الشعائر الإسلامية والاحتفال بها وتعظيمها وسيلة من وسائل نشر الدعوة الإسلامية عند الاخوان المسلمون

مثل الشعائر الإسلامية والاحتفال بها وتعظيمها وسيلة من وسائل نشر الدعوة الإسلامية، والتي سعت جماعة الإخوان المسلمين لنشرها على مدار مراحلها المختلفة، كما كانت تلك الاحتفاليات وسيلة لنشر فكر الإخوان، خاصة مع القمع والمنع الأمني من التواصل مع الجماهير، فكانت المناسبات الإسلامية وسيلة لتحقيق هدفين: هما نشر المناسبة والتعريف بها وإحيائها، وهدف ثانٍ وهو التواصل مع الجماهير.

ولقد احتفى بها الإخوان من منظور ديني وردت فيه العديد من الأحاديث فيها مثلما ورد عن معاذ بن جبل حيث قال: قال رسول الله ﷺ: «يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن» (رواه ابن ماجه والطبراني وغيرهما).
عن عائشة بنت أبي بكر قالت: «قام رسول الله ﷺ من الليل يصلي، فأطال السجود حتى ظننت أنه قد قبض، فلما رأيت ذلك قمت حتى حركت إبهامه فتحرك فرجعت، فلما رفع إليّ رأسه من السجود وفرغ من صلاته، قال: يا عائشة أظننت أن النبي قد خاس بك؟، قلت: لا والله يا رسول الله، ولكنني ظننت أنك قبضت لطول سجودك، فقال: أتدرين أي ليلة هذه؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: هذه ليلة النصف من شعبان، إن الله عز وجل يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان، فيغفر للمستغفرين، ويرحم المسترحمين، ويؤخر أهل الحقد كما هم» (رواه البيهقي).
وما أخرجه ابن ماجه والبيهقي فى شعب الإيمان عن على-كرم الله وجهه- قال: قال رسول الله r: «إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها؛ فإن الله تعالى ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء الدنيا، فيقول: ألا مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه، ألا كذا ألا كذا حتى مطلع الفجر».
ولذا سارع الإخوان إلى إحياء هذه المناسبات لتعريف الناس بها، وتزكيه قلوبهم بمعانيها، ومعرفة شرائع وشعائر دينهم الذي عمد المحتل إلى طمسها.
النصف من شعبان في كتابات البنا
كتب الأستاذ حسن البنا يوضح قيمة هذه الليلة مع التنويه لأحكامها الشرعية فقال: الكلام فى ليلة النصف من شعبان يتصل بنواحٍ ثلاث: أولاها: ما ورد فى فضل هذه الليلة، وثانيها: الحق والباطل مما يعتقده العامة فيها ويتلونه، وثالثها: حكم هذا الدعاء المعروف.
وبعد أن وضح الإمام البنا بالأدلة حكم ليلة النصف من شعبان قال في نهاية المقال: خلاصة هذا البحث تنحصر فى هذه الأمور:
أولًا: ليلة النصف من شعبان ليلة فاضلة، وإحياؤها بأي طاعة من طاعات الله وصوم يومها أمر مستحب.
ثانيًا: تخصيصها بعبادات خاصة- من قراءة يس وصلاة الخير والدعاء الخاص- أمر لا دليل عليه من الشرع؛ فالواجب عدم التقيد به، وعدم اتخاذه شعارًا لها.
ثالثًا: هذا الدعاء الذي تعوده الناس لم يثبت أصله من الكتاب والسنة، وصيغته محل خلاف عظيم، والكيفية التي يلقيه الناس بها مخالفة للأحكام الشرعية.
