في مثل هذا اليوم قبل 5 سنوات، كانت اللقطة الأولى التي فضحت نية العسكر في “الفض” وإراقة الدم، وإنهاء الاحتجاجات التي اندلعت بسبب الانقلاب العسكري.
اللقطة كانت من أمام مبنى الحرس الجمهوري بمدينة نصر، وكانت من نصيب الصحفي الشاب أحمد عاصم، الذي كان يستقبل حياته، فقرر العسكر أن تنتهي حياته عند هذا الحد.
ولم يكن الأمر غريبا أن تنتهي حياة الصحفي الشاب في عهد الانقلاب، حيث من الطبيعي أن تنتهي حياة الشباب حين يبدأ الانقلاب على الشرعية والديمقراطية، وأن يتوقف الأمل حين يبدأ تدشين الإحباط، وأن تنتهي الحياة حين تسيطر رائحة الموت.
كان “عاصم” يمتطي الكاميرا ليوثّق اعتصام الآلاف أمام دار الحرس الجمهوري، والذي كان يأتي في إطار اعتصام رابعة العدوية، في محاولة للضغط على قادة الجيش لإعلان مكان اعتقال الرئيس محمد مرسي. إلا أن هؤلاء القادة قرروا ألا يستمر الاعتصام أكثر من 10 أيام، فلجئوا إلى “الضرب في المليان”، وفتح النار على المعتصمين في صلاة الفجر، ليتحول الاعتصام السلمي إلى مجزرة دامية أضيفت إلى سجل المجازر التي بدأت عقب ثورة يناير ولم تتوقف حتى الآن.
أحمد عاصم السنوسي، وثّق استشهاده بشكل غير مسبوق، حيث صور قاتله قبل أن يطلق عليه الرصاص، وفي الوقت نفسه فضح العسكر الذين طالما صرحوا بأن “الشعب في عيونهم”، فاكتشف المصريون أن “الشعب قتل بإطلاق النار على عيونه وقلبه ورأسه”.
قتل الأمل
وفي تقرير نشرته شبكة “رصد” عقب استشهاد “عاصم”، قالت: إنه الصحفي “أحمد عاصم السنوسي” مصور صحيفة الحرية والعدالة، ذو الـ25 عاما، الذي ارتقى بمجزرة الحرس الجمهوري فجر يوم 8 يوليو 2013؛ ولكن بعد أن سجلت الكاميرا الخاصة به مشاهد من تلك المجزرة الدامية، وفضحت قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي وأعوانه، عندما غدروا بالركع السجود في صلاة الفجر، لمجرد أنه أراد أن يوصل رسالته للعالم ويوضح الحقيقة، لقي حتفه مقابل رسالته، ورغم أن الصحافة ليست جريمة، وأن حق الحصول على المعلومات أمر يكفله الدستور والقانون إلا أن النظام الانقلابي ما يتمهل برهة إلا ويضرب بالقوانين والدساتير عرض الحائط، ليقر ما يراه يحفظ سلطته ومكانته، حتى ولو بنصوص يريد أن يُقرها هو كـ“قانون الإرهاب الجديد”.
وأضافت آمال السنوسي، والدة الشهيد أحمد عاصم، “أحمد هو الحاضر الغائب، كثيرًا ما كان يشعر بقرب أجله قبل أيام من استشهاده، وفي صوت منبوح وصفت والدته أنه كان يخبرها بفضل الشهادة، حتى إنه طلب منها إن استشهد “تزغرد” لأنه عريس وشهيد يزف إلى الجنة وتنتظره الحور العين.
عاشق التصوير
وقالت شقيقته “نيفين سمير”: إن أخيها كان يعشق التصوير؛ حتى إنه في إحدى الملاحظات التي دونها، وجدناه يتحدث عن التصوير بعشق بالغ، مؤكدة أنه مع والده اتخذ خطوات جادة لاستكمال دراسته للتصوير بالخارج، وبدأ في دراسة “كورسات” اللغة التي يحتاجها سفره ودراسته، لكن عمله الصحفي أخذ من وقته الكثير.
وأضافت: “حبيبي يا أحمد وحشتني أوي والدنيا والحياة وحشه من غيرك وملهاش طعم وكئيبة، سبت يا أحمد جرح كبير فى القلب، عايزه أقولك بحبك أوي.. كلمة مقولتهاش وأنت عايش بس أكيد حستها من أختك حببتك، الله يرحمك ويدخلك الفردوس الأعلى ويصبرنا على فراقك”.