“الحرية والعدالة”.. قصة حزب أنشأته الثورة وحاربه الانقلاب

 

في مثل هذا اليوم من عامين؛ قررت المحكمة الإدارية العليا بأمر العسكر أن تنحاز للانقلاب على الشرعية، وتقضي بحل أكبر حزب مصري “حقيقي” أنشئ بعد ثورة مهيبة غيرت الأوضاع السياسية، وأتاحت لكافة الاتجاهات السياسية التعبير عن رأيها ورؤيتها في إدارة شئون مصر، كما منحت للجميع الحق في الوصول إلى الحكم عبر انتخابات نزيهة تتيح تداول السلطة بشكل سلمي.

ولكن غاب عن العسكر ومعاونيهم أن الحزب استمد شرعيته من شعب قام بثورة للقضاء على التداخل بين السلطات، ومن ثورة أتاحت الحرية للشعب في إنشاء أحزابه واختيار ممثليه، فلم يكن الحزب، فحسب، مقار منتشرة بكافة ربوع مصر، أو قيادة سياسية للشأن المصري، أو أنشطة متنوعة، تثقيفية وتوعوية واجتماعية؛ بل كان منظومة حوت كل ذلك في بوتقة سياسية متميزة.

مثل “الحرية والعدالة” نموذجا للحزب السياسي القوي، الذي قام على مبادئ “العيش، والحرية، والكرامة الإنسانية، والعدالة الاجتماعية، والفصل بين السلطات والعدالة الاجتماعية“، وهي ذات المبادئ التي قامت عليها ثورة 25 يناير، وحقق الحزب انتشارا واسعا في كل محافظة ومركز ومدينة وقرية وكفر ونجع في ربوع مصر، عبر كيان حزبي قوي هيأه للفوز في كافة الاستحقاقات الانتخابية التي خاضها منذ إنشائه في 6 يونيو 2011 إلى صدور قرار الحل في 9 أغسطس 2014، بعد قرار انقلابي من لجنة شئون الأحزاب.

وضرب “الحرية والعدالة” مثالا واضحا لعدم التفرقة بين المصريين بسبب الدين أو الجنس أو السن؛ حيث وصل مسيحيون ونساء وشباب إلى أرفع المناصب القيادية في الحزب، فضلا عن وجودهم الواسع في هيكل الحزب المنتشر في أرجاء مصر.

وعلى الرغم من أن الحزب أسسته جماعة “الإخوان المسلمون“، إلا أنه كان منتجها السياسي للمصريين باختلاف توجهاتهم.

ولم يقد الحزب الحياة السياسية في مصر في الوضع الطبيعي فحسب؛ بل استكمل المشوار عقب الانقلاب العسكري الذي تم في يوليو 2013، ليعلن قادة الحزب وأعضاؤه انحيازهم الكامل للشرعية، رافضين التماهي مع الانقلابيين الذين كانوا يتطلعون إلى استمرار الحزب في ركاب الأمر الواقع، كما طلبوا من عدد من قيادات الحزب الاستمرار في المشهد السياسي، ومنهم رئيس الحزب الدكتور محمد سعد الكتاتني، والدكتور عمرو دراج، والوزير باسم عودة، إلا أن الحزب بقياداته وقواعده أعلن رأيه الحاسم بأنه لا تعاون مع الانقلاب، ولا تنازل عن الشرعية، ولا تراجع عن التداول السلمي للسلطة عبر إرادة الشعب لا فوق الدبابات.