والناس فى ليلة النصف من شعبان قسمان: قسم يتحمس لهذه التقاليد الموروثة تحمسًا عظيمًا، ويدافع عنها دفاعًا قويًا، ويتلمس لأصحابها الحجج والمعاذير، ومنهم فريق من أئمة المساجد ومن أهل العلم، وهؤلاء أقول لهم: عليكم أن تلاحظوا الأقوال الشرعية قبل ذلك؛ فإنكم بلا شك ستتركون هذا الحماس. وقسم يتحمس ضدها تحمسًا عظيمًا كذلك فيحقر من شأنها وينحى باللائمة على فاعليها، وقد يؤديه ذلك إلى السب والشتم؛ بل إلى الاشتباك أحيانًا، وهؤلاء أقول لهم: عليكم أن تلاحظوا أن الذين يفعلون ذلك إنما يفعلونه لأنهم يعتقدون أنه من الدين؛ فهم حَسنُو النية، وحسن النية لا بد من الرفق معه، وأن هذا المظهر من المظاهر الدينية يوقظ فى المسلمين روح الشعور بالإسلام والحماس له، ومقاومته بهذه الوسائل من التحقير والعنف يهدم فى نفوس العامة ما بقى فيها من تقديس الدين واحترامه، ويقوى دعاية الخروج على الدين والاستهتار به، وإذن فيكون ضرر هذه المقاومة أشد من نفعها.
والذي يوجبه الدين على كل مسلم استخدام الحكمة فى الأمر والنهي، ولا سيما فى المظاهر التي تتعلق بأعمال الجماهير مجتمعة؛ فإنها أحوج ما تكون إلى حسن السياسة ودقة المسلك؛ فعلى الدعاة والمرشدين واجب قدسي؛ هو أن ينشروا هذه الأحكام بين الناس فى ظل التعليم الصحيح والحب الخالص، وتبادل شعور العطف والتعاون فى البحث عن الحقيقة، وبمرور الزمن والدأب على الإرشاد يتعرف الجمهور الحق فيعود إليه، والله الهادي إلى سواء السبيل([1]).
الإخوان والاحتفال عمليًا بليلة النصف
يذهب الناس- سواء المؤسسات الرسمية أو غيرها- إلى الاحتفال بالخطب المنبرية أو الوعظ والإرشاد، وبعضهم من يعمد إلى الوقوع في المحظور بإتيانه تصرفات لا تتوافق مع الشرع، غير أن الإخوان سنوا سنة طيبة في الناس بأن تنفق الأموال على الفقراء والمساكين، فيدخل السرور عليهم وعلى أطفالهم.
فقد كان للإخوان المسلمين ممارسات خاصة فى الاحتفال بالنصف من شعبان، فمع الاحتفال بالمحاضرات الدينية كان هناك جانب اجتماعي وخدمي وذكرت ذلك مجلة الوفد المصري عام 1941 فقالت تحت عنوان [إطعام 500 فقير فى جمعية الإخوان المسلمين بجرجا]: «لمناسبة الاحتفال بنصف شعبان المعظم تبرعت جمعية الإخوان المسلمين بجرجا بإطعام خمسمائة فقير بدار الجمعية، وقد وزعت على الفقراء اللحوم والأطعمة، وكان يشرف على النظام حضرة السيد محمد الأنصاري (رئيس الجمعية)، والأستاذ رياض الكريمي سكرتيرها، ومحمود أفندي سرور (أمين الصندوق)، والأستاذ عبد العزيز الشربيني (معاون إدارة مركز جرجا)، وأحد أعضاء الجمعية، وباقي أعضاء الجمعية»([2]).
وعلى الرغم من تدافع الأحداث في عهد الإمام البنا وما بعدها إلا أن الإخوان حرصوا على هذا النهج وإن تحول إلى جهود فردية فيما بعد بسبب المتابعات والتضييقات الأمنية التي أحيطت بالجماعة فترة عبدالناصر وما بعدها.للمسلمين ذكرى عظيمة في شهر شعبان حيث حولت القبلة من بيت المقدس الى الكعبة المشرفة ‘فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره’، وحدث ان بعض الصحابة كانوا متجهين في صلاتهم الى بيت المقدس، فبلغهم أمر تحويل القبلة الى الكعبة وهم في الصلاة، فاستداروا كما هم، وتوجهوا الى قبلتهم الجديدة من دون ان يقطعوا صلاتهم.