جنى إعلان الرئيس السوداني “عمر البشير” ، ورئيس الوزراء الإثيوبي “هيلي ماريام ديسالين” التكامل بين بلديهما ، وتوحيد المواقف تجاه التهديدات الخارجية ، دون تتفصيل عن تلك تهديدات قصدها الاتفاق ، بل لخص كل شئ بعبارة “السودان وإثيوبيا إيد واحدة” أولى ثماره ، بعد أن استغلت الحكومة الأثيوبية فشل المفاوضات الأخيرة فيما يخص “سد النهضة”، وأعلنت دعمها الكامل للسودان في قضية “حلايب وشلاتين”.
في ظل أزمتي “حلايب وشلاتين” مع السودان و”سد النهضة” مع إثيوبيا، خرج الجانب الإثيوبي عن صمته حيال القضية ، وزعم “ديلا ماديسين” ، نائب وزير الخارجية الإثيوبي للشؤون الإفريقية، أن منطقة “حلايب وشلاتين” المطلة على البحر الأحمر، تقع تحت سيادة سودانية منذ عام 1956، ولكن كان للجانب المصري والسوداني حق السيادة عليها.
ونقلت الوكالة الإثيوبية الرسمية ، الناطقة باللغة الأمهرية ، عن “ماديسين” قوله: “إذا كانت مصر والسودان تريدان بالفعل تطوير تلك المنطقة وإنشاء منطقة تكامل، فعليهما الاعتراف بسودانيتها ومن ثم الاتفاق بشأن التكامل”، مدعيًا على أن الوثائق التاريخية تثبت أن المنطقتين تتبعان للسودان، موضحًا أن الخرطوم دفعت شكوى إلى مجلس الأمن الدولي في العام 1958 وتجدد سنويًا من المنظمة الدولية، وربما في هذا العام يصعد الأمر إلى المحكمة الدولية.
وشدد نائب وزير الخارجية الإثيوبي للشؤون الإفريقية، أن الدول الإفريقية كافة لا بد أن تتكاتف وتتعاون في إطار المصلحة العامة ولا تهتم بدولة دون غيرها، لافتًا إلى أن الهدف الأساسي من التعاون الإفريقي هو التنمية وليس النزاع على الحدود والأراضي، قائلًا: “مصر والسودان لابد أن يصلا إلى حل من أجل تكامل إفريقي حقيقي”.
ولم تكن تلك المرة الأولى التي تدعم فيها إثيوبيا السودان أو العكس، فقد أعلن الرئيس السوداني عمر البشير في تصريحات سابقة أن أي تهديد لأمن إثيوبيا هو تهديد مباشر للأمن القومي السوداني.
“البشير” قال في مؤتمر صحفي مشترك عقب مباحثات أديس أبابا ، في إبريل الماضي ، إن التكامل مع إثيوبيا يشمل كل المجالات الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأضاف أن “أي تهديد لأمن إثيوبيا هو تهديد مباشر لأمن السودان” ، مشددًا على “أهمية الاستفادة من الموارد المائية لدول حوض النيل بصورة عادلة”، وأن هناك اتفاقا بشأن سد النهضة الإثيوبي الذي سيمد السودان وإثيوبيا بالطاقة الكهربائية.
الإعلان السوداني الإثيوبي يأتي في أعقاب تطورات غاية في الأهمية ، حيث تشهد العلاقات المصرية السودانية توترًا متصاعدًا، ومن شان الموقف الأخير للبشير أن يزيد الأزمة اشتعالاً، بعد أن أعلن السودان انحيازه للمعسكر الإثيوبي ضد مصر.
والخرطوم في مارس الماضي أنها شكلت لجنة لإخراج المصريين من مثلث “حلايب وشلاتين”، في تطور كبير للأزمة التي تهدد العلاقات بين مصر والسودان ، وفي يناير الماضي، جدد السودان شكواه لدى مجلس الأمن الدولي بشأن الحدود مع مصر وتبعية “مثلث حلايب للسودان”، على حد قول الخرطوم.
وفي أبريل 2016، رفضت القاهرة طلب الخرطوم التفاوض المباشر حول منطقة “حلايب وشلاتين”، المتنازع عليها بين البلدين منذ عقود، أو اللجوء إلى التحكيم الدولي، الذي يتطلب موافقة الدولتين المتنازعتين ، وكان طلب السودان ، جاء بعد الإعلان المصري عن نقل تبعية جزيرتي “تيران وصنافير”، إلى المملكة العربية السعودية.
في تصريح جديد يعكس مدى تطور العلاقات بين السلطات السودانية ونظام العسكر ، أتهم الرئيس السوداني “عمر البشير” منذ يومين ، الأبواق الإعلامية للنظام العسكري بالإساءة له ولبلاده ، زاعمًا أن السودان “لم يقم بأي إساءة لمصر رغم احتلالها جزءًا من الأراضي السودانية” ، مشيرًا إلى أن بلاده تتحلى بالصبر إزاء مصر رغم احتلالها أراضي سودانية”، في إشارة إلى مثلث حلايب وشلاتين الحدودي.
وأضاف الرئيس السوداني في تصريحات متلفزة ، إن “الإعلام المصري العام والخاص يعمل على الإساءة إلى السودان ، ومع ذلك يصبر السودان على هذه المعاملة ؛ لأن العلاقات المصرية السودانية تاريخية وروابطها قوية جدًا” ، معتبرًا أن “مصر مستهدفة ونحن مستهدفون، فأي شرخ في العلاقات بينهما هو خسارة للاثنين، وهو ما يصب في مصلحة أعداء الأمة”.
على جانب أخر ، فشلت جولة لمفاوضات الرابعة عشر بين مصر وإثيوبيا، بخصوص دراسات آثار بناء سد النهضة، والتي استمرت على مدار 3 أيام، بحسب بيان لوزارة الري المصرية.
وعلى رغم من التنازلات التي قدمها النظام إلي أثيوبيا، والتي أكد خبراء بأنها دون أي فائدة تذكر لمصر، إلا أن أثيوبيا اختارت التصعيد ضد مصر، ورفضت تقديم أي تنازلات، كما رفضت حق مصر في المعرفة، ليتم إعلان فشل الجولة الرابعة عشر من المفاوضات.