نظمت هيئة الدفاع عن الأزهر الشريف بمشاركة مجموعة من العلماء والدعاة مؤتمرا صحفيا، بمدينة إسطنبول التركية، ظهر الخميس، معلنين تدشين رابطة “الدفاع عن الأزهر”، ردا على ما وصفوه بالهجمة الشرسة وغير المسبوقة على الأزهر ومناهجه الدراسية.
وألقى مستشار وزير الأوقاف السابق، محمد الصغير، بيان المؤتمر الذي حمل عنوان “الله أكبر.. فليرتفع شأن الأزهر”، قائلا إن “الأزهر يتعرض لضغوط سياسية وإعلامية غير مسبوقة، وسط هجوم واسع على علمائه ومناهجه الإسلامية، محملين إياه المسؤولية تجاه ما تموج به البلاد وظهور رايات الغلو والإرهاب تارة، وتارة يطالبونه بما يسمى تجديد الخطاب الديني، والذي هو حق يراد به ضرب الهوية الإسلامية لمصر”.
وأضاف: “لم تقتصر هذه الحملة الظالمة على الإعلام، بل سرعان ما صدرت قرارات وزارية تتعلق بإلغاء تدريس مادة التربية الدينية من المدارس وإغلاق كتاتيب حفظ القرآن الكريم ومعاهد إعداد الدعاة، وتقديم مشروع قانون للبرلمان يستهدف تجريد الأزهر من رسالته وانتهاك استقلاليته والتعامل معه كأي منشأة إدارية أو حكومية، وهو ما يكشف عن أن الحملة الإعلامية مدبرة لتمرير هذه القرارات المتطرفة في عدائها للإسلام من خلال هدم أهم مكونات الهوية الإسلامية التي طالما افتخر بها المصريون”.
واستطرد البيان قائلا: “يتغافل هؤلاء عن أن الأزهر الشريف ومؤسساته المختلفة تمثل رمزا للإسلام والمسلمين ومرجعية سنية في العالم بأسره، وهي مصدر من مصادر التأثير والقوة الناعمة لمصر لعقود متطاولة وأزمنة متعاقبة”.
وتابع: “رابطة الدفاع عن الأزهر، والتي تشرف بالتعبير عن رأي الغيورين من أبناء الأزهر من مختلف البلاد العربية والإسلامية، تدق ناقوس الخطر المتعلق باستهداف الأزهر ورسالته وبنيته التربوية وجامعته وروافدها من المعاهد الأزهرية، وتعد ذلك عدوانا على القيم الثابتة والأصول المستقرة”.
وشدّد على أن الرابطة ترفض “التطاول المقيت على الأزهر ومؤسساته ومناهجه، وتؤكد أن مثل هذه الدعوات لا تحقق إلا المزيد من التطرّف والغُلو كنتيجة حتمية للجهل الذي سيطبق على أجيال سوف تُحرم من روح الوسطية التي يرفع رايتها الأزهر ورجاله”.
وأردف: “لم يثبت وجود أي علاقة بين الأزهر ومناهجه وبين مرتكبي أعمال العنف وأصحاب رايات الغلو، التي يخاصم أصحابها الأزهر ومناهجه ويصدرون عن مشارب شتى”، مضيفا أنه “لا يخفى على أحد ما تعانيه المنطقة من تدخلات أجنبية وغياب الحريات وتصاعد حدّة الاستبداد السياسي، والفشل الاقتصادي والتنموي وتأثيرات ذلك على الاستقرار السياسي والأمن الجنائي والمجتمعي”.
ورأى أن الحملة الحالية بتنوع وسائلها لا تستهدف شيخ الأزهر بشخصه، بل هي تستهدف المؤسسة الأزهرية بما تحمله من رمزية الإسلام عقيدة وشريعة وتستهدف التأثير في هوية الدولة المصرية، وفرض العلمنة، وازدراء ثوابت المسلمين.
وقال إن “شرف الانتساب إلى العلم والأزهر يلزمنا دعوة الشعب المصري والعربي والشعوب الإسلامية التي تكن مشاعر الاحترام والإجلال للأزهر أن تبذل الجهد في الدفاع عن الأزهر واستقلاله واحترام مؤسساته، وتدعو مثيري الفتنة إلى التوقف عن اللعب بالنار، لأنهم أول من سيكتوي بنارها، فقد سبقتهم إلى ذلك جحافل ومحافل فضل سعيهم وخاب فألهم وبقي الطود الأشم يخرج رموز المعرفة والعلم وسيظل بإذن الله”.
