حدث في 20 رمضان

حدث في 20 رمضان

فتح مكة:

من أعظم الفتوحات التي حدثت في شهر رمضان هو فتح المسلمين لمكة؛ حيث أصبحت راية الإسلام عالية خفَّاقة، ولما ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة دخل المسجد والأصنام منصوبة حول الكعبة فجعل يطعن بسية قوسه في عيونها ووجوهها، ويقول: ﴿ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾ [الإسراء: 81]، ثم أمر بها فكُفأت على وجوهها.

وأظهر الأقوال في ذلك – والله أعلم – ما نقله ابن كثير في تفسيره 254 / 4 من أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتَح مكة بعث خالد بن الوليد إلى نخلة، وكانت بها العزَّى فأتاها خالد وكانت على ثلاث سمرات، فقطع السمرات وهدم البيت الذي كان عليها ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: ((ارجع فإنك لم تصنع شيئًا))، فرجع خالد، فلما أبصرته السدنة وهم حجبتها أمعنوا في الجبل وهم يقولون: يا عُزى يا عُزى، فأتاها خالد فإذا امرأة عريانة ناشِرة شعرها تحفن التراب على رأسها، فغمَسها بالسيف حتى قتلها، ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: ((تلك العُزَّى))[1].

كان سبب الفتح – كما ذكر أهل السير – أن قريشًا نقضت الصلح والعهد والميثاق الذي أبرمته مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث تظاهرت بنو بكر وقريش على خزاعة، التي انضمت يوم الصلح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذهب أبو سفيان إلى المدينة؛ ليسترضي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعتذر عما وقع، لكن أمر الله كان قدرًا مقدورًا، فقد كان ذلك سببًا للفتح الأعظم.

خرج الرسول صلى الله عليه وسلم من المدينة بعشرة آلاف من المسلمين متجهًا لفتح مكة، في أواخر العشر الأول من شهر رمضان المبارك، من السنة الثامنة للهجرة، ولحق به ألفان أيضًا من القبائل المسلمة حول المدينة، فصار قوام الجيش اثني عشر ألفًا، ودخل مكة فاتحًا صباحًا في أواخر العشر الثاني من الشهر نفسه[2].

دخل الرسول محمد عليه الصلاة والسلام مدينة مكة المكرمة، منتصرًا هو وجيش المسلمين على كفار قريش، بعد معركة شارك فيها مئات من الأنصار والمهاجرين وعلى رأسهم خالد بن الوليد والزبير بن العوام، وأبو عبيدة بن الجراح.

دخل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم المسجد الحرام، ليُطهِّره من الأصنام، وخطب أمام قريش وعفا عنهم، وسلم مفتاح الكعبة إلى عثمان بن طلحة، وقال له: ((خذوها خالدةً تالدةً))، ثم أمر بلال بن رباح فأذن من فوق الكعبة لأول مرة.

بناء مسجد القيروان:

كانت القيروان عاصمة الأغالبة منذ أسَّسها الفاتح عقبة بن نافع سنة (50 هـ – 670م) مركز علم وثقافة تتوقَّد حيوية وإشعاعًا، وأيضًا كانت قاعدة تنطلق منها الجيوش الإسلامية، وجعل المسلمون مِن جامعها القلب النابض، لكن الجامع يكتسب ملامحه إلا في عهد الأغالبة لما أحاطوه من عناية فائقة حتى أصبح روعة من روائع العمارة الإسلامية في إفريقيا والمغرب الكبير، وكان له من الواقع على الخيال الجماعي ما يسَّر حياكة الأساطير، فهذه تتعلق بضبط القِبلة، وأخرى تتناول تطهُّر الموقع من الضواري وغيرها[3]، وقد بناه عقبة بن نافع في مدينة القيروان التي أسسها بعد فتح إفريقية (تونس حاليًّا).

كان الجامع حين إنشائه – على أغلب الظن – بسيطًا صغير المساحة، تستند أسقفه على الأعمدة مباشرة، دون عقود تصل بين الأعمدة والسقف، ولكن تم تجديده في العصور التالية على يد الحكام حتى وصل إلى صرح إسلامي كبير، حتى أصبح أضخم المساجد في الغرب الإسلامي، وتبلغ مساحته الإجمالية ما يناهز 9700 متر مربع، ومقياسه كالتالي: ما يقارب 126 مترًا طولاً و77 مترًا عرضًا، وبيت الصلاة فيه واسع، ومساحته كبيرة يستند إلى مآت الأعمدة الرخامية، هذا إلى جانب صحن فسيح الأرجاء تُحيط به الأروقة، ومع ضخامة مساحته فجامع القيروان الكبير أو جامع عقبة بن نافع يعدُّ أيضًا تحفةً معمارية وأحد أروع المعالم الإسلامية.


[1] نقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله – عز وجل – من التوحيد (2 / 818).

[2] www.alukah.net / spotlight / 0 / 3350.

[3] شبكة البيضاء برس: “جامع القيروان”، أول بناء إسلامي في إفريقيا.