كشفت تقارير صحفية، اليوم السبت، أن إسرائيل والولايات المتحدة، تحاولان وضع أجندة للتخلص من الصداع المزمن في قطاع غزة، والتي ترى كل منهما أنهما العثرة الوحيدة المتبقية في طريق “صفقة القرن” .
وقال موقع “ميد إيست آي” البريطاني، إنه ليس لدى إسرائيل رفاهية الوقت في غزة خلاف ما تملكه في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وهما المنطقتان الفلسطينيتان الإضافيتان تحت الاحتلال الإسرائيلي. ففي هذه المناطق، يُمكن لإسرائيل مواصلة اختزال الوجود الفلسطيني، مستخدمةً الجيش الإسرائيلي، والمستوطنين اليهود، والقيود الصارمة على حركة الفلسطينيين، في سبيل الاستيلاء على الموارد الأساسية مثل الأرض والمياه.
استغلال أزمة غزة
وأضاف الموقع البريطاني، أنه في ظل الأوضاع المتردية في غزة نتيجة الحصار، ووجود أكثر من مليوني إنسان يعيشون في القطاع، وجد الكيان الصهيوني الحل لتنفيذ صفقة القرن وحل مشكلة غزة التي تؤوق تنفيذ الصفقة، حيث أكدت تحرُّكاتٍ من جانب واشنطن وإسرائيل للضغط على مصر كي تُسلِّم منطقةً من أرضها بشمال سيناء، المجاورة لغزة، لتُقام عليها مشاريع بنية تحتية مصمَّمة لإغاثة «الأزمة الإنسانية» الحادثة في القطاع.
وأشار الموقع للمفاوضات الدائرة بين سلطات الانقلاب حول هذا الشأن، موضحة أنها حينما طلبت بالجلوس مع قيادات من حركة ” حماس” الشهور الماضية، كان ذلمك ليُناقش الإجراءات، وذلك عقب زيارةٍ إلى مصر قام بها غاريد كوشنر، صهر دونالد ترمب والمشرف على خطة السلام في الشرق الأوسط.
توقعات بقرب إتمام الصفقة
ووفقاً لتقارير واردة، يأمل ترمب أن يرفع الستار قريبا عن صفقة -في سياق «اتفاقية القرن» لصُنع السلام بالشرق الأوسط- تتعهَّد بتشييد شبكةٍ من ألواح توليد الطاقة الشمسية، ومحطة تحلية لمياه البحر، وميناءٍ بحري، ومطار في سيناء، بالإضافة إلى منطقة تجارة حرة و5 مناطق صناعية. وستُموَّل تلك المشروعات بالأساسٍ من جانب دول الخليج الغنية بالنفط.
ونقلت التقارير عن مصادر مصرية مطلعة، صحة هذه المعلومات، مؤكدة أن الصفقة تقضي بتنفيذ الأجندة بوضع أهالي غزة في سيناء مقابل تخفيف الحصار، وتحسين الأوضاع المعيشية، مقابل استفادة سلطات الانقلاب في الاستفادة من الاشراف وإنشاء هذه المشروعات البنيوية، وتوفير فرص عمل.
كما تستفيد سلطات الانقلاب من ضخ رأس المال المهول ذاك إلى اقتصادها المتأزِّم من جهة، ومن مشروعات البنية التحتية الجديدة التي سيُتاح استخدامها أيضاً لمواطنيها بشبه جزيرة سيناء المضطربة من جهة أخرى.
وأشارت إلى أن وزيرا بمجلس الوزراء الإسرائيلي اقترح طوال أكثر من عامٍ، أن تُقام مشاريع بنية تحتية مشابهة لغزة على جزيرةٍ صناعية تُبنى في المياه الإقليمية الفلسطينية. غير أن رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو، رفض هذا الاقتراح مراراً. لكنَّ البديل المنظور هنا، أي تنفيذ الخطة على أرض مصر، تحت قيادة القاهرة، سيربط المخاوف الأمنية المصرية تجاه قطاع غزَّة بتلك الإسرائيلية، وسيعمل على قتل القضية الوطنية الفلسطينية بإقامة دولتهم على أرضهم.
دعم أمريكي
وتقود كل الإشارات إلى أنَّ هذه الخطة قد تلقَّت دعماً قوياً وممتداً من مؤسسات اتخاذ القرار بواشنطن على مدار أكثر من 10 أعوام. وفي الواقع، منذ 4 أعوام، عندما كان باراك أوباما لا يزال راسخاً في البيت الأبيض، رسم موقع ميدل إيست آي البريطاني مساراً لمحاولاتٍ نفَّذتها إسرائيل والولايات المتحدة للضغط على عدة رؤساءٍ مصريين متتابعين أن يفتحوا سيناء لفلسطينيي غزة.
