كشفت مصادر مصرية مطلعة عن معلومات خاصة وتفاصيل حصرية بشأن أموال سرية طائلة تسيطر عليها المؤسسة العسكرية ضمن أصولها المالية، دون أن تخضع لأي رقابة من أي جهة، وبالطبع لا تندرج ضمن الموازنة العامة للدولة، بل إنها لا تندرج ضمن ميزانية الجيش العامة، خاصة أن بعض هذه الأموال توجد خارج مصر.
ولفتت المصادر، في تصريحات خاصة نقلها موقع “عربي21″، إلى أن هذه الأموال “السرية” توضح جانبا من الغموض والتساؤلات الكثيرة التي تُثار بشأن مصادر إنفاق الدولة على تنفيذ المشروعات القومية المختلفة.
وكان رئيس الانقلاب العسكري، عبد الفتاح السيسي قد قال، خلال تصريحات إعلامية في شهر شباط/ فبراير 2021، ردا على ما يُثار بشأن مصدر الأموال التي ينفقها على المشروعات: “الفلوس بتيجي من مصر بلدنا.. كله من فضل الله”، مؤكدا أن ما يفعلونه “فوق طاقة الناس، وفوق طاقة الدولة المصرية، ولازم تقولوا الأموال دي بتيجي منين”.
“الحقيقة أكبر من السيسي”
كما قال السيسي، خلال المؤتمر الوطني الثامن للشباب الذي عُقد في شهر أيلول/ سبتمبر 2019، ردا على الضجة الواسعة التي أحدثها الفنان والمقاول محمد علي حينها: “الحقيقة أكبر مني.. أكبر مني أنا”، الأمر الذي جعل البعض يتساءل: “ما هي الحقيقة التي تُعدّ أكبر من السيسي، والتي لا يمكنه الإفصاح عنها؟”.
وأوضحت المصادر أن “هناك ميزانية عامة للقوات المسلحة مودعة في حساب خاص بالبنك المركزي المصري وبعض البنوك الأخرى (لم تسمها)، وتقوم بإدارتها بشكل مستقل تماما، وهي التي تُوضع كرقم واحد في الموازنة العامة للدولة، بينما هناك ميزانية موازية سرية لا أحد يعلم تفاصيلها، إلا عدد محدود جدا من كبار قادة الجيش، وتتمثل في العديد من البنود أهمها (عروبة 90)، وصناديق خاصة وودائع دولارية وأمور أخرى غير مُمثلة في مجلس إدارة أي جهة اقتصادية بالجيش”.
ووفقا لنص المادة 203 من الدستور المصري، “ينشأ مجلس الدفاع الوطني، برئاسة رئيس الجمهورية، وعضوية رئيس مجلس الوزراء، ورئيس مجلس النواب، ووزراء الدفاع، والخارجية، والمالية، والداخلية، ورئيس المخابرات العامة، ورئيس أركان حرب القوات المسلحة، وقادة القوات البحرية، والجوية، والدفاع الجوي، ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، ومدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع.
ويختص بالنظر في الشؤون الخاصة بوسائل تأمين البلاد، وسلامتها، ومناقشة موازنة القوات المسلحة، وتدرج رقما واحدا في الموازنة العامة للدولة، ويؤخذ رأيه في مشروعات القوانين المتعلقة بالقوات المسلحة.
ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى. وعند مناقشة الموازنة، يُضم رئيس هيئة الشؤون المالية للقوات المسلحة، ورئيسا لجنتي الخطة والموازنة، والدفاع والأمن القومي بمجلس النواب. ولرئيس الجمهورية أن يدعو من يرى من المختصين، والخبراء لحضور اجتماع المجلس دون أن يكون له صوت معدود”.
يشار إلى أنه خلال نيسان/ أبريل 2013، وُضعت ميزانية القوات المسلحة “العامة” للمرة الأولى ضمن بنود الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2013 ـ 2014، وبلغ إجمالي ميزانية الجيش حينها نحو 31 مليار جنيه، وذلك مقابل 27 مليار جنيه في الموازنة السابقة للعام المالي 2012 ـ 2013.
في هذا الإطار، تكشف المصادر أنه أثناء الإعداد للهجوم البري لتحرير الكويت نهاية عام 1990، أي قبل نحو 30 عاما، قدمت السعودية والكويت هدية للقوات المسلحة المصرية عبارة عن مبلغ مليار ومائة مليون دولار، ووافق الرئيس الأسبق حسني مبارك على أن تقوم القوات المسلحة باستثمار هذه الأموال لصالحها بشرط أن يتم استغلالها في تحسين الكفاءة التسليحية للجيش”، مؤكدة أن “هذا المبلغ تم إيداعه بحسابات مختلفة ببنوك يونانية وسويسرية”.
