حدث في 14 رمضان

حدث في 14 رمضان

تولّي طومان باي عرش السلطنة في مصر:

هو الأشرف أبو النصر طومان باي آخر سلاطين المماليك الشراكسة في مصر، فهو السلطان الوحيد الذي شنق على باب زويلة، استلم الحكم بعد مقتل عمه السلطان الغوري بموقعة مرج دابق بعد أن عينه نائبًا له قبل خروجه لقتال العثمانيين, وبعد قتله أجمع الأمراء على اختياره سلطانًا لمصر.

وقد دام حكم طومان باي لمصر مدة ثلاثة أشهر ونصف الشهر، حيث استولى العثمانيون على مصر في التاسع والعشرين من شهر ذي الحجة للعام الهجري 922، الموافق للثاني والعشرين من شهر كانون الثاني للعام الميلادي 1517، وأمر السلطان العثماني سليم الأول بإعدام طومان باي بعد ثلاثة أشهر، وبتفصيل أدق: ظل طومان باي يعمل على المقاومة بما تيسر له من وسائل، واجتمع حوله كثير من الجنود وأبناء الصعيد حتى قويت شوكته، غير أنه أدرك أن هذا غير كافٍ لتحقيق النصر، فأرسل إلى سليم الأول يفاوضه في الصلح، فاستجاب له السلطان العثماني، وكتب له كتابًا بهذا، وبعث به مع وفد من عنده إلى طومان باي، لكن الوفد تعرض لهجوم من بعض المماليك وقتل بعض رجاله؛ فحنق السلطان سليم الأول وخرج لقتال طومان باي بنفسه، والتقى الجيشان قرب قرية “الوردان” بالجيزة في (9 من ربيع الأول 923 هـ = 1 من أبريل 1517م)؛ حيث دارت معركة حامية استمرت يومين، وانتهت بهزيمة طومان باي وفراره إلى البحيرة.

لجأ طومان باي إلى أحد رؤساء الأعراب بإقليم البحيرة طالبًا منه العون والحماية، فأحسن استقباله في بادئ الأمر، ثم وشى به إلى السلطان سليم الأول، فسارع بإرسال قوة للقبض عليه فأتت به إليه، وأخذ السلطان يتأمله معجبًا بشجاعته وفروسيته، ثم عاتبه واتهمه بقتل رسله الذين أرسلهم لمفاوضته في الصلح، فنفى طومان باي التهمة عن نفسه، وبرر استمراره في القتال بأن الواجب يحتم عليه هذا، وكاد السلطان العثماني من إعجابه بشجاعة طومان باي أن يعفو عنه، ولكنه لم يفعل تحت تأثير الوشاة الذين حرّضوا السلطان على قتله بحجة أن لا بقاء لملكه في مصر ما دام طومان باي على قيد الحياة.

وفي يوم 21 من شهر ربيع الأول 923 هـ = 15 من أبريل 1517م، أخرج طومان باي من سجنه، وسار وسط حرس عدته 400 جندي إلى باب “زويلة”؛ حيث نصبت له مشنقة فتقدم لها هادئ النفس ثابت الجنان، والناس من حوله يملؤون المكان، حيث لقي حتفه وسقط ميتًا؛ فصرخ الناس صرخة مدوية تفيض حزنًا وألمًا، وظلت جثته معلقة ثلاثة أيام ثم دفنت في قبة السلطان الغوري، وبموته انتهت دولة المماليك، وسقطت الخلافة العباسية، وأصبحت مصر ولاية عثمانية[1].

مولد الأمير عبدالرحمن الناصر:

هو عبدالرحمن بن محمد، ابن الأمير عبدالله بن محمد بن عبدالرحمن بن الحكم الربضي بن هشام الرضي بن عبدالرحمن الداخل، كني بأبي المطرف، ولقب بالناصر لدين الله.

تلقى عبدالرحمن الناصر من جده الأمير عبدالله العناية وولاه العهد من بعده، وربما كان ذلك تعويضًا لفقدان ابنه محمد، فما أن شب عبدالرحمن الناصر حتى ظهرت عليه علامات النجابة والذكاء، وكان عند حسن ظن جده الذى توسم فيه الخير، ولما توفي الأمير عبدالله تولى حفيده الناصر الحكم، وكانت الأندلس يومها تحتاج إلى الهمة العالية والسياسة الحكيمة لحل مشاكلها.

