في ظل قيادة مودي رئيس الوزراء اليميني الهندوسي المتطرف، وبعد عقود من رحيل “مهاتما غاندي”، الأب الروحي لحركة استقلال الهند، تحولت الهند من بلد معارض للصهيونية يتبنى مقاطعتها واعتبارها شكلاً من أشكال العنصرية إلى دولة تشتري ما لا يقل عن أربعين بالمائة مما يبيعه الصهاينة من سلاح، بل ودولة تحاكي الصهيونية وتسعى إلى استنساخها فكرا وسياسة وإجراءات، ليس فقط ضد المسلمين في كشمير التي تحتلها الهند منذ أن احتل الصهاينة فلسطين قبل ما يقرب من سبعين عاما، بل وضد المسلمين في كافة أرجاء شبه القارة الهندية.
ومنذ أن بدأ المقاومة الكشميرية ضد الاحتلال الهندي في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، سقط أكثر من 70 ألف قتيل، فيما أُخفي سبعة آلاف كشميري آخر قسريا، دون معرفة مصيرهم حتى اليوم.
وأُعمي وشُوّه الآلاف بالذخيرة الحية، أو المغلفة بالمطاط، وفي حين لا يُفترض أن يجعل ذلك مجالا للشك بأن الهند قوة استعمارية في المنطقة، إلا أن القشرة الظاهرية للديمقراطية الهندية، في هذه المنطقة الهشّة من العالم، جعلت إقناع الناس بهذه الحقيقة أمرا صعبا.
بالأمس كانت الهند من أشرس المدافعين عن القيم الإنسانية واليوم أصبحت من الدول المطبقة للعنصرية والتمييز، في ظل قيادة رئيس وزراء يميني هندوسي، فكيف حدث هذا التحول؟ وكيف كانت علاقة نيودلهي بإسرائيل وكيف أصبحت؟
مودي وعباس!
كتب الناشط الكشميري، عبد الله سعد، في تغريدة، الثلاثاء الماضي: “سيشعر الفلسطينيون أن المجلس التشريعي لولاية كشمير والسياسييْن الرئيسييْن فيها، عمر عبد الله، ومحبوبة مفتي، مألوفين جدا. فالمجلس يعمل كنظام إدارة محلي يسهل الاحتلال، بما يشبه طريقة السلطة الفلسطينية تحت قيادة محمود عباس، بشكل كبير”.
وأضاف سعد: “مع تقدم الأمور إلى الأمام، بات من الواضح بشكل متزايد أن الاستعماريْن في كشمير وفلسطين سيصبحان مترابطيْن أكثر فأكثر. إن ما تفعله إسرائيل في فلسطين سيحدث في كشمير، وما تفعله الهند في كشمير، سيحدث في فلسطين”.
كتب أستاذ الاقتصاد السياسي في كليّة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، سومانترا بوس، أن “الحركة القومية الهندوسية التي يقودها راشتريا سوايامسيفاك سانغ، تطمح إلى النموذج ’الديمقراطي’ من النوع الذي تمثله إسرائيل وليس باكستان، أملا في إنشاء هند مختلفة”.
والأهم من ذلك، أن القرار الجديد، يمهد الطريق أيضًا لمشروع استيطاني كامل في كشمير، ومن المحتمل أن تشمل المرحلة التالية إنشاء مناطق هندوسية مطوقة، مثل المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية.
استقلال كشمير
ومثلما فعلت حكومة الاحتلال الصهيوني بشكل متكرر؛ حاولت الحكومة الهندية بذل قصارى جهدها لتعريف المشكلة في كشمير على أنها قضية دينية بين المسلمين والهندوس، والتخفيف من شأن جذور النزاع السياسي والمبالغة في دور التطرف الإسلامي كحيلة لتصوير الحملات العسكرية على كشمير، على أنها ضرورة مُلحة ولا مفر منها، وفيما دعمت باكستان الحركة المسلحة، لكن أجهزتها الأمنية تخشى أيضًا من استقلال كشمير بقدر ما تفعل الهند.
وكانت الهند واحدة من بين 72 دولة، معظمها مستعمرات سابقة، أسهمت في ظهور هذا القرار التاريخي، الذي يرى أن الصهيونية أيديولوجيا قائمةٌ بشكل أساسي على الإقصاء السياسي، وأنها مسؤولة عن فصل الفلسطينيين بوصفهم مواطنين من الدرجة الثانية.
وفي ذلك الوقت، كانت الهند جزءا من حركة عدم الانحياز خلال الحرب الباردة، وأدت دورا هائلاً في عزل جنوب إفريقيا، المعاون الوثيق لإسرائيل، وبعد ستة عشر عاماً، انتهت الحرب الباردة، وأصبح العالم مكاناً مختلفاً.
في عام 1991، وضعت إسرائيل “إلغاء وصف الصهيونية بالعنصرية” شرطا مسبقا لمشاركتها في مؤتمر مدريد للسلام المنعقد في العام نفسه، وهو ما أجبر الأمم المتحدة على الدعوة إلى إجراء تصويت جديد، وأُلغي القرار 3379، وصوتت الهند لصالح إبطاله أيضا.