واستطردت قائلة: “بعد تحرير الكويت بعامين حصل وزير الدفاع حينها المشير محمد حسين طنطاوي على موافقة مبارك بالإفراج عن 150 مليون جنيه لصرفها كمكافآت للقادة والضباط، خاصة بعدما أثيرت تساؤلات بين قادة القوات المسلحة عن مصير الهدية”.
وأضافت: “كذلك، كان هناك حساب فرعي خاص بالقوات المسلحة في السعودية تُودع فيه أموال خصصتها المملكة كبدل تغذية وانتقال ومصروف جيب للضباط والجنود المشاركين في عملية (عروبة 90)، في حين كانت القوات المسلحة هي التي تقوم بإعطاء الضباط والجنود مبالغ شهرية ثابتة قليلة، بينما تحصل هي على المبالغ المُخصصة لهذا الغرض، وكان العميد أركان حرب زغلول فتحي منسق العمليات بمدينة حفر الباطن بالسعودية هو المسؤول عن هذا الحساب الفرعي”.
وقالت: “ما تم اكتشافه بعد حرب تحرير الكويت أن العميد زغلول فتحي كان قد اتفق مع شقيقه أن يسافر لسويسرا ثم يفتح حسابا بنكيا بأي مبلغ وبأي شكل. وبالفعل تم فتح الحساب، وقام زغلول بتحويل مبلغ 32 مليون جنيه من أموال بدل التغذية والانتقال ومصروف الجيب لحساب أخيه في سويسرا”.
وتابعت: “تم اكتشاف هذه العملية لاحقا، وتم تحديد إقامة العميد زغلول فتحي عدة أشهر، وجرى إجباره على إعادة المبلغ، إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك، وفي نفس الوقت لم يستطع وزير الدفاع المصري حينها، يوسف صبري أبو طالب، اتخاذ أي إجراء قانوني، لأن ذلك كان سيُهدد بفضيحة؛ فتم استدعاء زغلول فتحي على الفور وإحالته للمعاش”.
وأردفت: “ظلت هذه الأموال تُستثمر وتنمو في الخارج طوال فترة مبارك تحت إشراف حسين طنطاوي شخصيا ومعه اللواء محمود نصر، الذي كان يشغل منصب رئيس هيئة الشؤون المالية بالجيش، وبرقابة سرية من المخابرات الحربية”، منوهة إلى أنه “جرى استثمار بعض تلك الأموال في مشروعات مختلفة بالخارج، فضلا عن الصفقات والمضاربات التي لا تُدرج بطبيعة الحال ضمن أنشطة الاقتصاد الرسمي لا في الجيش أو بشكل عام في الدولة المصرية”.
وتابعت: “فور اندلاع ثورة يناير أوقف طنطاوي كل التعاملات على هذا المبلغ الذي كان قد وصل حينها إلى حوالي 16 مليار دولار، وأراد تحويله للحساب الرسمي للقوات المسلحة بمصر، خوفا من تداعيات الثورة، واُضطر للإفصاح عن حقيقة المبلغ وموقفه للمجلس العسكري وإشراكه في الرأي.
إلا أن اللواء محمود نصر نصح، في أحد اجتماعات المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بعدم المساس بهذا المبلغ وعدم القيام بأي محاولة لإحضاره لمصر لعدم ملاءمة الظروف السياسية الداخلية لذلك، وخشية افتضاح الأمر، واقترح خطة بديلة في حالة تسرب الخبر أن يُقال بأن هذا المبلغ تم إيداعه في الخارج على ذمة صفقات سلاح ضخمة لم تتم بسبب ظروف الثورة، واقتنع طنطاوي بهذه الفكرة، وظل المبلغ بالخارج، ولكن كان يحقق أرباح إيداعه بالبنوك فقط دون إجراء أي معاملات أو مضاربات أو صفقات عليه”.
