عزة مختار :
يجهل كثير من المسلمين جغرافية دولة فلسطين المحتلة خاصة جيل الشباب الذي لا يعرف لها حدودا ولا مساحة ولا تاريخا ثم هو منوط به بذل كل نفس في تحريرها ، وفي هذه السطور أقدم نبذة مبسطة عن جغرافية فلسطين كدولة مسلمة تحوي ثالث أهم مقدس إسلامي وهو مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك ليعلم أبناؤنا عن أي كيان ندافع وعن أي حدود نقاتل
تحد فلسطين أربع دول عربية هي مصر وسوريا ولبنان والأردن بامتداد 22 كيلو متر من البحر الميت ويصب فيه نهر الأردن ، و52 كيلو متر من البحر المتوسط ، و 250 كيلو متر من البحر الأحمر ، ففلسطين من النهر إلي البحر هي أرض عربية مسلمة مقدسة غير قابلة للتجزئة أو التقسيم ، وترابها كله مقدس ولا يجب التخلي عن شبر منه بالتنازل أو البيع ولو فنيت الشعوب المسلمة في سبيل استرجاعه .
وتاريخ العاصمة الفلسطينية القدس الموحدة حافل بالدماء من محاولات للغزو والدفاع عنها ، فرغم سورها الذي بني في عهد الكنعانيين لكنه تهالك وسقط فهي المدينة الأكثر استهدافا في التاريخ الإنساني ، ولذلك وككل المدن القديمة بني حولها السلطان سليمان القانوني سور عظيم محكم باق حتى اليوم رغم الصراعات التي لا تكاد تتوقف ورغم أن تلك المنطقة هي منطقة زلازل تاريخية فكان عرض السور الذي يبلغ أربعة أمتار عاملا كبيرا في الحفاظ عليه من السقوط حتى اليوم رغم سقوط معظم الأسوار المماثلة والمزامنة علي المدن القديمة عامة ، كانت مساحة المدينة داخل محيط السور لا تزيد عن كيلو متر مربع واحد ، لكنها ظلت تحتفظ بمقدسية أهلها حتى القاطنين خارج السور إلي أن توسعت المدينة حوله لمساحة 20 كيلو متر عقب مغادرة الاحتلال الانجليزي لها 1948 ، بينما كان البناء الأول خارج السور القديم في العام 1860 م
تبلغ مساحة المسجد الأقصى مائة أربعة وأربعين ألف متر مربع ، يمثل سدس مساحة المدينة ويشمل قبة الصخرة والمسجد القبلي ومائتي معلم آخر
احتل الصهاينة الجزء الغربي من المدينة ، وبقي الجزء الشرقي في يد الأردن إلي العام 1967 فاحتل الصهاينة الجزء الشرقي أيضا فصارت المدينة كاملة تحت الاحتلال الصهيوني حتى اليوم لكنها احتفظت بطابعها الشرقي ، واحتفظت كذلك بكونها عاصمة دولة فلسطين إلي أن دخلت القضية في حيز المفاوضات وضاع اسم فلسطين علي موائد المنتفعين
وللسور المحيط بالمدينة سبعة أبواب مفتوحة وأربعة مغلقة
الأبواب المفتوحة :
باب العمود: وهو من أكثر الأبواب حيوية للمدينة من الناحية الشمالية ، وسمي كذلك لأن الرومان بنوا فيه عمودا خاصا ، ويسمي أيضا باب دمشق باعتباره الباب الشمالي المؤدي لاتجاه سوريا ، كما يسمي باب النصر ، لأنه الباب الذي تدخل منه الجيوش المنتصرة للمدينة تاريخيا ، يعود تاريخه إلى عهد السلطان سليمان القانوني العثماني، تعلو هذا الباب قوس مستديرة قائمة بين برجين. أقيم فوق أنقاض باب يعود إلى العهد الصليبي .
باب الساهرة: يقع إلى الجانب الشمالي من سور القدس، على بعد نصف كيلو متر شرقي باب العمود. وهو بسيط البناء، ضمن برج مربع، ويرجع إلى عهد السلطان سليمان القانوني، ويؤدي إلي حي الساهرة المفضي إلي المدينة ، ويعرف أيضا باسم باب هيرودوتس.
