالي باكباك التركي الذي كان زوجًا لأم أحمد بن طولون، وأتى به إلى مصر، ثم آلت بعده إلى الوالي التركي برقوق الذي كان أبا زوجة ابن طولون، وأناب كل منهما ابن طولون للقيام بأمر مصر، فوليها في سنة 254هـ/ 868م، وعين واليًا على الشام بالإضافة إلى ‏مصر بعد ذلك بخمسة أعوام، ثم أعلنها دولة مستقلة.

كان أحمد بن طولون رجل دولة من الطراز الأول؛ فعُنِيَ بشؤون دولته، وما يتصل بها من مناحي الحياة، فقد اهتم بكل ما يحقق لرعيته حياة كريمة ومطمئنة، فأنشأ مسجد أحمد بن طولون سنة 265هـ/ 878-879م، الذي استغرق بناؤه عامين، وكان هدفه من بناء الجامع أن يكون بعيدًا عن أي مشاكل؛ فلا تأكله نار، لا تهدمه مياه فيضان، فيظل المسجد كما هو إن غرقت مصر أو احترقت، فكان له ما تمنى، واستطاع المهندس المكلف بالعمل تحقيق رغبة أحمد بن طولون.

أنشأ أحمد بن طولون أيضًا البيمارستان (المستشفى حاليًّا) عام 259هـ، وكان هدفه معالجة المرضى بدون مقابل، فألحق به صيدلية لصرف العلاج، وكان أحمد بن طولون يتفقد المستشفى، ويتابع علاج الأطباء، ويشرف على المرضى بنفسه.

وبالرغم من أعماله العظيمة إلا أن عصره كان مليئًا بالثورات والأحداث الكبيرة، منها ثورات العلويين بقيادة بغا الأصغر (أحمد بن محمد بن عبدالله طباطبا)، لكن أحمد بن طولون استطاع القضاء عليه وأتي برأسه إلى الفسطاط.

ومنها أيضًا ثورة أهل مدينة برقة، حيث قام أهل مدينة برقة سنة 262هـ بثورةٍ، وطردوا عامل ابن طولون عليها، فسيَّر إليهم ابن طولون جيشًا بقيادة لؤلؤ، الذي اتَّبع معهم سياسة اللين في البداية، غير أنهم لم يخضعوا له، فاضطر لؤلؤ إلى استخدام العنف معهم، وحاصرهم، وشدَّد عليهم حتى اضطُرُّوا إلى طلب الأمان، وفتحوا أبواب مدينتهم له، فدخلها وقبض على زعماء الثورة، وعيَّن عليهم واحدًا من مواليه، ثم عاد إلى مصر[1].

وبعد عقد صلح بين ابن طولون والموفَّق، وحلول الصلح بينهما، زحف ابن طولون ليقمع الفتنة التي شبَّت في طرسوس، فلما وصل إلى هناك، وكان الوقت شتاءً والثلج كثيرًا، لم يعُقْهُ ذلك عن نصب المجانيق على سور طرسوس لإخماد الثورة، لكنه مرض ولم يستطع الاستمرار في الحصار؛ فأسرع بالعودة إلى مصر، حيث لقي ربه في 10 من ذي القعدة 270هـ/ 10 من مايو 883م[2].

بناء جامع ابن طولون بالقاهرة:

كان أحمد بن طولون محبًّا للعلم شغوفًا به، فحفظ القرآن، ودرس الفقه والحديث، وأظهر من النجابة والحكمة ما ميزه على أقرانه، وبالتالي ليس من المستغرب حرصه على بناء مسجد لتلقي العلم فيه، فقد بني المسجد على جبل يشكر بن جديلة، والذي ينتسب إلى تلك القبيلة العربية التي شيدت خطتها عليه عند الفتح العربي الإسلامي لمصر، فبدأ في بنائه سنة 263 هجرية وأتمه سنة 265، وهذا التاريخ مدون على لوح رخامي مثبت على أحد أكتاف رواق القبلة، ويعتبر جامع ابن طولون ثالث الجوامع التي أنشئت بمصر، ولكن في الوقت نفسه أقدم جامع احتفظ بتخطيطه وكثير من تفاصيله المعمارية الأصلية.