وشارك في المؤتمر عدد من علماء الأزهر والدعاة المصريين والعرب والأتراك، من بينهم، مستشار وزير الأوقاف السابق محمد الصغير، وأستاذ الحديث بجامعة الأزهر عمر عبد العزيز، والشيخ عبد الخالق الشريف، والأمين العام لهيئة علماء فلسطين نواف تكروري، والأمين العام لرابطة علماء تركيا عبد الوهاب إكنجي، ونائب رئيس جامعة الإيمان اليمنية محمد الصادق المغلس، والمفكر الإسلامي والناشط الإريتري حسن سلمان، والشيخ سلامة عبد القوي، ونائب رئيس الاتحاد العالمي للدعاة المسلمين حسين الدليمي.
وقال خالد الشريف المستشار الإعلامي لحزب البناء والتنمية المصري ، أن هذا المؤتمر “محاولة لرد الهجمة الشرسة على الأزهر، التي تريد تحطيم الهوية الإسلامية منذ الانقلاب على الرئيس المنتخب وعلى إرادة الجماهير”، مشيرا إلى أن كوكبة من علماء الإسلام ودعاته يردون الجميل للأزهر في الدفاع عنه بمؤتمرهم اليوم.
وأشار إلى أن ما وصفها بالهجمة الممنهجة والشرسة على “الأزهر” تهدف لإكمال مخططها في تدمير الدولة المصرية، مؤكدا أن “الأزهر – كان ولا يزال- منارة عظيمة لنشر العلم، وسيظل رائدا للعالم الإسلامي، وملاذا للمظلومين”، مشدّدا على أنه لا قيمة لمصر بدونه.
وأكد إسلام الغمري المنسق العام لرابطة الدفاع عن الأزهر، ، أنه في ظل “الهجمة غير المسبوقة على الأزهر ومؤسساته في إطار الحرب المعلنة على الهوية الإسلامية في مصر أصبح لزاما على أهل العلم والرأي أن يقفوا أمام هذه الحملة ويدافعوا عن أعرق جامعات المسلمين (الأزهر الشريف) التي وقفت أمام كل محتل وغاصب وبذلت العلم لكل طالب وقاصد”.
ودعا “الغمري” علماء الأزهر ورموز المسلمين بالانضمام إلى رابطة الدفاع عن الأزهر ومؤازرتها لصد ما وصفه بالخطر الداهم والحفاظ على هوية المسلمين، مضيفا أنه “جاء الدور علي شيوخ الأزهر وطلابه أن يردوا الجميل للجامعة والجامع”.
وفي سياق متصل، أطلقت حركات وشخصيات مصرية بالخارج، مبادرة بعنوان “إلا الأزهر الشريف”، دعت فيها لدعم الأزهر، محذرة من المساس به أو “التدخل السافر وغير المسبوق في شؤونه، واستبدال أتباع السلطة العسكرية التي تحكم مصر بعلمائه المخلصين”.
وأكدوا- في بيان لهم الخميس- أن “ما يحدث الآن من هجمة شرسة على الأزهر وعلمائه ليس محاربة للتطرف أو الاٍرهاب، كما يدعون، بل محاربة للإسلام ذاته، وهذا سوف يأتي بنتائج كارثية، وهي تفاقم الاٍرهاب والتطرف من الجهلاء الذين لا دين لهم ولا ملة، وربما يريد أعداء الأزهر هذا حتى يسهل عليهم استغلالنا”.
وشدّدوا على أهمية “دور الأزهر كأحد أبرز القوى الناعمة لمصر في الساحة الإقليمية والدولية، وأهم معلم لتاريخ مصر الحضاري والثقافي”، داعين كل شركاء الوطن وشعوب العالم الإسلامي للذود عن استقلاله وإبعاد قبضة المجلس العسكري عنه.
ودعت الحركة الوطنية لدعم الثورة المصرية “غربة”، صاحبة المبادرة، والتي أطلقت حملة على موقع “أفاز” للحملات المجتمعية على الإنترنت، كل من وصفتهم بالمخلصين من أبناء مصر بصورة خاصة وكل العالم الإسلامي عامة للوقوف ضد هذه الهجمة وعدم التفريط في الدور الذي يلعبه الأزهر بالدعوة لصحيح الإسلام، والبعد عن التطرّف والتأليف بين المسلمين الذين يتوافدون من جميع البلدان الإسلامية للدراسة فيه والاستفادة من علمائه.