ولفتت المصادر إلى أنه “خلال الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2012 بدأ طنطاوي يتخوف أكثر من وجود هذا المبلغ بالخارج، خاصة في حال قدوم رئيس لا يتوافق مع المجلس العسكري، وكان تخوفه الأكبر من الفريق أحمد شفيق وليس من جماعة الإخوان؛ فقد كان شفيق يعرف الكثير والكثير عن خبايا القوات المسلحة، رغم ابتعاده عنها لسنوات، خاصة أنه كان لا يزال يرتبط بعلاقات مع بعض قادة الجيش، بالإضافة لبعض قادة المخابرات ومسؤولين سابقين بمؤسسة الرئاسة”.
حينها أشار اللواء محمود نصر على طنطاوي بـ “خطة تبدأ أولا بأن يصدر قرارا بنقل تبعية بنك الاستثمار القومي إلى وزارة التخطيط، حتى يتحرر من الرقابة المصرفية عليه من البنك المركزي، ومن ثم يتم تعيين وزير للتخطيط مُتفق عليه، وكان يريد تعيين أشرف العربي في هذا المنصب، ثم بعد ذلك يتم إدخال المبلغ إلى بنك الاستثمار القومي. وبالفعل أصدر حسين طنطاوي قراره رقم 285 لسنة 2012 بنقل تبعية البنك إلى وزارة التخطيط كخطوة أولى نحو إحضار المبلغ من الخارج وإدخاله ضمن موارد البنك”.
ويُعدّ “بنك الاستثمار القومي” أحد الأذرع الاقتصادية والاستثمارية للدولة المصرية. وتأسس بموجب القانون 119 لسنة 1980 بغرض تمويل كافة المشروعات المدرجة بالخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة، وذلك عن طريق الإسهام في رؤوس أموال تلك المشروعات أو عن طريق مدها بالقروض أو غير ذلك من الوسائل، ومتابعة تنفيذ تلك المشروعات.
ويقول هذا البنك عن نفسه إنه “أداة للدولة تستطيع التدخل بها لضبط الأسواق وتنفيذ سياساتها الاقتصادية والاجتماعية؛ فبنك الاستثمار القومي هو أحد المؤسسات المالية والتنموية الكبيرة بما لديه من مقومات وإمكانات، وهو ما يفرض عليه أن يكون في قلب الأحداث تأثرا وتأثيرا، ويقوم بهذا الدور الهام، في ظل ما تشهده الساحة المحلية والدولية في الآونة الأخيرة من متغيرات اقتصادية”.
وتابعت المصادر: “عقب فوز الرئيس محمد مرسي بانتخابات الرئاسة شعر طنطاوي ببعض الاطمئنان من عدم فوز شفيق، ولم يندفع لإحضار المبلغ من الخارج. وبعدها عاد محمود نصر وأقنعه بالانتظار قليلا، لأنه يمكن تبرير وجود المبلغ الكبير بالخارج للإخوان -بحسب قوله-، كما أن أشرف العربي جاء وزيرا بالفعل، كما كان مُخططا له، لكنه أصبح في حكومة هشام قنديل والموقف غير مضمون بشكل كامل رغم الاتفاق المسبق بينهما، وبالتالي تم إرجاء قرار إعادة المبلغ، رغم صدور قرار نقل تبعية بنك الاستثمار غير المبرر”.
واستطردت قائلة: “عقب أحداث 3 تموز/ يوليو 2013، اجتمع السيسي كوزير للدفاع بالمجلس العسكري للاتفاق على الترشح للرئاسة، وفي نفس الوقت أخبر المجلس بأن كافة الأرصدة والفوائض والأرباح الخاصة بالقوات المسلحة ستكون تحت تصرفه شخصيا كرئيس للجمهورية وقائد أعلى للقوات المسلحة، وذلك في سابقة لم تحدث من قبل”.
كما كشفت أن الموقف المالي للقوات المسلحة عندما أصبح السيسي وزيرا للدفاع خلال شهر آب/ أغسطس 2012 كان كالتالي: 164 مليار جنيه فوائض ميزانيات متراكمة مرحلة، و16 مليار دولار وديعة (عروبة 90) بالخارج، وإيرادات مرحلة للنشاط الاقتصادي 3.6 مليارات جنيه، وكانت أرباح هذا العام من النشاط الاقتصادي 113 مليون جنيه”.
واستطردت: “بعد تولي السيسي الرئاسة رسميا عام 2014، جرى إسناد إدارة هذا الملف إلى اللواء محمد أمين نصر الذي شغل منصب رئيس هيئة الشؤون المالية بالقوات المسلحة، والذي تم تعيينه لاحقا كمستشار مالي للسيسي في حزيران/ يونيو 2019، وجعله ينقل سلطة التصديق على الصرف من كافة الأموال الخاصة بالقوات المسلحة إليه شخصيا (إلى السيسي)، وأسند إليه مهمة تحصيل تلك الأموال أولا بأول”.