وفاة ابن الجوزي:

هو أبو الفرج عبدالرحمن بن علي بن محمد بن علي بن عبيدالله بن عبدالله بن حمادي بن أحمد بن محمد بن جعفر بن عبدالله بن القاسم بن النضر بن القاسم بن محمد بن عبدالله ابن الفقيه عبدالرحمن ابن الفقيه القاسم بن محمد ابن خليفة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أبي بكر الصديق، القرشي التيمي البكري البغدادي، الحنبلي، الواعظ، صاحب التصانيف.

ولد سنة تسع أو عشر وخمسمائة، وأول شيء سمع في سنة ست عشرة[3].

كان ذا حظٍّ عظيم، وصيت بعيد في الوعظ، يحضر مجالسه الملوك والوزراء، وبعض الخلفاء، والأئمة والكبراء، وقيل: إنه حضر في بعض مجالسه مائة ألف، وقال : “كتبت بأصبعي ألفي مجلد، وتاب على يدي مائة ألف، وأسلم على يدي عشرون ألفًا”، ومن تصانيفه المهمة: زاد المسير في التفسير؛ جامع المسانيد؛ المغني في علوم القرآن؛ وتذكرة الأريب في اللغة؛ الموضوعات؛ الواهيات؛ الضعفاء؛ المنتظم في التاريخ؛ الناسخ والمنسوخ؛ غريب الحديث؛ الوفا في فضائل المصطفى.

ولد ابن الجوزي – رحمه الله – بدرب حبيب في بغداد سنة 511هـ/ 1117م[4].

تتلمذ الإمام ابن الجوزي على يد جملة من المشايخ والعلماء هم خيرة علماء عصره، وقد عدّ أبو الفرج بن الجوزي – رحمه الله – 86 شيخًا، فمن أشهر شيوخه: أبو الفضل محمد بن ناصر الحافظ (467 /550 هـ) – أبو الحسن عليّ بن عبدالواحد الدينوري – أبو منصور الجواليقي ( 465- 540هـ).

ومن أشهر تلاميذه: شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قزغلي التّركي البغدادي الحنفي (سبط ابن الجوزي 581 – 654هـ) – أبو محمد عبدالغني بن عبدالواحد الجمّاعيلي المقدسي (الحافظ عبدالغني المقدسي الدمشقي 541 – 600هـ).

ترك ابن الجوزي – رحمه الله – جملة من المصنفات والمؤلفات العلمية التي ما نال الزمان بمثلها، حتى قال ابن كثير: “وله من المصنفات في ذلك ما يضيق هذا المقام عن تعدادها، وحصر أفرادها”[5].

ونذكر منها:

1- كتاب المغني في التفسير.

2- زاد المسير في علم التفسير.

3- تيسير البيان في تفسير القرآن.

4- تذكرة الأريب في تفسير الغريب.

5- الوجوه والنظائر.

6- الناسِخ والمنسوخ.

7- جامع المسانيد.

8- فنون الأفنان في عيون علوم القرآن.

9- تذكرة المنتبه في عيون المشتبه.

10- العلل المتناهية في الأحاديث الواهية.

11- المسلسلات.

12- مناقب أحمد بن حنبل.

13- صفوة الصفوة.

14- تلقيح فهوم أهل الأثر.

15- تلبيس إبليس.

16- ذم الهوى.

17- صيد الخاطر.

18- الموضوعات.

19- الثبات عند الممات.

20- التبصرة.

21- غريب الحديث.

22- المنتظم في تاريخ الملوك والأمم.

23- بستان الواعظين ورياض السامعين[6].


[1] حمدي عبدالمنعم محمد حسين: محاضرات في تاريخ مصر الإسلامية، ص53، 54.

[2] موقع إسلام أون لاين.

[3] إسلام ويب – أبو الفرج بن الجوزي.

[4] ابن العماد الحنبلي:  شذرات الذهب في أخبار من ذهب 1/ 47، ابن رجب الحنبلي: ذيل طبقات الحنابلة 2/462.

[5] ابن كثير: البداية والنهاية 13/ 28.

[6] ابن الجوزي – الواعظ المربي – قصة الإسلام.