وفي صيف عام 2014، نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية تقارير أفادت بأنَّ المسؤولين الصهاينة، بمباركةٍ من واشنطن، يعملون على خطةٍ سُمِّيَت خطة «غزة الكبرى»، من شأنها أن تربط القطاع بشطرٍ كبير من شمال سيناء. وأشارت التقارير كذلك إلى أنَّ إسرائيل قد أحرزت تقدُّماً مع القاهرة بشأن موافقتها على الخطة.
وجاءت الشكوك بأنَّ السيسي كان على وشك الإذعان للخطة منذ 4 أعوام، على لسان محمود عباس نفسه آنذاك. وفي مقابلةٍ صحافية أجراها مع التلفزيون المصري، قال عباس إنَّ خطة سيناء التي تطرحها إسرائيل قد «ووفِقَ عليها لسوء الحظ من قِبل البعض هنا (في مصر). لا تسألني عن هذا الأمر أكثر. لقد أبطلنا هذا المقترح». إنَّ المحافظين الجدد المهلِّلين لإسرائيل في واشنطن، والذين يُقال إنَّهم اعتمدوا على مبارك عام 2007 خلال رئاسة جورج بوش للولايات المتحدة، هم الآن يتلاعبون بسياسة الشرق الأوسط مجدداً تحت مظلة إدارة ترمب.
السيسي وغزة
وقال التقرير إن لدى السيسي وجنرالاته سببٌ يمنعهم عن تقديم المساعدة لقطاع غزة ، فبعد أن استولوا على السلطة بالانقلاب العسكرين فعلوا كلَّ ما بوسعهم لسحق الحركات الإسلامية المحلية، لكنهم واجهوا ردَّ فعلٍ عنيفاً في سيناء.
وهو ما يستغله ترامب وكوشنر أن تتمكن مهاراتهما في إبرام الصفقات من تحقيق انفراجة للقضية. وقد اتضحت قابلية مصر للاستجابة تجاه الإغراءات المالية من الخليج العام الماضي (2017)، عندما وافقت حكومة السيسي بحماسة على التنازل عن جزيرتين استراتيجيتين في البحر الأحمر، هما تيران وصنافير اللتان تمثلان مدخلاً إلى خليج العقبة وقناة السويس، للمملكة العربية السعودية.
في المقابل، تلقَّت مصر استثماراتٍ وقروضاً بمليارات الدولارات من المملكة، من ضمن ذلك مشاريع البنية التحتية واسعة النطاق في سيناء، وقد نُقِلَ عن الإدارة الإسرائيلية موافقتها على هذه الصفقة.
وأشار مُحلِّلون إلى أن تسليم الجزيرتين إلى السعودية كان يهدف إلى تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي بين إسرائيل ومصر والمملكة في التعامل مع المقاتلين الإسلاميين بسيناء. ويبدو ذلك مثيراً للريبة الآن كأنه مُقدِّمةٌ لخطة ترمب في سيناء.
وأضاف التقرير أن ثمة الآن أسباب كافية لاعتقاد أن هدف مبادرة إسرائيل/ترمب هو النقل التدريجي للفلسطينيين إلى سيناء من خلال الاستثمار في مشاريع البنية التحتية.
ومع اتحاد المصالح الأمنية للبلدين، يُمكن لإسرائيل أن تعتمد على مصر لتهدئة الفلسطينيين في غزة نيابة عنها. وبموجب هذا المُخطَّط، سيكون لدى القاهرة العديد من الطرق لترويض قوتها العاملة الجديدة من العمال المهاجرين.
فيُمكنها إيقاف مشروعات البنية التحتية مؤقتاً، والكف عن استخدام القوى العاملة، حتى يسود الهدوء. وتستطيع إغلاق معبر رفح الحدودي بين غزة وسيناء، وإيقاف محطات الكهرباء وتحلية المياه؛ لتحرم غزة من الكهرباء والمياه النظيفة.
بهذه الطريقة، يمكن إبقاء غزة تحت السيطرة الإسرائيلية دون أن يُلقى عليها أي لوم. وفي صدارة المشهد، ستصبح مصر حارساً على سجن غزة، تماماً كما تحمَّل عباس وسلطته الفلسطينية عبء العمل كحراسِ سجنٍ في معظم أنحاء الضفة الغربية.
وأكد التقرير أن هذا هو النموذج الإسرائيلي لغزة، وربما نعرف قريباً ما إذا كانت مصر ودول الخليج تشاركها الرؤية ذاتها.