وأشارت المصادر إلى أن وديعة (عروبة 90) السرية لا تزال في الخارج حتى الآن.
حسابات الجيش في الخارج
كان تسريب بثته قناة مكملين المعارضة، في شباط/ فبراير 2015، قد أظهر طلب السيسي من اللواء عباس كامل، الذي كان يشغل منصب مدير مكتبه، بأن يبلغ رئيس الديوان الملكي السعودي السابق، خالد التويجري، بإيداع مساعدات بقيمة 30 مليار دولار من السعودية والإمارات والكويت في حساب الجيش.
وحينها سأله كامل: كيف سيتم تحويل هذا المبلغ الكبير إلى حساب الجيش؟ فأجاب السيسي بأنه يمكن أن يتم ذلك من خلال تحويل تلك الأموال مباشرة إلى حساباتهم الموجودة في تلك الدول، أي في حسابات فرع الملحقين الحربيين بالسفارات في تلك الدول، وفق المصادر.
ولفتت المصادر إلى أن بعض الأموال الخاصة بأنشطة الجيش الاقتصادية في الخارج توضع في الحسابات الخاصة بفرع الملحقين التابع للمخابرات الحربية في السفارات المصرية بالخارج، بخلاف بنوك خاصة بطبيعة الحال.
وقالت المصادر إن “أحد أسباب إقالة السيسي لصهره الفريق محمود حجازي، الذي كان يشغل منصب رئيس أركان الجيش، أنه كان يتحفظ على أسلوب إدارة تلك الأموال السرية بهذه الطريقة، وكان يفضل أن تكون بشكل قانوني ومُقنن، فضلا عن أنه كان على خلاف شبه دائم مع اللواء عباس كامل، الذي شغل سابقا منصب رئيس فرع الملحقين الحربيين، وذلك رغم أنهما كانا زملاء سلاح واحد، وفي مكان واحد، لكن كان الفارق بينهما كبيرا جدا في الكثير من الأمور والتصرفات”.
أموال عسكرية طائلة
بخلاف ذلك، أشارت المصادر إلى أن السيسي باع أراضي تابعة للقوات المسلحة خلال الفترة بين عامي 2018 و2020 بمحاذاة طريق السويس والعين السخنة، وطريق الإسماعيلية السويس، والجبل الأصفر، بمبلغ 6.8 مليارات جنيه.
واستطردت المصادر المطلعة، قائلة: “كما قفزت الفوائض المرحّلة من ميزانيات القوات المسلحة بحلول 2021 إلى 342 مليار جنيه بزيادة حوالي 200 مليار عن وقت استلام السيسي وزارة الدفاع، وهذا المبلغ بأكمله تحت سيطرة السيسي بحساب خاص بالرئاسة”.
وأكدت أن “جميع تلك الإيرادات والأرباح والمبالغ المُستثمرة والودائع والفوائض تتزايد بمنتهى السرعة، لأن القوات المسلحة تتقاضى كل مليم تنفقه على المشروعات، بالإضافة إلى أرباحه، من الحكومة، وهذا هو السر في أنه رغم إلغاء الدعم ومضاعفة أسعار جميع الخدمات، إلا أن عجز الموازنة بدلا من أن يتراجع قفز إلى نحو 450 مليار جنيه، وهو المبلغ الذي تتحمله الحكومة لسداد مستحقات القوات المسلحة سنويا”.
كذلك، كشفت المصادر أن “السيسي أصدر تعليماته لوزير الدفاع بإخلاء المنطقة الواقعة على الجانب الآخر من شارع صلاح سالم خلف دار المركبات ودار الأسلحة والذخيرة المتواجد بها الورشة الرئيسية لإصلاح الدبابات والورشة الرئيسية للمركبات ومحطة السكة الحديد للقوات المسلحة والمستشفى البيطري ومستودع التعيينات والمهمات، تمهيدا لبيعها بمعرفة صندوق مصر السيادي، بالإضافة للكلية الحربية، وتم تقدير قيمة البيع للمكانين بما يقترب من ترليون ومائة مليار جنيه”.
