حلم الدمايطة ميناء صيد وترسانة

«يا مركب العمر يا مشبـوح ما بين هلـبين».. كلمات كتبها الراحل المُبدع «سيد حجاب» وكأنه يتطلع إلى نفس المشهد الذى نراه، فيرى المرسى والبحَّار، يرى المراكبية والعمال، يتابع إحدى الورديات فى ساعة نهار لا يتوقف فيها العمل ولو لحظة على كل مركب وسفينة استقرت أخيراً فى مرساها بعد صراع من الشد والجـذب بين العمال لتثبيتها فى المكان والشكل الصحيح.

هنا فى عزبة البرج بدمياط، تحديداً فى المرسى الذى تجتمع فيه سفن ومراكب ولنشات للصيد وأغراض أخرى بهدف الصيانة، لا صوت يعلو فيه فوق صوت العمال.

لحظات تحبس الأنفاس لا تحتاج فيها سوى متابعة ما يجرى دون حاجة للاستماع إلى أى شرح، فرفع سفينة أو مركب كبير عن مستوى الماء بهدف تثبيته ليس بأمر هين، ولكن ما يدعو للذهول هو أن تكتشف أن تلك اللحظات التى حبست أنفاسك أثناء متابعة تلك العملية الشاقة قد امتدت لما يقرب من ساعتين.

ربط السفينة بـ«الجنازير» و«الحبال» وإيقاف «المكن» ونزول بعض العمال للماء لمتابعة عملية التثبيت على الأخشاب العريضة الثقيلة التى تستقر عليها.. هى مجموعة بسيطة من مهام ثقيلة وعديدة يتقاسمها

عمال الإصلاح المكلفين بصيانة إحدى السفن، وسواء كانت خشبا أو لحام حديد، فإن تحديد المطلوب عمله يُضاف إلى قائمة المهام الأساسية التى يقوم بها فى الغالب 12 عاملاً يعلم كل منهم دوره والمهمة الموكلة إليه، لتأتى المرحلة الأخيرة فى الصيانة بـ «لمسة فنية» تضيفها بعض الرسومات على جانبى السفينة أو عبارات يتبارك بها صاحبها أو «عيون» لمواجهة الحسد وهناك من يرغب فى كتابة أسماء الأبناء والأحفاد «علشان الأطفال وشهم ورزقهم حـلو».

«شغلتنا صعبة بس بنحبها» عبارة تتكرر على الألسنة دون اتفاق، ويثبت صدقها بتحدى الموت بـ «لايف جاكيت احتياطي» لبعض العاملين الذين يتعرضون لمخاطر السقوط المفاجئ أو الغرق فى البحر، ويتجاوزه غيرهم بـتحدى الوجود لساعات طويلة فى المياه طوال أيام الشتاء الباردة، وغيرها من التحديات. التى يتقبلها كل منهم بصدر رحب وحب كبير لمركب العمر.

هل يتحقق حلم الدمايطة الضائع ما بين الحكومات المتعاقبة من انشاء ميناء للصيد بخدماته وحدة اسعاف طبي بحري وانشاء وحدة طراد سريع للانقاذ ووحدة مطافي بحرية وترسانة بناء وإصلاح سفن ؟

ما زال الحلم قائما ونطمح إلى تحقيقه بمشاركة أبناء دمياط الأبرار .

منقول بتصريف

هنـد رأفــت [عدسة ــ شريف عاشور]