تعليق أحمد غانم : بسم اله الرحمن الرحيمــ ܔ [ إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَ جُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ ] ܔ الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين. فإن من المعلوم من شريعة الحق وأدلة الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة؛ أن كل من عـاون الكفار على حرب المسلمين – بيد أو لسان أو مال – فهو كافر وليس بمسلم، وأنه يحرم على المسلم موالاة أهل الكفر والشرك والردة أينما كانوا، ولا يجوز لمسلم أبدا أن يقاتل المجاهدين أو ينقل أخبارهم إلى أعدائهم من الكفار أو المشركين، ولا يجوز كذلك المعاونة على قتل مسلم – ولو بشطر كلمة – فضلا عما فوق ذلك من عمل. قـال تعالى: [ يا أيُّها الذينَ آمنوا لا تََتَّخِذوا اليَهودَ والنَّصارى أولياءَ بعضُهُم أولياءُ بعضٍ ومَنْ يَتولَّهم مِنكم فإنَّه مِنهم إنَّ اللهَ لا يَهدي القومَ الظالمينَ * فترى الَذِين في قُلُوبِهِم مرضٌ يُسارعُون فيهم يقولون نخشى أَن تُصيبنا دائرة ….] الآية المائدة52-51 . قال الإمام ابن جرير رحمه الله تعالى في تفسيره : (ومن يتول اليهود والنصارى دونِ المؤمنين فإنه منهم، يقول: فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فَهو من أهل دينهم ملتهم ، فإنه لا يتولى مُتول أحداً إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض، وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفَه وسخطه وصار حكمه حكمه) أهـ. وفي هذه الآية خاصة نص صريح في قوله: [يقولونَ نخشى أَن تُصيبنا دائرة] فدافعهم ليس المحبة للكفر وأهله، بل ولا الرغبة في دنيا ومال، وإنما هو الخوف واتقاء الدوائر. والدائرة التي كانوا يخشونها قـيل هي الفقر، وقيل الحرب، وكلاهما يعتذر به المرتدون اليوم، فإما أن يتذرعوا بخوف الفقر وانقطاع النفط والرواتب ، وإما أن يتذرعوا بالخوف من العدو، وكلاهما سير منهم على سنة أسلافهم من المنافقين. والموالاة للكافرين تكون كفرًا بالقلب وبالعمل وبالاعتقاد ولا يشترط أن يقارنها جميعها الاعتقاد، بل مذهب أهل السنة أن الإيمان والخروج منه يكون بقول مجرد أو عمل مجرد أو اعتقادٍ مجرد. وللتولي صور عديدة وأنواع مختلفة، فمنها الوقوف مع الكافرين على المؤمنين وأعظم ذلك ما يكون في الحرب والقتال، ومن توليهم أيضًا التصريح بإنكار عداوتهم وبغضهم، وجحود هذا الأصل الشرعي جحودًا كليًا، فضلاً عن الزيادة في ذلك بإعلان المحبة والاتفاق والاتحاد ووحدة المصير والصداقة الدائمة والمودة الخالصة. و يُـعـلمـــ من ذلك أن أعوان الطواغيت وأنصارهم كُفار لكونهم تولوا الطواغيت فهم داخلون جميعاً في عموم الآية. يقول الله تبارك وتعالى عن فرعون ووزرائه وجنوده [إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين ] القصص8 , وقال تبارك وتعالى: [ونُري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ]القصص6، وقال تعالى:[ فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم] الذاريات 40، وقال تعالى: [وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون] ، وقال تعالى: [النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ]. فقد سوى الله تعالى بينهم في الإثم والحكم [كانوا خاطئين ]، وفي العقوبة الدنيوية [فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم ] وفي عذاب القبر[النار يعرضون عليها غدوا وعشيا] ، وفي العقوبة الأخروية يوم القيامة والنشور[ويوم القيامة لا ينصرون] ، ووصفـهم الله جميـعًا ـ التابعـين والمتبوعين ـ بأنهم [أئمة يدعون إلى النار] . فلم يفرق سبحانه وتعالى بين تابع ومتبوع، ولم يصف الأتباع إلا بأنهم جنـود المتبوع، وإنما استحقوا حكم المتبوع لمشاركتهم له في إجرامه وإفساده، إذ لم يكن المتبوع ليتمكن من الإجرام إلا بجنوده الذين يطيعونه وينفذون إرادته. فهذه الطائفة المُعِينة لهؤلاء الحكام المرتدين تأخذ حكمهم، فهي طائفة مرتدة كالحكام، فهم يُعقدون الولاء والبراء في شخص الحاكم .. فيوالون من يواليه، ويعادون من يُعاديه، وإن أمرهم أطاعوه وإن كان أمره فيه كفر ومعصية لله تعالى، وإن نهاهم انتهوا وإن كان في نهيه نهي عن طاعة وعبادة لله تعالى, وإن أمرهم بقتل وسجن العباد امتثلوا لأمره لأنه صاحب الأمر والنهي الذي يجب أن يُطاع لذاته، بغض النظر هل هؤلاء الناس يستحقون القتل والسجن أم لا , فـ هذه الجيوش كالوحوش الضارية على من يقترب بسوء من سياج الطاغوت الحاكم ومن حكمه ونظامه