كان الناصر أميرًا حازمًا، وذكيًّا عادلاً، وعاقلاً شجاعًا، محبًّا للإصلاح وحريصًا عليه، قاد الجيوش بنفسه، فأنزل العصاة من حصونهم؛ لشجاعته وسياسته الحكيمة بالسيف أو بالسياسة الرشيدة التي اتبعها.

قال عنه الذهبي: لم يزل عبدالرحمن يغزو حتى أقام العوج، ومهد البلاد، ووضع العدل، وكثر الأمن، ثم بعث جيشًا إلى المغرب، فغزا برغواطة بناحية سلا، ولم تزل كلمته نافذة، وسجلماسة، وجميع بلاد القبلة، وقتل ابن حفصون[2].

لقي الناصر لدين الله ربه بعد حياة حافلة بالجهاد في سبيل الله وعمره ثلاث وسبعون سنة وسبعة أشهر، وقد توفي يوم الأربعاء لليلتين خلتا من شهر رمضان المعظم سنة 350هـ؛ فكانت خلافته خمسين سنة وستة أشهر وثلاثة أيام[3].

وفاة مظفر الدين كوكبوري:

ولد مظفر الدين أبو سعيد كوكبوري بن زين الدين علي بن بكتكين بن محمد التركماني في إربل في 27 محرم (549هـ- 1153م)، وكلمة “كوكبوري” تركية معناها: “الذئب الأزرق”، وقد اشتهر بهذا اللقب؛ تقديرًا لشجاعته وإقدامه. و”إربل” مدينة كبيرة، تقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة “الموصل” العراقية، على بعد (80) كم منها، ونشأ في أسرة تركمانية تتكون من أبيه زين الدين علي كجك بن بكتكين بن محمد، وأخيه الأصغر زين الدين يوسف.

شارك “مظفر الدين” في معظم الحروب التي خاضها صلاح الدين ضد الصليبيين، بدءًا من فتح “حصن الكرك” سنة 580هـ، وتولى قيادة جيوش الموصل والجزيرة في معركة حطين بقيادة صلاح الدين الأيوبي؛ حيث كان هو الذي اقترح على صلاح الدين الأيوبي حرق الحشائش التي كانت تحيط بأرض المعركة، ولما انتهت النيران حملت الرياح الدخان واللهب على وجوه الصليبين وشلت حركتهم.

كان المظفر ملكًا عادلاً إنسانًا، اهتم بنشر العلم وتشجيع العلماء، ونهض بالزراعة والتجارة، واهتم بذوي الاحتياجات الخاصة، واهتم أيضًا بالأسرى، فكان يرسل نوّابه إلى الصليبيين لفداء الأسرى، وكان يرسل الغذاء والكساء إلى الفقراء في شتى أراضي المسلمين.

ظل مظفر الدين يحكم مدينة إربل نصف قرن من الزمان حتى جاوز عمره الثمانين عامًا، ثم وافاه الأجل في يوم الأربعاء في الرابع عشر من رمضان عام 630هـ في إربل، وكانت له وصية أن يُدفن بمكة، فلما توجَّه الركب إليها بجثمان مظفر الدين ليدفن بها، وجدوا أن الماء معدم في مكة، فرجعوا من الطريق ودفنوه بالكوفة بالقرب من مشهد الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه[4].

ولاية السلطان حسن بن الناصر محمد قلاون:

هو الناصر أبو المعالي حسن بن الناصر محمد بن قلاون، وهو السابع من أولاد الناصر محمد بن قلاون، ولد في سنة ( 735هـ – 1334 م)، ولي الحكم سنة 748 هجرية (1347م) بعد أخيه الملك المظفر سيف الدين حاجي وعمره 13 عامًا. وهو صاحب أعظم أثر إسلامي في مصر، المعروف باسم مدرسة السلطان حسن.


[1] http://www.yabeyrouth.com/pages/indexramadan14.htm

[2] سير أعلام النبلاء.

[3] عبدالرحمن الناصر لدين الله (قصة الإسلام).

[4] الذهبي: سير أعلام النبلاء 22/334 – 337.