كما أوضحت أن “السيسي وضع يده منذ العام 2015 على أرصدة وإيرادات وأرباح الهيئة العربية للتصنيع والمصانع الحربية من خلال وزارة الإنتاج الحربي، وكذلك وضع يده على أرباح تعاقدات وزارة الإنتاج الحربي التي تقوم بها للتوريدات من الداخل والخارج منفصلة عن مصانعها”، متابعة: “الحصيلة من كل هذا قدّرها بعض المطلعين على حسابات الرئاسة بمبلغ 2 ترليون جنيه”.
وأشارت إلى أنه “تم إدخال السجون الحربية، ومعها بعض السجون المدنية، في صناعة الأثاث بشكل موسع واحترافي، بحيث تتم السيطرة لاحقا على هذا النشاط، وتم الاتفاق مع عدد كبير من تجار الأثاث على توريد الأثاث لهم بهدف شل حركة وتحجيم صناعة الأثاث الأصلية والتقليدية في محافظة دمياط لصالح دمياط الجديدة التي دخل فيها الجيش كشريك بشكل سري”.
ولفتت إلى أن “عائدات السجون الحربية تدخل حسابا خاصا بهيئة الشؤون المالية للقوات المسلحة، ولا يتم التصرف فيها إلا بتعليمات السيسي وبتوقيع وزير الدفاع”، مستطردة: “يضاف للسجون الحربية ورش الأثاث بقيادة الجيش الثاني والجيش الثالث والمنطقة الشمالية وقطاع البحر الأحمر وورش جهاز الخدمات العامة وإدارة المهمات، فضلا عن الإيرادات الكبيرة التي تحققها المحاجر”.
رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات
يشار إلى أنه في شهر آذار/مارس 2021، صرّح مساعد وزير الدفاع للشؤون المالية وعضو المجلس العسكري حينها، اللواء محمود نصر، أن جميع أنشطة القاعدة الإنتاجية للجيش خاضعة لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات الذي قال إنه يوفد مئات اللجان الرقابية سنويا، مستعرضا صورا ضوئية من الصفحات الأولى لتقارير الجهاز المركزي للمحاسبات عن أنشطة الشركات المختلفة التابعة للجيش، وعلى رأسها جهاز مشروعات الخدمة الوطنية.
إلا أن المصادر الخاصة نفت تماما صحة تصريحات نصر، قائلة: “كل أنشطة الجيش الاقتصادية لا تخضع لأي سلطة رقابية أو حتى تنظيمية لا من قِبل الجهاز المركزي للمحاسبات أو هيئة الرقابة الإدارية أو البرلمان أو وزارة المالية، وإن كانت هناك بعض الإجراءات الشكلية والمحدودة للغاية التي تحدث سابقا. الجميع يدرك جيدا أن هناك أمورا بعينها لا يمكن التطرق إليها أو الاقتراب منها؛ لأن هذه المساحة خط أحمر كبير”.
كما تساءلت المصادر: “ثم أنه كيف تقوم أي جهة بالرقابة على شركات ومعاملات لا تعرف بوجودها من الأساس؟”.
“سنقاتل على مشروعاتنا”
وفي إطار توضيح سبب إصرار قادة القوات المسلحة على التمسك بقوة باستمرار تلك الأنشطة الاقتصادية المعلنة وغير المعلنة الخاصة بهم، ورفضهم المطلق لخضوعها لأي رقابة حقيقية، استشهدت المصادر بالتصريحات السابقة التي أصدرها اللواء محمود نصر عقب اندلاع ثورة، والتي قال فيها نصا: “سنقاتل على مشروعاتنا وهذه معركة لن نتركها. العرق الذي ظلينا 30 سنة لن نتركه لأحد آخر يدمره، ولن نسمح للغير أيّا كان بالاقتراب من مشروعات القوات المسلحة”.
وأرجعت المصادر بداية فكرة النشاط الاقتصادي للجيش إلى “فترة الستينيات، وخاصة عقب نكسة 1967، فخلال هذا الوقت كانت هناك حملة تبرعات شعبية لدعم المؤسسة العسكرية والمساهمة في إعادة بنائها من جديد، وهذا الأمر تسبّب فيما بعد في ألم وغضاضة للجيش، ولذلك قرّر أن تكون له إيرادات وميزانية خاصة ومستقلة تضخمت وتوحشت بعد ذلك، وجرى استغلالها في مسارات مشروعة وأخرى غير مشروعة خرجت عن المسار المتعارف عليه، خاصة بعدما أصبحت القوات المسلحة دولة داخل الدولة”.