ترجل الفارس البطل الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد السابق للإخوان المسلمين..

عزت النمر:

 
ترجل الفارس البطل الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد السابق للإخوان المسلمين..

ارتاح الجسد المُتْعَب الذي أرهقته روح وثابة؛ نذرت نفسها للدفاع عن الاسلام عقيدة وشريعة، وعن الأوطان حرية واستقلالاً، وعن الإنسان عزة وكرامة.

شهدت لفقيد الأمة – وأحد أبرز أعلامها وقاماتها – ميادين  التحرير وحركات الاستقلال في كل أركان الأمة وجنباتها من فلسطين وحتى الجزائر.

كان الأستاذ عاكف وسيظل الجزء الناصع الوضاء في تاريخ مصر الحديث، فيما مثل قاتلوه الحواشي السوداء الداكنة القذرة التي حكمت هذا التاريخ وسودته.

كان الشهيد عاكف وسيظل أحد أبرز العلامات والقامات التي أجمعت عليها الأمة، ولعل في هذه النقطة تحديداً بلاغاً لعداء الاستبداد وأذنابه له وانتقامهم منه..

لم يقتله رأس الإنقلاب، ولا جلاوزته من جنرالات العسكر فقط، بل قتلته كل دولة الظلم التي تساند الإنقلاب..

قتله قضاء البغي الذي حكم على الشيخ الهَرِم بدلاً من أن يحكم له؛ قضاء الجلاد شرين فهمي وشركاه الذي رفضوا أن يتلقى العملاق عليل الجسد العلاج والدواء ..

لن تتحمل كلماتي القليلات تناولاً لمآثر الشهيد وتاريخه العريض من البطولة والكفاح والتضحية والوعي، فقط أحتسب أن ألتقط رسائل هذه الموتة الشريفة التي أرادها الباطل لوتد عزيز من أوتاد الحق والوطنية والعزة والاستقلال.

لم يُسَطِّر عاكف تاريخاً فخماً لنفسه فحسب ، ولم يكن فخراً لجماعة الإخوان المسلمين فقط ، وليس حق لوطنه مصر وحده أن يعتز بمصرية هذا العملاق الشامخ، ولن يظل الرجل شرفاً تروم به أمته العربية وحدها، لكن الرجل تعتز به قيمة الرجوله وتعلو به قيمة الإنسانية، ويتيه به هذا الشرق بأكمله، وينحني له العالم إكباراً واحتراماً.

لأمر ما أراده الحق تبارك وتعالى أن تتأخر شهادة الأستاذ عاكف بعد أن حكم عليه أنجاس العسكر بالإعدام في الستينات، لينفذها السلالة الرخيصة من كلابهم بعد أكثر من نصف قرن.

لترى الأمة من أخلاق الرجال ولتعرف من خصالهم ولتكون شهادة دامغة للرجل على حكم الجلادين الأفاكين الخونة، وشهادة حجة على كل متصدر في الميدان لا يشغله إلا نفسه وموقعه ، وشهادة إنكار وازدراء على كل جبان رعديد يخشى الباطل ويداهنة.

وشهادة حق وتِرْكة واجب على رفقاء الدرب؛ تدعوهم للإستعلاء على الباطل والإستعلاء على شهوات النفس والإستعلاء على الخلافات والتشرذم؛ وتهتف بالجميع أن عودوا إلى جادةِ الصواب، وأجمعوا كيدكم وأتو صفاً وقد أفلح اليوم من استعلى!!.

رسالة العملاق مهدي عاكف شهادة وعي يجب أن يتلقاها كل مفردات الثورة من إسلاميين ووطنيين وثوريين وقوميين؛ أنه ليس خلافاً سياسياً أو فكرياً أو ثقافياً، إنما هو صراع وجود عقائدي بين حق وباطل.

أي توصيف يبتعد عن هذا إنما هو مسار تدجين لوعي الأمة وتغييب لحقائق صراع وتمكين للظلم والبغي والقهر وإدامة لسطوة الطغاة والخونة والأفاكين.
من يفرح بقهر رموز الأمة وإفناء علاماتها الشامخة؟!.

من يتسلم هذه الرسائل بفرح ورضا؟!.

إلى مَنْ قُدِمت هذه الهدية؟!.
إنهم اليهود، إنها اسرائيل وقادتها وداعميها ..
لم يأتي حكم العسكر إلا للتمكين لأحفاد القردة والخنازير..
هؤلاء الأنجاس الملاعين ليسوا فقط طلاب حكم أو مال أو سيادة ..
ليت الأمر يقف عند هذا الحد، فقد خَبَرْنا في تاريخ أمتنا الكثير من هؤلاء ..
أولئك أتوا للتمكين للصهاينة وتعطيل صحوة الأمة وتدجين حاضرها وقتل مستقبلها ..
هؤلاء صُنع منهم طابور خامس وتنظيم مُحْكَم إحتل مفاصل الدولة فكانوا عُدَاتها على كل صعيد ..
لتكن شهادة العملاق محمد مهدي عاكف رسالة إلى الأمة بأسرها أن هؤلاء هم العدو ..
وأن تنظيم العسكر وشركاه في الدولة العميقة وكلابه في القضاء هم أهل حربنا ..
وأن الصراع معهم يجب أن يكون صراع وجود ومفاصلة وقهر وإفناء..
لا مجال فيه للتعايش ولا مكان فيه للتسامح والرفق والمهادنة ..
صراع انتهت فيه السياسة وخَرِس فيه صوت الصناديق ..
جفت في هذا الباب الأقلام وطويت الصحف ..
رحم الله شهيد الأمة ورجل عز الزمان أن يجود بمثله ..
الشهيد محمد مهدي عاكف أحد أُمَنَاء هذه الأمة ..
سلام عليه في الآخرين ووداعاً إلى حين ..
اللهم أجرنا في مصيبة الأمة خيراً ..
وإنا لله وإنا إليه راجعون ..