تحل اليوم 7 يناير ذكرى قتل العسكر سليمان خاطر، جندي الأمن المركزي، الذي حمى حدود مصر من تسلل سبعة صهاينة لنقطة حراسته، وعدم استجابتهم لتحذيراته، ما اضطره لقتلهم.
ولد سليمان محمد عبد الحميد خاطر عام 1961 بقرية إكياد البحرية، التابعة لمدينة فاقوس بمحافظة الشرقية، وهو الأخير من خمسة أبناء في أسرة بسيطة تعمل بالزراعة، وكان آخر الملتحقين بقوات الأمن المركزي من الحاصلين على الثانوية العامة.
في 5 أكتوبر عام 1985م، أثناء قيام سليمان خاطر بنوبة حراسته المعتادة بمنطقة رأس برقة أو رأس برجة بجنوب سيناء، فوجئ بمجموعة من المحتلين الصهاينة يحاولون تسلق الهضبة التي تقع عليها نقطة حراسته، فأطلق رصاصات تحذيرية، ثم أطلق النار عليهم؛ حيث إنهم لم يستجيبوا للطلقات التحذيرية.
وعادت قضية سليمان خاطر الذي أطلق الرصاص على مجموعة من الصهاينة فقتل 7 وأصاب 5 آخرين، للحياة من جديد بعد ثورة 25 يناير، وشكلت واقعة وفاته لغزًا كبيرًا في الثمانينيات ما بين ادعاءات بالانتحار واتهامات بالاغتيال السياسي على يد مبارك.
وبعد ثورة 25 يناير تقدمت أسرة خاطر ببلاغ خلال أيام إلى النائب العام؛ للمطالبة بفتح ملف القضية من جديد، واتهام المخلوع مبارك بإصدار أوامره بقتل سليمان خاطر داخل محبسه إرضاءً للكيان الصهيوني، إلا أن الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي، أعاد القضية إلى صندوق التجاهل بالأمر العسكري وأهال عليها التراب.
مكرم محمد أحمد شريك بالجريمة
وفي شهادة حمدي كسكين الصديق المقرب لسليمان خاطر لجريدة “الوطن”، قال إن “وفاة خاطر كانت مدبرة”، مشيرًا إلى أنه “زاره قبل إعدامه بيوم واحد فقط، وكان يوجد معه الصحفي مكرم محمد أحمد وأحد المصورين وأستاذ الطب النفسى محمد شعلان”، لافتًا إلى أن “الأسئلة التي كان يطرحها مكرم محمد أحمد تقدم في مدلولها الإرهاصات التي تؤكد سلفًا طبقًا لكلامه أن هناك نية لإلحاق شيء ما بسليمان، فعلى سبيل المثال سأله مكرم محمد أحمد (هل الدين الإسلامي يحلل قتل أطفال صغار؟)، حسب تصريحاته في الحوار.
ويضيف “كسكين”: “هذا السؤال أغضب سليمان لأنه لم يكن بين من قتلهم أطفال، ولكن وقتها قام المصور والتقط بعض صور لسليمان وعلى وجهه ملامح الغضب، وتم عرضها على شعلان الطبيب النفسي، وبتحليل الصور قال إن سليمان مريض نفسي ويقترب من الجنون، ما يخشى معه على حياته. وبالفعل نزل عدد مجلة “المصور” في السوق وبه حوار مكرم محمد أحمد والحوار اعتمد على الصورة أكثر من الكلام، وقد تم نشر العدد بالتزامن مع وفاة خاطر”.
يمهل ولا يهمل
يقول عبد المنعم خاطر الشقيق الأكبر للشهيد: “لا بد أن تظهر الحقيقة ويتأكد الجميع أن سليمان لم ينتحر ولم يفكر يومًا في الانتحار لأنه كان على قناعة كاملة بأنه قام بأداء واجبه الوطني في حماية أمن بلده مصر حتى في آخر كلماته لي كان يؤكد أنه كان يدافع عن أمن وسلامة هذا البلد ولم يندم مطلقًا على ما فعل, وقبل وفاته بيوم واحد كانت معنوياته مرتفعة ولم تعط أي مؤشرات على الانتحار, ولكني أؤكد أن حسني مبارك أصدر أوامره بقتل شقيقي إرضاء للكيان الصهيوني”.
مضيفًا: “لم أصدق أن سليمان فارق الحياة إلا وأنا داخل المشرحة أمام جثمانه الطاهر، وفوجئت بوجود سحجات وكدمات في مناطق مختلفة من جسده وأثار لسلك معدني حول رقبته وكان الجثمان في وضع القرفصاء وكأنه كان يحاول المقاومة، وعندها تأكدت أن شقيقي مات مقتولا داخل السجن”.
