تحظى خديجة بنت خويلد بمكانة كبيرة ومنزلة عظيمة عند جميع الطوائف الإسلامية، فقد روى أبو هريرة: «قال رسول الله: خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وآسية ابنة مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد»، وأتى جبريل عليه السلام إلى النبي مرة فقال: «يا رسول الله، هذه خديجة قد أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربّها عزّ وجل ومنّي، وبشّرها ببيت في الجنّة من قصب لا صخب فيه ولا نَصَب».
هي أمّ المؤمنين خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى القُرَشيّة، وأمّها فاطمة بنت زائدة، وقد كانت -رضي الله عنها- امرأة غنيّة تستأجر الرجال؛ للعمل في تجارتها، وسمعت بصدق رسول الله، وأمانته، فأحبّت أن تستأجره، فوافق النبيّ على ذلك، وبدأت تجارتها بالزيادة والربح أضعاف ما كانت عليه، فأُعجِبت بشخص النبيّ، وعَرضت الزواج عليه عن طريق صديقتها نفيسة بنت منية، فقَبِل النبيّ بذلك، وكان أبوها خويلد هو من تولّى أمر زواجها.
وقد كانت -رضي الله عنها- مثالاً للزوجة الصالحة، ولها العديد من الفضائل؛ فهي أوّل من شهد أن لا إله إلا الله، وأنّ محمداً رسول الله على الإطلاق، وهي أمّ لأبناء رسول الله جميعهم ما عدا إبراهيم الذي أنجبَته مارية القبطية، كما أنّها بُشِّرَت بالجنّة، ونالت شَرف السلام من الله، وجبريل -عليه السلام-. وتجدر الإشارة إلى أنّ السيّدة خديجة -رضي الله عنها- تُوفِّيت في شهر رمضان عن عُمْر خمسٍ وستّين سنة، وقد سبّب هذا الحدث الحزن الشديد لرسول الله؛ فقد كانت -رضي الله عنها- قرّة عينه، ورفيقته في السرّاء والضراء، إذ استمرّ زواجه أربعًا وعشرين سنة وستة أشهر .