باب الأسباط: يقع في الحائط الشرقي، ويشبه في الشكل باب الساهرة، يعود تاريخه إلى عهد السلطان سليمان القانوني. وسمي أيضا باب القديس، إسطيفان، وباب الأسود؛ لوجود تمثالين لأسدين على جانبي مدخله ، ويسمي أيضا باب مريم ، ويقال أنه المكان الذي دفنت فيه السيدة مريم ، ولأن مساحته تسمح بدخول المركبات فقد احتل الصهاينة المدينة منه
باب المغاربة: يقع في الحائط الجنوبي لسور القدس، وهو عبارة عن قوس قائم ضمن برج مربع، ويعتبر أصغر أبواب القدس ، ويسمي أيضا بباب المحرقة كما يسمي في الخرائط العبرية بباب القمامة لأن الخارجين منه كانوا يخرجون من المدينة لإلقاء القمامة وهذا هو الاسم المعتمد لدي المصادر الغربية
باب النبي داود: وهو باب كبير منفرج، أنشئ في عهد السلطان سليمان القانوني، ويسمى أيضا باب صهيون وهو احد الأسماء التوراتية للمدينة وهو الباب الجنوبي للمدينة ، ولا يسمح الصهاينة لغير اليهود للدخول من هذا الباب
باب الخليل: يقع في الحائط الغربي، ويسمى أيضا باب يافا نسبة إلي اتجاه القادمين من يافا
باب الحديد: يقع في الجانب الشمالي للسور، على مسافة كيلو متر غربي باب العمود. فتح عام 1898م إبان زيارة الإمبراطور الألماني (غليوم الثاني) للقدس.
الأبواب المغلقة
وتلك الأبواب لم يبق منها إلا بعض الآثار المغلقة بالطوب ، وكانت تغلق بهذا الشكل منعا لدخول الصليبيين منها
باب الرحمة: يقع في الحائط الشرقي على بعد 200متر إلى الجنوب من باب الأسباط، يؤدي مباشرة إلى الحرم، وسمي بالباب الذهبي لجماله. يعود إلى العصر الأموي، وهو باب مزدوج، تعلوه قوسان، يؤدي إلى باحة مسقوفة بعقود ترتكز على أقواس قائمة فوق أعمدة ضخمة. أغلقه العثمانيون بسبب خرافة انتشرت بين الناس (بأن الفرنجة سيعودون ويحتلون مدينة القدس من هذا الباب).
الباب الواحد: يقع في الحائط الجنوبي، يعلوه قوس يؤدي إلى الحرم مباشرة، بني زمن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان.
الباب المثلث: يقع في الحائط الجنوبي، ويتكون من ثلاثة أبواب يعلو كل منها قوس يؤدي إلى الحرم مباشرة، بني زمن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان
الباب المزدوج: يقع في الحائط الجنوبي، ويتكون من بابين يعلو كل منهما قوس يؤدي إلى الحرم مباشرة. بني زمن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان.
أما مدينة القدس تاريخيا فتنقسم إلي قسمين :
الحي الإسلامي :وهو الحي الأكبر في المدينة
الحي المسيحي : وهو الحي إلي يعيش فيه الأرمن وفيه كنيسة القيامة ، بالإضافة إلي الحي اليهودي
وتذكر المصادر أن الخليفة عمر بن الخطاب دخل القدس من الناحية الجنوبية ووقف علي جب يسمي ” جبل المشورة السيئة “نسبة إلي علماء اليهود الذين وقفوا عليه واتفقوا علي قتل المسيح عليه السلام ، لكن المسلمون أسموه ” الجبل المكبر ” نسبة إلي تكبيرهم عليه يوم فتح المدينة علي يد المسلمين في عهد الخليفة عمر بن الخطاب
مكانة القدس في الإسلام
أولي الإسلام مدينة القدس كمدينة تحوي مقدسات غالية وفلسطين كدولة تحويها لها مكانة كبيرة
شد الرحال إلى المسجد الأقصى
ففي البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال ” تشد الرحال إلا إلي ثلاثة مساجد ، المسجد الحرام ، ومسجد الرسول صلي الله عليه وسلم ، ومسجد الأقصى ” .
مضاعفة الصلاة في المسجد الأقصى
” روي الإمام الطبراني رحمه الله في معجمه الأوسط ( 7/103 برقم 6983 ) ، حدثنا إبراهيم عن الحجاج عن قتادة عن أبي خليل عن عبد اله بن الصامت عن أبي ذر رضي الله عنه قال : تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلي الله عليه وسلم أيما أفضل مسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم أو بيت المقدس ، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : صلاة في مسجدي هذا أفضل أربع صلوات فيه ، ولنعم المصلي هو ، وليوشكن أن يكون للرجل مثل سية قوسه من الأرض حيث يري منه بيت المقدس خير له من الدنيا جميعا ” .
وقف للمسلمين
والقدس وفلسطين كاملة وقف للمسلمين لا يحق لهم التنازل عنه ورأي جمهور الصحابة والفقهاء: «أنها أرض موقوفة، لا يجوز بيعها ولا شراؤها ولا هبتها ولا تورث عمن وضع يده عليها من الكفار”. وبالتالي فتحرير تلك الأرض المقدسة مسئولية كل مسلم حتى تعود كاملة لأحضان المسلمين .