احتفى محرك البحث “جوجل” بذكرى ميلاد المعماري المصري المهندس حسن فتحي الـ117 الذي لقب بـ”مهندس الفقراء وفيلسوف العمارة”، وكان صاحب إسهامات عديدة في مجال الهندسة.
نشأته
لأسرة ثرية بمحافظة الإسكندرية، ولد فتحي، وفي عمر الـ8 سنوات، انتقل مع أسرته إلى العيش في القاهرة، حيث أقام في منزل بدرب اللبانة التابع لحي القلعي، وهناك استمر في رحلته التعليمية حتى التحق بجامعة فؤاد الأول “القاهرة حاليا”، ليعمل بعد تخرجه في مجال الهندسة المعمارية الذي بدأه بالعمل في الإدارة العامة للمدارس بالمجالس البلدية، ليكون أول تصميم شاهد على اهتمامه بالعمارة الريفية أو “عمارة الفقراء”، ثم كُلّف بتصميم دار للمسنين بمحافظة المنيا، وأمره رئيسه بأن يكون التصميم كلاسيكيًا، فلم يقبل فتحي تدخله واستقال من العمل في عام 1930.
الطوب اللبن في مواجهة الخرسانة
اعتمد المهندس فتحي في تصميماته للمباني على قواعد العمارة الأوروبية التي تعتمد على الانفتاح على الخارج مع الارتباط الشديد بالبيئة المحلية الموجودة بها، فكان من أشد المعادين لاستخدام الخرسانة المسلحة والحوائط الزجاجية في عمليات البناء تماشيا مع الحداثة، متجاهلين طبيعة البيئة المصرية التي كانت تستخدم الطوب اللبن في عمليات البناء منذ آلاف السنين والذي أثبت بنفسه عبر بحوث أجراها عليه أنه من أنسب الخامات وأقواها تماشيا مع البيئة المصرية، مستشهدا بمحازن قمح “الرامسيوم” بالأقصر، التي ظلت قائمة ومرت عليها آلاف العصور ثابتة في مكانها كما هي رغم بنائها بالطوب اللبن.
عودته لمصر
بعد فشله في مشروع قرية القرنة الجديدة بالأقصر، قرر مغادرة مصر بعدما وجد أن الكثير من العقول لا تفهم ما يريده لدرجة وصلت إلى أن قام الكاتب المصري فتحي غانم بوصفه في رواية “الجبل” التي صدرت عام 1958 بأنه مهندس مستشرق كان يريد أن يطبق نمط حياة على أهل قرية القرنة لا يردونه، خصوصا استخدام نمط القبة في العمارة المنزلية، حيث أطلق عليها وقتها نمط العمارة الجنائزية، ليقوم بعدها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وعبر ثروت عكاشة وزير الثقافة وقتها بطلبه للعودة إلى مصر ليستجيب الأخير على الفور، خصوصا أن نجمه سطع بشكل لافت للنظر خلال الفترة التي قضاها في أثينا، ثم لجوء دول مثل السعودية والكويت وسلطنة عمان إلى الاعتماد على خبراته خلال عمليات نهضتها في حقبة الخمسينيات والستينيات.
عمارة الفقراء
في كتابه “عمارة الفقراء” الذي خرج إلى النور عام 1970 وترجم إلى لغات عدة، صور المهندس الراحل قصة بنائه قرية القرنة الجديدة بالملحمة الأسطورية، لكنه وقتها كان على شرف معركة كبيرة جديدة تنتظره بالتصدي لفكرة البلوكات السكنية التي لجأت إليها الدولة في السبعينيات لحل مشكلة الزيادة السكانية دون النظر إلى أي اعتبارات بيئية أو جمالية، حيث كانت تهدف الدولة إلى بناء مساكن معلبة تضم السكان في مساحات صغيرة وبمواصفات بنائية غير سليمة وهو ما رفضه الراحل.
معهد التكنولوجيا
حاول المهندس الراحل نشر نظريته في البناء عبر معهد التكنولوجيا الذي أسسه في منزله ومن خلاله كان يريد نشر نظرياته المتعلقة بعمارة الفقراء واستخدام التكنولوجيا الحديثة في خدمة احتياجات هذه المجتمعات الفقيرة دون تدمير ثقافتها عبر تدريب وتطوير المهندسين المعماريين وتنفيذ مشروعات منازل الفقراء الموكلة من الحكومة عبر المعهد لكنه لم يدم له الاستمرار وتوقف عام 1983، حتى رحل عن عالمنا عام 1989.