ويكمل “الحاج عبد المنعم” شريط الذكريات المؤلمة: “لم يكن أمامي سوي أن اقيم دعوي ضد الرئيس السابق ووزير الدفاع واتهامهما بقتل شقيقي داخل السجن، فأصدر القاضي حكمه ضدي أنا بالحبس شهرين مع وقف التنفيذ بتهمة التعالي علي السيادة العليا، وكل ذلك لأنني أطالب بحق شقيقي الأدبي وليس المادي فهو لم ينتحر بل قتل على يد النظام السابق، ورغم صدور حكم ضدي إلا أنني لم أيأس ورفعت دعوى أخرى، وصدر ضدي حكم آخر بـ3 أشهر إلى أن وجدت مباحث أمن الدولة تحضر إلى منزلي وتهددني بتنفيذ العقوبة اذا لم أصمت وأكف عن إقامة هذه الدعاوى القضائية ضد رئيس الجمهورية، واضطررت أمام تهديداتهم أن أستجيب لهم”.
وتتساقط دموع الشقيق الأكبر ويقول: “شاء القدر أن يطيل في عمر والدتي لترى مبارك في القفص نائمًا على سريره بعد أن أصابها المرض حزنًا على وفاة شقيقي سليمان، فهو كان أصغر أبنائها والأقرب إلى قلبها، وعندما قلت لها: مبارك بيتحاكم يا أمي قالت: حسبي الله ونعم الوكيل.. يمهل ولا يهمل”.
السيسي يقتل “خاطر” مجددًا
وعلى طريقة العسكر، الذين لم يتوقفوا عن قتل شرفاء الوطن، وفي الوقت الذي قتل فيه مبارك سليمان خاطر ماديًّا، قتله عبد الفتاح السيسي مرة أخرى معنويًّا، حينما أوقف عرض مسرحية فنية تتناول حياة الشهيد البطل سليمان خاطر، في 7 مارس 2018.
قررت النيابة العسكرية حبس مخرج ومؤلف مسرحية “سليمان خاطر” لمدة 15 يوما بعد توجيه اتهامات بـ”إهانة الجيش المصري” خلال العرض الذي استمر يومين بنادي الصيد.
وقال محامي الفنانيين، في تصريحات صحفية، إن النيابة العسكرية أمرت بحبس أحمد الجارحي، مخرج مسرحية “سليمان خاطر”، ومؤلف المسرحية وليد عاطف بعد التحقيق معهما في بلاغ تقدم به المحامي سمير صبري ضدهما بتهمة إهانة الجيش والإساءة له.
وعرضت مسرحية “سليمان خاطر” على مسرح نادي الصيد لثلاثة أيام منتصف فبراير 2018.
وتتناول المسرحية، التي عرضت من قبل في قصر ثقافة الأنفوشي بالإسكندرية في 2016، حياة الجندي سليمان خاطر.
وجاء حبس مؤلف ومخرج هذه المسرحية بعد أيام من تصريح للسيسي بأن الإساءة للجيش والشرطة تعتبر “خيانة عظمى”، معتبرا أن هذا السلوك “ليس من حرية الرأي في شيء”.
وهكذا يقتل السيسي سلمان للمرة الثانية بحجب سيرته عن ملايين المصريين، ليبقوا أسارى لصورة جنود الجمبري والخيار والبيض والبط وفراخ الجيش.
علاقات حميمية
ويرجع مراقبون ذلك إلى العلاقات الحميمية التي تجمع السيسي بالصهاينة، منذ انقلابه العسكري على الرئيس مرسي، الذين دعموه ومولوه وسعوا لتوفير الحاضنة الدولية له.
ومنذ استيلائه على السلطة أعلن أنه لن يسمح بأن تهدد إسرائيل من الأراضي المصري، وقام بحصار المقاومة الفلسطينية بغزة، وقدم لإسرائيل هدايا لم تكن تحلم بها، مثل تهجير سيناء وإخلاء المناطق الحدودية وهو مطلب ظلوا يطالبون به طوال عهد المخلوع مبارك، بل قدم السيسي للصهاينة خدمة العمر ببيع تيران وصنافير للسعودية ما سمح بتدويل المياه الإقليمية المصرية عند منطقة المضايق، وهو ما أشرك إسرائيل في ترتيبات الأمن الإقليمي بالبحر الأحمر، لأول مرة في تاريخها، بل عرض السيسي أراضي سيناء لتكون مقرًّا لصفقة القرن وتوطين الفلسطينيين على أراضي سيناء، وإن كان التوطين سيتم أولا عبر إقامة مشروعات واستثمارات عالمية على سيناء تخص الفلسطينيين فقط، على أن يتم توطينهم وتجنيسهم لاحقا عبر تعديل قوانين الجنسية المصرية.. مقابل الأموال.