الإمام المجاهد عثمان بن فودى

وُلِدَ (عثمان بن محمد) سنة 1754م فى إقليم جوبير شمال نيجيريا الآن ، و كلمة فـُـودُى هى لقب أبيه وتعنى الفقيه حيث كانت أسرته كلها من دعاة الطريقة القادرية الصوفية حيث كان معنى التديُّن مرادفًا لمعنى التصوُّف وقد درس القرآن وعلوم الحديث والشريعة منذ صغره ، ونشأ مجتنبا للبدع والخرافات شديد الكره والعداء للقبائل الوثنية هناك ، وكان ذهاب (عثمان بن فودى) لأداء مناسك الحجِّ مع أبيه نقطة تحوُّل فى حياته حيث تعرف على دعوة الشيخ (محمد بن عبد الوهاب) وحضر مجالسه وبقى لفترة بمكَّة للاستزادة من منهج الدعوة السلفية ،
– لما عاد إلى بلاده فى شمال نيجيريا بدأ يدعو أهله إلى محاربة البدع والوثنية فاستجاب لدعوته كثيرٌ من أبناء بلدته وأسَّس حركة دعويَّة سمّاها (الجماعة) سرعان ما انتشرت بين القبائل الإفريقية وبخاصة قبيلته الأصلية الفولانى العريقة فى الإسلام ، ثم حقَّقت دعوته نجاحًا كبيرًا فى نشر الإسلام بين القبائل الوثنية شمال وجنوب نيجيريا حتى ضاق ملوك جوبير الوثنيين بنشاط الجماعة السلفية فهددوا زعيمها (عثمان) بالحرب فأعلن الجهاد سنة 1804م وانتصرت دعوته السلفية على الوثنيين وبايعه المسلمون شمال غرب نيجيريا أميرًا عليهم واتخذ من مدينة سوكوتو النيجيرية مركزًا لدعوته سنة 1809م ،
– قرَّر (عثمان) إعادة بناء الدولة الإسلامية وتوسيع رقعة الإسلام بالجهاد ضدَّ القبائل الوثنية ؛ فضمَّ إليه عدَّة قبائل مسلمة كانت متناثرة وبدأ بالتوسُّع ناحية قبائل اليورومبا الكبيرة أصل شعوب النيجر ونيجيريا فدانت له هذه القبائل واتسعت دولته حتى أصبحت أقوى مملكة إسلامية في إفريقيا وقتها ،
……………………..…………….
– حرصا منه على استمرارية انتشار الدعوة السلفية وحفاظا على الدولة الإسلامية من بعده اتَّبع (عثمان) سياسة حكيمة تقوم على بناء الكوادر التي تُواصل حمل الراية ونشر الدعوة ، وقد انتقى ثلاثة رجال كان لهم أعظم الأثر فى خدمة الإسلام : أولهم الشيخ (آدم) من علماء الكاميرون الذى اهتم بنشر الإسلام فى القبائل الوثنية فلمَّا علم به (عثمان) استدعاه سنة 1811م وأعطاه رايته البيضاء وكلَّفه بمواصلة الجهاد ، فقام الشيخ (آدم) بالمهمَّة على أكمل وجه وأدخل بلاد الكاميرون كلها في الإسلام ، وكافأه الأمير عثمان بن فودى بأن جعله أميرًا على الكاميرون ،
– أمَّا الرجل الثانى فهو (حمادو بارى) ، وقد كلَّفه (عثمان) بفتح بلاد الماسنيا الواقعة فى مالى الآن ، ونجح حمادو في مهمَّته خير نجاح وجعله (عثمان) أميرًا فنَظَّم دولته على نسق دولة الخلافة الراشدة ؛ حيث قَسَّمها إلى عدَّة ولايات تُحكم بالشريعة وعَمر البلاد فازدهرت دولته بقوَّة ووصلت إلى بوركينافاسو وسيراليون وغينيا بيساو ، أمَّا الرجل الثالث فكان الشاب (الحاج عمر) الذى أصبح خليفة (حمادو بارى) بعد رحيله وقاد القبائل الإسلامية وكان جيشه يُقَدَّر بأربعين ألف مقاتل وحارب الوثنيين والفرنسيين على حدٍّ سواء