أخطاء يرتكبها الآباء في تربية المراهق

لم تكن تربية الأبناء أبداً أمراً سهلاً على الأهل، ولكن الصعوبة في التعامل مع سن المراهقة تكمن في انتقال الابن من الطفولة إلى عنفوان الشباب وتمرده، فهو صار أكبر حجماً، لغته أقوى، يستطيع مناقشة من هو أكبر منه بالمستوى نفسه، وهو بالتالي أجرأ على تجاوز الخطوط الحمراء.
وهذا يتطلب منك أيها الأب أن تنتبه للأخطاء التي يقع فيها معظم الآباء بدون وعي بأن ممارساتهم أولاً؛ تؤذي أبناءهم وثانياً؛ لا تقوِّم سلوكهم.
وهنالك أخطاء يقع فيها الآباء في تربية أولادهم المراهقين:


– المحاضرات والأوامر بدلاً من لغة الحوار: يأتي هذا التصرف من اعتقاد الأب أن ابنه طائش، غير عقلاني في تصرفاته، ومن أكثر الجمل شيوعاً عندما يبدأ المراهق بالتحاور مع أبيه “لا تناقشني أنا والدك وأنا أدرى بمصلحتك منك”، “أنت ما تزال صغيراً، ولا تدري ماذا تفعل”، جمل يقطع بها الوالد كل سبل التواصل الممكنة بينه وبين ابنه، ويحاول بها تسيير ابنه، والتحكم بأسلوب حياته، وهذا الأسلوب قد يمنع المراهق من أن يفكر حتى ببدء حوار مع أبيه، لأنه يعلم نتيجة ذلك الحوار مسبقاً، وأنه سينتهي بأوامر ونصائح أنت بغنى عنها.


– التجاهل: وضعف القدرة على التواصل: من الغريب أن الآباء ورغم إدراكهم لعمق الهوة بينهم وبين أبنائهم المراهقين، إلا أنهم لا يبذلون جهداً لمحاولة التواصل معهم، وتأتي الحجة بأنهم لا يستطيعون فهم أبنائهم المراهقين، وأبنائهم كذلك لا يفهمونهم.
– التركيز دوماً على سلبيات المراهق: وتجاهل إيجابياته: وذلك يعود للمعتقدات السائدة المتعلقة بهذه الفترة العمرية، والتي تنظر للطفل وكأنه كتلة من الأفعال السلبية غير المقبولة أسرياً واجتماعياً، وقد لا تأتي هذه الفكرة من خبرة سابقة للأب، ولكن قد تكون نقلاً على ألسنة بعض الآباء التي كانت لهم تجربة سيئة مع أبنائهم المراهقين.
– تقييم المشاكل على أساس التفوق الدراسي: قد تقتصر فكرة الأب عن المشاكل التي قد يواجهها ابنه المراهق في مشاكل الدراسة والتحصيل العلمي، فالأب يرى أن ما يجب أن يشغل بال المراهق هو دراسته وتحصيله العلمي، وغير ذلك لا يعد مشكلة في نظره، وذلك فيه ظلم للمراهق وللتغييرات الكبيرة التي يمر بها وتؤثر على طريقة تفكيره ومشاعره وسلوكياته، وتؤسس لبناء شخصيته.


– الاعتماد التام على الأم في التربية: صعوبة التفاهم بين الأب والمراهق، وقلة التواصل بينهما تجعل الأب يوكل أمر تربية الابن أو الابنة في مرحلة المراهقة إلى الأم لظنه أن الأم أقدر على استيعاب التغييرات التي يمر بها المراهق، والتعامل معها. وهذا معتقد خاطئ، فشخصية الأب الديناميكية في هذه المرحلة تؤثر كثيراً على نضج ووعي المراهق وعلى الإشباع العاطفي والثقة بالنفس التي يحتاجها الأولاد والفتيات على حد سواء.
– الانتقاد الدائم بدلاً من زرع البديل الإيجابي: هنالك الكثير من العبارات التي يستخدمها بعض الآباء في انتقاد وجلد المراهق، ومن الغريب أن بعض الآباء يعتقد أن الانتقاد هو من أساليب التربية، غير مدرك الأثر السلبي الذي تتركه تلك الانتقادات في نفسية المراهق، ابتداءً من الشعور بأنه بلا قيمة، وأنه عالة على المجتمع، وأن وجوده أو عدم وجوده لا يشكل فرقاً كبيراً، وأن أي تصرف يمكن أن يقوم به لن ينال الرضا مهما حاول، فيقتل فيه حب التميز، والإصرار والثقة بالقدرة الذاتية على النجاح.
– مقارنة المراهق بمن هم في مثل سنه: قد يعتقد بعض الآباء أن المقارنة بين ابنه المراهق وبين ابن الجيران، أو ابن خالته، أو حتى بينه وبين إخوانه الأكبر منه سناً الذين عبروا مرحلة المراهقة بدون مشاكل، طريقة لتحفيز هذا المراهق ليصبح أفضل. ويجب تذكُّر أن المراهق عنيد معتز بنفسه يحب أن يميز شخصيته عن غيره، وأن مقارنته بأي شيء تعد إهانة له حتى وإن كانت صحيحة.


– كبت قاتل أو حرية مطلقة: إن لم أسيطر على ابني المراهق الآن، سأندم لاحقاً، فكرة استحوذت على أفكار الكثير من الآباء، على اعتبار أن المراهق يحتاج إلى ترويض، وأن هذا الترويض لا يأتي إلا بتحديد حرياته وتقيد حركاته. ولكن ما يغيب عن أذهان هؤلاء الآباء أن هذا الأسلوب يُولَّد لدى المراهق الانفجار، “فكل ممنوع مرغوب” وما لا يستطيع المراهق عمله أمام أهله سيقوم به من وراء ظهرهم.


وعلى النقيض، قد يجد بعض الآباء أن إعطاء المراهق الحرية المطلقة في التصرف هي أنسب أسلوب للتعامل معه، لأن ما سأمنعه عنه الآن، يستطيع أن يقوم به لاحقاً، فالأفضل أن أكون على دراية بما يقوم به ابني ولو عن بعد. واترك له القرار المطلق. يجب على الأب أن يوازن بين الحرية والرقابة ويقدم الإرشاد بدون ضغط، وعندما يحتاج المراهق لها يكون قادراً على تقديم المساعدة.

– عدم وجود توافق في نظام التربية بين الأم والأب: ما يجب على الأبوين معاً تأكيده هو الالتزام بموقف واحد أمام الأولاد مهما حصل، وأي نقاش حول موضوع معين قد يتم بينهما بدون تواجد الأولاد، فالتناقض يقلل من احترام المراهق لوالديه، ويزعزع ثقته بقراراتهما، ومع الوقت تصبح الأوامر والنصائح بلا فائدة ما لم تتوافق مع أهواء المراهق.


– الامتناع عن إظهار العواطف للمراهق: يجد الآباء الصعوبة في إظهار مشاعرهم تجاه أبنائهم المراهقين، على اعتقاد أنهم قد أصبحوا أكبر سناً وقد يشعرون بالإحراج إذا ما أظهر الأب بعض العاطفة، كأن يقبل ابنه أو أن يجلسه بجانبه يمازحه ويحتضنه. لا تخجل من حق ابنك وابنتك عليك، وتذكر أنهم سيتعلمون منك التعبير الصحيح عن مشاعرهم وعدم الخوف أو الخجل من ذلك.

عبد العزيز الخضراء
كاتب وباحث تروبوي