الشيخ “محمد السادات” من أكبر الشيوخ مقاماً وأعظمهم شأناً وأوسعهم جاهاً وثروة، وأعزهم منزلة بين الناس لأخلاقه الكريمة ولنسبه الشريف، حيث كان ينتمي للسادة الأشراف من سلالة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وبعد أن وصلت الحملة الفرنسية إلى القاهرة، واستقرت الأوضاع لـ”نابليون” فيها، قام بتشكيل (الديوان)، وهو مجلس يمكننا أن نشبهه بمجالس الحكم الانتقالي في زماننا الحالي، وكان هذا الديوان يتكون من 9 أعضاء من شيوخ الأزهر، وكانت مهمته هي الوساطة بين شعب مصر و”نابليون”، أي أنه كان مجرد واجهة مصرية لأوامر “نابليون”، وبالمقابل فإن عضوية الديوان كانت منصباً يشار لصاحبه بالبنان، وتكفل عضوية الديوان لصاحبها العز والجاه والنفوذ، ولكن الشيخ “السادات” أعرض عن هذا كله ورفض تكليف “نابليون” له بالمشاركة في الديوان..
وعندما قامت ثورة القاهرة الأولى كان يجتمع برجال المقاومة في بيته و يخطط لطريقة و كيفية المقاومة فاتهمه الفرنسيون بأنه كان المحرض الرئيسي عليها، وتوافرت الأدلة على ذلك بالفعل، الأمر الذي كانت عقوبته الوحيدة هي الإعدام، ولكن “نابليون” رأى أن إعدام الشيخ “السادات” سيثير مشاعر الناس ويجعل منه شهيداً، فلم يقتله..
وحين ثارت القاهرة للمرة الثانية في عهد “كليبر”، انتفض الشيخ من جديد قائدا لرجال المقاومة و مناضلا كبيرا ضد الاحتلال فاتُهم الشيخ “السادات” من جديد بتزعم الثورة، وتذكر “كليبر” تصرف “نابليون” فلم يقتل الشيخ “السادات”، لكنه فرض عليه غرامة باهظة (حوالي 150 ألف فرنك)، فلما رفض أن يدفعها أمر بسجنه في القلعة، وكان ينام على التراب، ويمشون به على قدميه في شوارع القاهرة، ويضربونه صباحاً ومساءً بالعصا، وحبسوا أتباعه وخدمه، وأرادوا أن يقبضوا على زوجته وابنه فلم يجدوهما، فعذبوا خادماً للشيخ “السادات” عذاباً شديداً حتى دل الفرنسيين على مكانهما، فقبضوا عليهما، وسجنوا الشيخ “السادات” مع زوجته في زنزانة واحدة، فكانوا يضربونه أمامها وهي تبكي، وهاجموا داره ففتشوها ونهبوا ما كان فيها من مال ومتاع بل وحفروا أرضها للبحث عما فيها من سلاح وأموال، وبعدها أفرجوا عنه فبل أن يعودوا ويعتقلوه في القلعة مرة أخرى لخمسين يوماً ولم يفرجوا عنه ثانية إلا بعد أن دفع كل ما طلبوه منه، وبعد أن صادروا جميع ممتلكاته، وحددوا إقامته في منزله وشرطوا عليه ألا يجتمع بالناس إلا بإذنهم..
وقد مرض ابن الشيخ “السادات” وهو في السجن فلم يخرجه الفرنسيون ليراه، ثم مات فأذنوا له بالسير في جنازته وهو تحت الحراسة ثم عادوا به إلى السجن من جديد.. ويذكر “نابليون بونابرت” في مذكراته أن هذه المعاملة المهينة التي عامل بها “كليبر” الشيخ “السادات” كانت السبب الرئيسي في اغتياله بعد ذلك على يد “سليمان الحلبي”..
يقع منزل الشيخ السادات بمنطقة الحلمية فى السيدة زينب ويحمل الأثر رقم 463، ويتبع منطقة آثار جنوب القاهرة، حيث يقول صلاح الناظر، الباحث الأثري ، أن منزل السادات أنشأه الشيخ محمد السادات، عام 1168هـ 1754م، كان سليل أسرة عريقة وتلقى العلم بالأزهر، فجمع بين العلم والشرف، وتولى مشيخة آل السادات 1182هـ ثم نقابة الأشراف.
أما الحارة التي بها بيت الشيخ فيرجع سبب تسميتها بحارة الشيخ السادات إلى عام 1798 أيام الحملة الفرنسية على مصر،عندما كان يقطنها الشيخ السادات وكان منزله مركزاً لتجمع رجال المقاومة الشعبية لمواجهة الحملة الفرنسية ولوضع الخطط الخاصة بالتحرك ضد الفرنسيين.
وأوضح أن رجال المقاومة اعتادوا على الاجتماع فى بيت الشيخ السادات للوقوف على آخر تطورات الحملة وكيفية التصدى لها، وبعدها يتوجهون إلى الصلاة فى المسجد الذى يقع فى أول الحارة.
وذكر علي مبارك أن دار السادات من الدور الشهيرة القديمة بها حديقة كبيرة وزاوية معدة للصلاة
و منزل الشيخ السادات له مدخل، يؤدي إلى الفناء، تطل عليه مشربية، وتحيط به عدة أبواب، أحدها يؤدي إلى قاعة الأعياد، نقش على جدرانها بعض الأبيات الشعرية للإمام البوصيري، و يشتمل الطابق الأول على قاعة تمتاز بأعمالها الخشبية والرخامية، سقفها ملون، وبه قاعة صغيرة عادية، وأجريت عدة تعديلات بالمنزل في أثناء القرن التاسع عشر