ما دلالات امتلاك المقاومة الفلسطينية سلاحا لطائرات مسيرة؟

ما دلالات امتلاك المقاومة الفلسطينية سلاحا لطائرات مسيرة؟

أظهرت صور بثتها وسائل إعلام عبرية تعطل مركبة عسكرية نتيجة استهدافها من طائرة مسيرة انطلقت من غزة- فيسبوكفي حدث أمني لافت، أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، تعرض آلية عسكرية داخل حدوده جنوب قطاع غزة لاستهداف من قبل طائرة مسيرة كانت تحمل مواد متفجرة، دون أن يبلغ عن وقوع أضرار بين الجنود، في حين أظهرت الصور التي بثتها وسائل الإعلام الإسرائيلية تعطل المركبة نتيجة الانفجار الذي رافق سقوط المواد المتفجرة.

حوادث مماثلة

يأتي هذا الحدث بعد أربعة أشهر على حدث مماثل شهده قطاع غزة، حينما بثت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي مقطع فيديو في 30 من أيار/ مايو الماضي، وثقت به استهداف آليتين عسكريتين إسرائيليتين بواسطة طائرة مسيرة.

يعود امتلاك المقاومة الفلسطينية للطائرات المسيرة إلى العام 2014، حينما أعلنت كتائب القسام نجاحها في تسيير طائرات دون طيار فوق مدينة أسدود، على بعد 30 كيلو مترا من قطاع غزة، قبل إسقاطها من قبل منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي.

كما يأتي تزامن هذا الحدث مع إجراءات احترازية اتخذتها إسرائيل مؤخرا على طول الشريط الحدودي لقطاع غزة، من بينها إقامة جدار من الخرسان المسلح يمتد من باطن الأرض إلى سطحها، لتحييد سلاح الأنفاق الذي تستخدمه المقاومة لضرب العمق الإسرائيلي.

إرباك الحسابات الأمنية

ويشير الخبير في الأمن القومي، إبراهيم حبيب، إلى أن “إدخال سلاح الطائرات المسيرة كأحد الأدوات التي تستخدمها المقاومة في غزة، من شأنه أن يربك الحسابات الأمنية الإسرائيلية، خصوصا أن هذه الطائرات صممت كي تتجاوز أجهزة الرادار والرصد، وذلك لأنها لا تحتوي على شرائح إلكترونية تتيح تتبعها من قبل الحساسات العسكرية، وهو ما كان سببا في نجاح مهمتها بإطلاق حمولتها من المواد المتفجرة والعودة لقواعدها دون إسقاطها”.

ويضيف حبيب لـ”عربي21” أن “التقدير الإسرائيلي كان يرجح أن ما تمتلكه المقاومة في غزة كان يقتصر على طائرات مسيرة مهمتها الرصد وتتبع الأهداف لأغراض استخبارية، لكن نجاح المقاومة في تطوير نوع من الطائرات ذات الأدوار الهجومية أو ما يعرف (بالانتحارية)، التي تحمل مواد متفجرة سيضع قيادة الجيش أمام تحد جديد، وهو حماية جنوده ومنشآته من خطر لا يمكن رصده ضمن التكنولوجيا المتوفرة لديه حاليا”.

أما التحدي الآخر وفق حبيب، فيتمثل بإمكانية “توسيع المقاومة من دائرة الاستهداف بهذه الطائرات لأهداف تمثل لإسرائيل أمنا قوميا، كمنصات الغاز قبالة سواحل غزة، والمنشآت الحساسة في ميناء أسدود التي تضم مواد سامة شديدة الانفجار”.

إجراءات وقائية

اتخذت السلطات الإسرائيلية في الأشهر الأخيرة العديد من الإجراءات للحيلولة دون تطوير المقاومة لسلاح الطائرات المسيرة، لعل أبرزها الفحص الدقيق لبريد المشتريات الوارد لغزة، ففي 15 من أيار/ مايو من هذا العام، أعلن المنسق الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية ضبط 172 رزمة بريدية داخل 250 مظروفا متجهة لغزة، كانت تضم عتادا عسكريا ومواد تدخل في صناعة الطائرات المسيرة، يتم شحنها عن طريق مواقع التجارة الإلكترونية.

لم يكن تطوير المقاومة الفلسطينية لسلاح الطائرات المسيرة بعيدا عن خبرات لعلماء ساهموا في هذا الإنجاز، كان من بينهم العالم التونسي محمد الزواري، الذي اغتيل على يد الموساد الإسرائيلي في 15 من كانون الأول/ ديسمبر 2016 في مدينة صفاقس التونسية.

وبذلك يشير اللواء المتقاعد والخبير العسكري، يوسف الشرقاوي، إلى أن “النجاح الأبرز للطائرات المسيرة التي تمتلكها فصائل المقاومة في غزة تمثل في عجز الجيش الإسرائيلي من الدخول في منظومة السيطرة والتحكم لهذه الطائرات؛ لتوجيهها أو إجبارها على الهبوط داخل إسرائيل لفحصها لاحقا، ونظرا لهذا الفشل اضطر الجيش أكثر من مرة للتعامل مع هذا التهديد عبر نصب منظومة صواريخ باتريوت ذات التكلفة الباهظة”.

وأكد الشرقاوي لـ”عربي21” أن “المقاومة استطاعت فك الشيفرة التي تمكنها من إيصال هذه الطائرات للعمق الإسرائيلي، دون رصدها أو تأخير استهدافها، بما يحقق الأهداف التي انطلقت من أجلها عبر إشغال وتشويش أنظمة الدفاع الصاروخي، كالقبة الحديدية، من خلال إطلاق كم كبير من الصواريخ الهجومية دفعة واحدة، وهو ما يتسبب في تعطيل عمل القبة الحديدية لوقت أطول”.

في حين أشار المختص في الشؤون الإسرائيلية، مؤمن مقداد، في حديث لـ”عربي21“، إلى أن “حادثة الطائرات المسيرة كانت مادة للسجال السياسي والأمني في إسرائيل، حيث تساءل المعلقون في وسائل الإعلام عن غياب أي تحذير من أجهزة الأمن لهجوم محتمل من طائرات مسيرة قادمة من غزة في ظل التركيز الأمني على التهديد من حزب الله، وعلى جانب آخر انتقد زعماء ائتلاف أزرق- أبيض سياسة نتنياهو في إدارة ملف قطاع غزة، وعدم قدرته على إيجاد حل جذري لهذا الملف منذ سنوات”.