ففي 22 مايو 853، هاجمت البحرية البيزنطية ميناء دمياط على دلتا النيل، والذي غابت عنه حاميته في ذلك الوقت. نهب البيزنطيون المدينة ودمروها، واستولوا على عدد كبير من الأسرى وكميات هائلة من الأسلحة والإمدادات كانت معدة لتُرسل إلى إمارة كريت.
الأحداث السابقة
…………………
أثناء العقد 820، تلقى البيزنطيون خسارتين عظيمتين دمرتا سيادتهما البحرية في البحر المتوسط: بداية الفتح الإسلامي لصقلية وسقوط كريت في أيدي منفيي الربض الأندلسيين. وقد أشرت تلك الخسائر بحلول عهد يغير فيه المسلمون على السواحل الشمالية المسيحية للمتوسط وقتما شاءوا.
وانطلاقاً من إمارة كريت الجديدة، التي أصبحت مرفأً لسفن المسلمين، انكشف بحر إيجة أمام الغارات، بينما أتاحت سيطرة المسلمين على صقلية – بالرغم من أنها كانت جزئية – الإغارة بل واستيطان إيطاليا وسواحل الأدرياتي.
وباءت المحاولات البيزنطية المتعددة لاستعادة كريت مباشرة بعد الفتح الربضي الأندلسي، وكذلك محاولة واسعة النطاق في 842/843 باءوا بفشل ذريع كارثي.
الهجوم على دمياط ونهبها
………………………………..
ولذلك، ففي 852/853، حاولت الحكومة البيزنطية نهجاً جديداً: فقد جمّعت جيشاً بحرياً هائلاً، قيل أنه ثلاثة أساطيل تضم 300 سفينة، وبعثتهم للإغارة على القواعد البحرية للمسلمين في شرق المتوسط في نفس الوقت. أحد تلك الأساطيل، تكون من 85 سفينة و 5,000 رجل تحت قيادة جنرال معروف من المصادر العربية فقط بإسم “ابن قطونة”، اتجه إلى الساحل المصري، إذ أنه من مصر كان العباسيون يرسلون المدد إلى كريت.
وصل الأسطول البيزنطي أمام المدينة في 22 مايو 853م. وفي ذلك الوقت، كانت الحامية غائبة، لتحضر احتفال أقامه الحاكم عنبسة بن اسحق الضبي في الفسطاط. هرب سكان دمياط من المدينة غير المحمية، التي نُهِبت ليومين ثم حرقها البيزنطيون. اختطف البيزنطيون حوالي ستمائة إمرأة عربية وقبطية، وكميات ضخمة من السلاح والمدد الذي كان معداً للإرسال إلى كريت. ثم أبحروا شرقاً وهاجموا حصن أشتون المنيع. وبعد الاستيلاء عليه، حرقوا مدافعه العديدة ومعدات الحصار التي عثروا عليها فيه ثم عادوا أدراجهم.
وحسب المؤرخين العرب، فإن اكتشاف ضعف مصر من ناحية البحر، بعد زمن طويل من الإهمال، أدى إلى تقوية عاجلة لدفاعات مصر البحرية: فبنيت السفن وجُندت الطواقم وحُصنت دمياط وباقي الثغور المصرية. وقد أدى ذلك كله إلى اعادة ميلاد البحرية المصرية، التي وصلت إلى سمتها في العصر الفاطمي.